بعد (أم بعر وأروري وكرنوي).. جدة تليق بكم
إبراھیم خراشي
كثيرون ممن لم يعايشوا تجربة الحروب المريرة في السودان عن قرب، نفخوا كير الحرب مبكراً ونادوا بها مراراً وتكراراً ظناً منهم أن النصر سيأتي قريباً وأن الكسب السياسي عبر منظومه الإبادة الجماعية قد اقترب أوانه، لم تكن لهم سابق معرفه بتجربة الحروب، كانوا يظنون أن في الحرب توزع الورود وتبادل البسمات، أو ربما تفسر لهم تخيلاتهم وتصوراتهم الذهنية الخاطئة، حال الحرب كحال من شاهد فيلم اكشن عبر فضائيه Max أوMBc ينسى كل شئ بمجرد انتهاء الفيلم.
ما أود أن اقوله إن من عاشوا تجربة الحروب لسنين طويلة نجدهم مؤمنين تماماً بمقوله الفيلسوف جورجياس (التجربة مصدر المعرفة) لأنهم عاشوا تجربه الواقع المرير بالعين لا بالسمع، فأدركوا أن تجربة الحرب تجربة قاصية ومؤلمة ومن غير نتائج مثمرة ولا رابح فيها من بين المحاربين.
بعد مرور عام ونيف من حرب اسلاميو السودان لازال مواطني العاصمة والاقاليم يناموا على قصف سلاح الجو ويصحوا على فرقعات الهاون والدوشكا دون أن يناموا على وسادة السعادة والطمأنينة، قل لم يناموا أصلاً بسبب الخوف والرعب الذي أدخله في قلوبهم طيران قيادة نظام الجبهة الإسلامية.
أغلبية الذين قرعوا طبول الحرب مبكراً من السياسيين والناشطين وصحفيات التحويلات البنكية لم تكن لهم سابق تجربة مع الحروب ولم يفقدوا من بين أسرهم أناس عزاز من الشباب والأطفال تشعرهم بالآلام والأحزان لذلك عزفوا على وتر إشعال الفتنة وابنائهم يناموا فوق العمارات الشاهقة في تركيا ومصر وماليزيا.
حرب الإمكانيات المالية، ظلت تدار لأكثر من 50 عاماً بواسطة قوة مسيطرة على الثروة والسلطة، تمتلك كل أدوات الحرب من أجل حرق من يخالفهم الرأي، فاحرقوا الجنوب ولم يتركوا شبراً من أرض الجنوب لم تطالها يد البطش والتعذيب.
ثم استمر الحال في باقي أقاليم السودان الأخرى، متى يدركوا رويبضات الجبهة الإسلامية المسيطرون على الشركات والمؤسسات الرأسمالية للدولة أن سودان الأمس ليس بسودان اليوم فقد تبدلت المواقف والأراء وتساوت الكتوف وأصبح المردوف ليس بمردوف أو ربما قابض على اللجام، لذا يجب أن يتخلوا الواهمين عن التفكير البائد فتلك مرحلة قد عفى عنها الزمن ولا تتماشى مع متطلبات المرحلة الحالية.
قيادات جيش اسلاميو السودان وحلفائهم ظلوا يعيشون على الاحلام والتخيلات متوقعين بأنهم قادرون على حسم المعركة عسركياً، رافضون لكل المبادرات الإقليمية والدولية بحج لا منطقية.
بعد الهزيمة الساحقة والمهزلة المضحكة للجيش وحلفائه في معارك (أم بعر واروري وكرنوي) بشمال دارفور؛ على قيادة جيش الاسلاميين أن يتخذوا قراراً شجاعاً وأن يذهبوا إلى جدة حفاظاً على ماء وجههم وعلى ما تبقى لهم من الجنود بإقليم دارفور.
أذهبوا فبعد (أم بعر وأروري وكرنوي) جدة تليق بكم، أذهبوا وإلا ستظلوا أضحوكة لدي الآخرين.