تقرير ــــ هبة محمود سعيد
في الوقت الذي تتسيد فيه البلاد حالة من الترقّب، حيال التشكيل الحكومي الجديد برئاسة رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك، تفاجأ الجميع وعلى غير المتوقع بتأجيل إعلان الحكومة لـ(48) ساعة.
تأجيل وصفه مراقبون بالمُقلِق، وربما أدى إلى المزيد من التعقيدات، وسط مخاوف من تكرار مشهد تأخر إعلان المجلس السيادي، الذي تم تأجيله إلى 48 ساعة قبيل الإعلان عنه.
وفي تصريحات سابقة لعضو المجلس السيادي الفريق ركن شمس الدين الكباشي، فإن التأجيل يأتي بغرض المزيد من التشاور والاطلاع من قبل المكون العسكري بالمجلس السيادي ومن ثم رفع قائمة المرشحين إلى رئيس الوزراء، مؤكدًا أن مرحلة التشاور قد تؤدي إلى إسقاط بعض الأسماء، ليبقى سؤال عريض حول تعقيدات تشكيل الحكومة المقبلة.
وزارات ومجالس
حالة من الملل بدأت تنتاب الشارع السوداني حيال تعقيدات المشهد في السودان منذ سقوط النظام السابق في أبريل الماضي، وذلك جراء الصراع والتجاذب بين مكونات قوى الحرية والتغيير وبين أعضاء المجلس العسكري التي انتهت بتشكيل المجلس السيادي عقب مخاض عسير سبقته جولات ماراثونية من التفاوض كللت الأسبوع الماضي بتكوين مجلس السيادة.
وقبل الانتهاء من جدل السيادي يجد المواطن نفسه مجدداً أمام جدل تشكيل الحكومة الانتقالية.
الفريق ركن ياسر العطا أكد في تصريح خاص لـ”الصيحة” أن التأخير في إعلان الحكومة للمزيد من التشاور حول المجالس والوزارات وليس في الأشخاص، وقال: نريد أن نجلس مع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك للتشاور حول وزارات رئيسية يريد إضافتها لم تتم إضافتها من قبل التغيير، وأضاف: الانتظار من أجل التجويد وسيتم الإعلان عن الحكومة في منتصف الأسبوع القادم إن شاء الله.
وزراء بالقطاعي
التأخير في التشكيل الحكومي وصفه المحلل السياسي بروفسير حسن الساعوري بـ”الشغل الني”، في إشارة منه إلى عدم الوعي السياسي لمكونات إعلان قوى الحرية والتغيير، مؤكداً أنهم بحاجة إلى تعلم الأولويات.
وبحسب الساعوري للصيحة، فإنه كان أمام قوى التغيير وقت طويل، إلا أن الخلافات بين هذه المكونات هي التي قادت إلى هذا التأخير، وقال: لن تقتصر الفترة المحددة لتشكيل الحكومة على 48 ساعة فحسب وستمتد إلى وقت آخر، وأضاف: أمامنا المزيد من الانتظار .
وفي السياق، طالب الساعوري بتعيين الوزراء المتفق عليهم، ويتم أداء القسم لأن ظروف الدولة لا تسمح، وقال: ما دام ما قادرين يتوافقوا على وزراء بالإجماع، فنحن أمام ورزاء بالقطاعي.
من جانبه، اعتبر أستاذ العلوم السياسية الأستاذ الرشيد محمد إبراهيم في حديثه للصيحة، التأخير في تشكيل الحكومة الغرض منه مزيد من التجويد، مؤكداً أن الأمر غير مخل، وقال: نحن بحاجة إلى التجويد والتشاور وعمل الفحص الأمني ومراجعة الأخطاء حتى لا نقع في ما وقعت فيه الحكومة السابقة، وأضاف: مرور القائمة على المكون العسكري داخل المجلس السيادي أمر يتوافق ومصلحة البلاد.
خط أحمر
الفحص الأمني للمرشحين قبل إجازتهم يعد جواز مرور نحو الحقائب الوزارية، عقب إجازة المرشح من المكون العسكري بالمجلس السيادي. وبحسب الخبير الأمني “حنفي عبد الله” للصيحة، فإن الملف الأمني للمرشح يعتبر خطاً أحمر، مؤكداً أن الفحص لا يأخذ وقتًا طويلاً، وهو روتيني ومتعارف عليه منذ عهد الاستقلال، حيث يتم إدخال اسم المرشح لمعرفة ما إذا كان يمثل مهدداً أمنياً أم لا، وقال: بحسب الوثيقة، فإن المكون العسكري داخل مجلس السيادة يجب أن يقر هذه الترشيحات ومن ثم الدفع بها إلى رئيس الوزراء لغإجازتها بشكل رسمي، وأضاف: لكن قبل ذلك وأهم شيء وهو يجب الابتعاد عن المحاصصة السياسية في اختيار المرشحين وأن يكون التركيز على الكفاءات حتى تستفيد البلاد من خبراتهم.
فلاش باك
وكان رئيس الوزراء “عبد الله حمدوك” قد شدد في أول تصريح له عقب أداء القسم، على الكفاءة، وذكر أن قائمة الترشيحات المقدمة له من قبل إعلان قوى الحرية والتغيير إن لم تستوفِ الشروط، فسوف يقوم برفضها، وقد اعتبر كثيرون الرجل من قوة الشخصية بمكان، والتي ربما أدت إلى صراع وفك ارتباط بين الرجل ومكون التغيير أسوة بما حدث سابقاً بين النميري والحزب الشيوعي، وبين البشير وعرّابه الترابي.
حمدوك أدى القسم الأسبوع الماضي رئيسًا للوزراء لمرحلة انتقالية قوامها ثلاث سنوات، وكان من المفروض أن يلتئم أول اجتماع للحكومة الانتقالية في الأول من سبتمبر بحسب المصفوفة الزمنية الموضوعة لإعلان قوى الحرية والتغيير، إلا أن بعض الإجراءات حالت دون ذلك، وقد أعلن حمدوك أمس الأول عن تسلمه قائمة ترشيحات بلغت 49 مرشحاً ومرشحة لـ14 وزارة و16 مرشحاً ومرشحة لـ5 مجالس وزارية متخصصة.