البرهان وانتصارات المنابر ‼
علي أحمد
رفض قائد الجيش عبد الفتّاح البرهان في واحدة من خُطبة المكرورة الماسخة، حيث كان يتحدث أمس أمام ضباط وجنود منطقة وادي سيدنا العسكرية، رفض أي مفاوضات من أجل السلام لا مع الدعم السريع ولا الجلوس مع تنسيقية القوى الديمقراطية (تقدّم)، إذ اعتبرها بشكلِ مُبطّن وغير مباشر؛ تؤيد الدعم السريع، تماماً كما يردد كيزانه!.
ظلّ هذا الرجل الذي فقد كل شئ وأصبح نهباً حتى لـ(اللايفاتية) مدفوعي القيمة، يُردِّد منذ بداية الحرب بحماقة بالغة وسوء تقدير للموقف الميداني والسياسي، بأنه ماضٍ في هذه الحرب الخاسرة، يقول ذلك في الوقت الذي تُحذِّر فيه الأمم المتحدة من مجاعة ضارية وغير مسبوقة ستضرب أكثر من نصف سكان السودان ضرباً موجعاً وتضع البقية على شفيرها، وفي وقتٍ تجذّرت فيه قوات الدعم السريع في وسط وجنوب شرق السودان حيث الزراعة الضخمة والمشروعات الكبرى المروية والمطرية (الجزيرة، الدالي والمزموم) فيما تتجه ناحية القضارف والدمازين وترابط بالقرب من شندي!.
وكأن هيبة القوات المسلحة لا تزال قيد التحقُق والوجود، قال الكذاب المعتوه المنفصل عن الواقع، إنه لن يخضع لأي ابتزاز بتفاوض يسلب هيبة وإرادة القوات المسلحة ولا يلبي طموح الشعب، فأين هي هيبة الجيش التي يتحدث عنها؟، جيش لم يتمكن من تحقيق انتصار واحد خلال حرب استمرت أكثر من عام، جيش يهرب قائده من عاصمته مهزوماً إلى أقصى مدينة في شرق السودان على ساحل البحر الأحمر حتى يتمكن من تأمين نفسه وضمان عدم وصول خصمة إليه، يتلقى الهزيمة تلو الأخرى، وآخرها كانت سحقه في جبل مويه وسنجة، أما إرادة الشعب الذي كلما رأى جيشه هارباً فر خلفه مذعوراً من مدينة ومن قرية إلى قرية ومن بلد إلى بلد، فهي مع السلام ووقف الحرب والتفاوض، وأما تلك الأصوات المرتفعة العالية التي ترفع شعار (بل بس) ويظنها هذا الرعديد الغبي تعبّر عن ارادة الشعب، إنما هي أصوات الكيزان الذي يمسكون بخناقه ويفرضون عليه إرادتهم ويضعونه تحت الضغط والتهديد.
فقد الرجل خلال أقل من أسبوع العديد من المدن والبلدات أهمها سنجة (جنوب شرق) والفولة (غرب كردفان)، وأصبحت قواته تفر من معسكراتها تاركة خلفها السلاح يجمعه المواطنون ويحفظونه في المخازن إلى حين وصول بعض الصبية الصغار من مقاتلي الدعم السريع لاستلامه جاهزاً (مُستفاً)، ولا يزال البرهان لا يعلم أن الجيش انهار وربما يتلاشى في القريب العاجل، ولا يعلم ان أكبر مورد سلاح لقوات الدعم السريع هو هذا الجيش نفسه!
علينا أن نعذر هذا القائد (الأسير) فمن لا يملك حريته لا يملك قراره، فالرجل لا يستطيع الإفلات من قبضة (الكيزان)، فعندما شعروا أنه ربما يتوجه إلى مفاوضات مع قوات الدعم السريع تحت وقع الهزائم، شنوا عليه حملة إعلامية ضارية عبر كلابهم المسعورة في وسائل التواصل الاجتماعي وطالبوا بتغييره أو قتله ووصفوه كعادتهم بالجُبن والخوار والتخاذل والتآمر، فصرّح بما صرح إرضاء لهم، لأن التفاوض يعني القضاء على هذا التنظيم الفاسد الشرير إلى الأبد، وربما يعني نفس الأمر بالنسبة للبرهان نفسه، لذلك ليس من سبيل أمامهم إلاّ القتال حتى لو أفنوا الشعب السوداني عن بكرة أبيه، فالشعب لا يعني بالنسبة لهم شيئاً، وهذا ما صرح به في خطابه المشار إليه آنفاً، عندما قال: ” لو خسرنا أشخاص فالسودانيون كُثر”، يريد أن يقضي على كل الشعب من أجل كرسي متهالك يضمه مع كيزانه!
لقد ظل البرهان يهدد باستمرار الحرب منذ وقت طويل، يهدد وهو مهزوم حيث سيطرت الدعم السريع على ثُلثى مساحة السودان عملياً ووضعت الثلث الأخير في مرمى نيرانها، فمنذ بداية الحرب هدّد باستخدام ما سمّاها القوة المُميتة التي لم ير الشعب منها إلا هزائم متلاحقة وهروب وفرار مستمرين، فهل هذا معقول؟.
بالله عليكم، أليس هذا الرجل مصاب بلوثة وجنون، فكيف لقائد يخسر خلال أقل من أسبوع أكثر من (5) مدينة وبلدة من الغرب إلى الشرق (الفولة، الميرم، جيل مويه، سنجة، المزموم، والدندر) بها فرق عسكرية ولواءات وحاميات، بينما تتعرض مدن أخرى لحصار محكم بما يمكن قوات الدعم السريع من اجتياحها خلال ساعات (الفاشر، سنار، المناقل، ربك، كوستي، الدويم، كنانه، القضارف، شندي)، ويتحدث عن خسارته معركة واحدة، ويقول: ” قد نخسر معركة ولكننا لم نخسر الحرب”، يا رجل، أي خسارة للحرب أكثر مما يحدث الآن؟!.