صوت الشعب يوقف الحرب
صوت الشعب يوقف الحرب
يعقوب نورين
لعل حرب الخامس عشر من أبريل ٢٠٢٣م هي الحرب الوحيدة مع الحروب التي لم تقف في السودان من قبل الاستقلال التي خبأ فيها صوت الشعب تماماً ولم يسمع له صدي مع مضاعفة معاناته قتلا وتشريدا ونزوحا وهياما على الوجوه بلا دليل أو هادي.
الشعب الآن انقسم إلي أثنين لا ثالث لهما إما داعما للجيش أو داعماً للدعم السريع، إذا لماذا يدعم البعض الجيش مع العلم التام بأن هذا الجيش لا يمثل السودانيين بمختلف تنوعهم وتوزيعهم الجغرافي وللإجابة علي هذا السؤال نجد أن هذا الجيش المستفيد الوحيد منه هو النخبة الحاكمة في السودان فهم أصحاب الامتياز الحقيقي لأن الكلية الحربية مفصلة علي مقاسهم والملحقيات العسكرية تنتظرهم بفارق الصبر والترقي الوظيفي ليس أمامه عوائق والأهم من ذلك أنهم القيادة وفوق الجميع وبالتالي المصالح المشتركة والمتداخلة هي الرباط الذي لا تنفك عراه بين الجيش وتلك المجموعات الداعمة له وحصل بينهم زواج كاثوليكي الجيش والساسة من جهة والرأسمالية الطفيلية من جهة أخري.
ولماذا يدعم البعض قوات الدعم السريع وتأتيك الإجابة بأن الدعم السريع الآن في نظر محبيه وداعميه يمثل امتداد لحركات التحرر الوطني في السودان والتي واجهتها الدولة العميقة بكل تفرعاتها وجذورها واجهضتها في مهدها، فالدعم السريع الآن يمثل للغالبية العظمي في دارفور وكردفان والوسط والشرق وحتى الأحرار في الشمال المنقذ من قبضة الدولة المركزية التي ما فتئت تبطش بالأقاليم والشعب وتنهب الموارد وتوظفها لصالح داعميها فتجدهم قد اغتنوا بإفقار الأخرين وحكموا بعد أن قتلوا وشردوا ودمروا مقدرات البلد والشعب.
اليوم الدعم السريع هو المسيطر على نسبة تفوق ٨٠ في المية من الأقاليم الغنية ذات الموارد المهولة بالإضافة إلى من يمثلون غالبية الشعب هم في صف الداعمين والمؤيدين للدعم السريع.
إن انعدام المنطقة الوسطي في هذه الحرب يمثل الفيصل بين من يسعي لبناء وطن للجميع تتساوي فيه الحقوق والواجبات وبين من يكرس للهيمنة والتسلط التاريخي لنخبة فشلت في تحقيق الوطن الذي يحلم به الجميع.
دعاوي أنصار الجيش التي تصنفك بأنك خائن وعميل وبايع للوطن ما هي إلا تغطية على سوءات هذه الجيش وقيادته الفاسدة والمفسدة.
أنت كمواطن من حقك أن تجهر بقولك بلا خوف من تصنيف أو اتهام فإن المواقف تصنع الرجال وأحياناً الرجال يصنعون المواقف.
إن التزام الصمت لن يجدي مع قضايا الوطن فعليك أن تحدد موقفك كمواطن مجرد من التبعية إلى هؤلاء أو إلي أولئك.
ربما تجدني غير ميال لإلقاء اللوم علي الشعب في موقفه وصمته تجاه ما يجري من حرب خاصة الذين اكتووا بنيران الحرب عند اندلاعها في الخرطوم فهؤلاء لا حول لهم ولا قوة، وإن كان لي صوت لوم فهو موجه للذين في خارج السودان فهم أيضاً صاروا ضحية لمنطق التصنيف والتخويف والتخوين، بالإضافة إلى أن نظام الإنقاذ المباد بأمر ثورة ديسمبر المجيدة قد دجن الجاليات السودانية في الخارج وجعلها تعمل لصالحه وقد رأينا كيف كان يستخدمها في الحصول على الأصوات في انتخاباته المضروبة والمزورة ، وقد نجح نظام الإنقاذ في حشر عضويته من المتسلقين والمتملقين في جسد المكاتب التنفيذية للجاليات السودانية مما جعل الجاليات تدور في فلك ما يريده النظام ولم تخدم أفراد الجاليات أو الوطن بل العكس تماماً استخدمت الجاليات لدعم ما يسمي بالمجهود الحربي في حروبها التي أحرقت الأخضر واليابس وليس هذه الحرب التي تدور رحاها الآن ببعيدة عن مكرهم وتخطيطهم لاذلال الشعب وأن يكون (سودان بفهمهم أو لا سودان كما قال الكباشي).
وبعد زوال النظام كان على الوطنيين الأحرار من السودانيين أن يقولوا لا للحرب فعلاً ويتبعوا القول بالفعل، ولكنهم آثروا الصمت أما لأنهم تماهوا مع دعاوي دعاة الحرب بأنها حرب الكرامة أو تأثروا بما يقول سفهاء الميديا بأن هذه الحرب ضد التمرد كما يزعمون وفي الحالتين سوف يسجل التاريخ هذه المواقف المخجلة من أناس يعيشون في سلام وأمان ووطنهم وأهلهم تفعل فيهم حرب الكيزان الأفاعيل.
هنالك أدوارا عظيمة تقع على عاتق من هم في الخارج بتسيير المواكب والوقفات الاحتجاجية وتسليم المذكرات للمؤسسات الدولية ويقولوا فيها بالصوت العالي لا للحرب.
وقد يظن البعض أنهم في سلام ما داموا خارج الوطن ولكن نقول لهم إن سلامتكم في سلامة الوطن.