المتأسلمون.. و السؤال المرعب..!!
علي يس
يوم أن سمعت الفريق شمس الدين الكباشي جانحاً إلى التفلسف – وتلك كانت المرة الأولى التي أسمع فيها قائداً عسكرياً (يجازف) التفلسف – كان قد سبق ذلك “فاصل” التحقيق الذي انفردت به “المشير” سناء حمد مع قادة ما يسمى بالقوات المسلحة، وعلى رأسهم أخيها في الله شمس الدين الكباشي، و كان الاستنتاج الأقرب يومها أن التفلسف الذي جازفه الكباشي، مكرهاً، كان تلبية لنصيحة من نصائح سناء حمد (على هامش التحقيق، طبعاً..!!).
لهذا لم أندهش مطلقاً حين سمعت سناء حمد تردد، بالحرف، ما سبق أن لقنته الكباشي على هامش تحقيقها ذاك.
كان الكباشي قد سخر، في إحدى مخاطباته، من السؤال المنطقي والبديهي، الذي نصه: (من الذي أطلق الرصاصة الأولى في هذه الحرب..؟؟).
كان هذا السؤال حاضراً في الأذهان منذ اللحظة الأولى للحرب، وكان سؤالاً مزعجاً جداً لمتأسلمي المؤتمر الوطني، فجاهدوا جهاداً عظيماً في الإنكار، حد القسم المغلظ أنهم لم يطلقوا الرصاصة الأولى، وأن الدعم السريع هو من بادر بمهاجمة القيادة العامة ومنزل القائد العام، حتى إن الكثيرين أوشكوا أن يصدقوا روايتهم لولا الشواهد الكثيرة التي يستحيل إنكارها.
حين رأت (الحركة المتأسلمة) صعوبة إقناع الناس بأن الدعم السريع هو مطلق الرصاصة الأولى، لجأ متفلسفوها إلى الإقرار الضمني بأنهم من بدأ إطلاق النار في المدينة الرياضية، ولكن…
ما بعد “لكن” هذه كان هو التبرير الفطير الذي حاولوا استغباء الناس به، من أن قائد الدعم السريع ذهب بقواته إلى مروي، دون إذن من قيادة الجيش..!!.. مع أن القانون الذي أنشئت بموجبه قوات الدعم السريع – مهما كان رأينا في هذه القوات – والذي أجازته أعلى سلطة تشريعية في البلاد، أيا كان رأينا في هذه السلطة، ينص على استقلالية قوات الدعم السريع وعدم خضوعها لقيادة القوات المسلحة، وبالتالي حرية قيادتها الكاملة في تحريكها إلى أية بقعة داخل حدود الوطن.. وبالتالي، يسقط التبرير الفطير، كما سقط البشير..
حين بعث كرتي سناء للتحقيق مع قادة الجيش، حملها بالطبع تلك الوصية.. أن تلقنهم كيفية التفلسف، والتشكيك في وجاهة السؤال: (من الذي أطلق الرصاصة الأولى؟؟؟) ووصفه – كما فعل الكباشي – بالسذاجة!!!.
وهذا طبعاً هو ذات ما حاولت سناء أن تقنع به الناس خلال لقائها بفضائية الجزيرة..
لعل المتأسلمين انتبهوا، مؤخراً جداً، إلى خطر هذا السؤال: من الذي أشعل شرارة الحرب..؟..
لأن لهذا السؤال تفرعات مهولة، كل فرع منها قادر على كسر شوكة المتأسلمين إلى أبد الآبدين..
فإن إجابة السؤال: من الذي أطلق الرصاصة الأولى؟ هي ذات الإجابة الصادمة لأسئلة مخيفة أخرى، مثل:
من الذي أخرج الناس من بيوتهم؟؟.
من الذي أهدر دماء آلاف المدنيين الأبرياء؟؟..
من الذي تسبب في نهب ممتلكات الناس؟ تشريدهم؟ نزوحهم؟ إفقارهم؟ جوعهم؟ إمراضهم؟ تدمير المستشفيات؟ المدارس والجامعات؟ بل كل البنى الأساسية؟؟..
من الذي يجب محاسبته على تدمير حياة أربعين مليوناً من البشر؟؟؟؟..
الجواب البدهي طبعاً:
– هو من أطلق الرصاصة الأولى..
هذا السؤال وجوابه، يجب أن يذكرهما ويعيهما وعياً تاماً كل فرد من أفراد هذا الشعب الذبيح.