نواصل الحديث حول تقرير مجموعة الأزمات الدولية الذي جاء أشبه ببرنامج عمل قوى الحرية والتغيير، وفي نفس الوقت ليؤكد أيضاً أن عين المراقبين لم تخطئ هذه الأيام، وهي تتابع كل التحركات الدولية والإقليمية المحمومة بخصوص الشأن السوداني وتصفه في أقل حالاته بالمتابعة عن كثب وفي أقرب تفسيراته إلى التدخل النشط في تشابكات المعادلة السياسية السودانية، وكان الوضع الداخلي السوداني قد جذب المعادلة السياسية بالفعل طوال الشهور الأخيرة إلى ساحة انسداد خطير تجاوزت الأزمات الروتينية الداخلية وانتقل إلى آفاق عواصم إقليمية وعالمية بدأت تستشعر المخاطر التي تحيط ببلادنا وتهدد بقاءه بقوة الغضب الشعبي وتوالي الأزمات على البلاد سواء كانت أحداثاً مجتمعية أو شح وقود ودقيق وارتفاع في الأسعار غير مسبوق.
تلك كانت تقدمة لنواصل تقرير مجموعة الأزمات الذي في توصياته وصف اختيار تحالف المعارضة للدكتور، عبد الله حمدوك رئيساً للوزراء بالخطوة المشجعة، وقالت إن هذا الاختيار يشي بإدراكها الحاجة لرمز يملك القدرات المطلوبة للتصدي للتحديات المهمة التي تواجه البلاد خاصة الركود الاقتصادي الذي جلب البؤس لملايين السودانيين وأوردت المجموعة من الخطوات السريعة التي من شأنها دعم حكومة حمدوك الجديدة، وهي تبحر في مسار الانتقال وفي المقابل بدأت مؤسسات علاقات إعلامية تسويق شخصية حمدوك إعلامياً وظهوره لإبراز قدراته ومهاراته لبث مزيد من الطمأنينة في نفوس الذين اختاروه ودعموا ترشيحه من خلال سماع سيرته، وهذا الأسلوب يوضح أن ثمة تنسيق ما بين المؤسسات الدولية التي تنتج الأفكار والشخصيات وتلك الإعلامية التي تسوق هذه المنتجات للرأي.
من التوصيات نورد الآتي
1ـ على الاتحاد الأفريقي الذي لعب دوراً حاسماً في الوصول إلى الاتفاق أن يواصل دوره كضامن يمكنه فتح مسارات الحوار إذا وصل الطرفان إلى طريق مسدود آخذين في الاعتبار عدم الثقة في المعارضة والعسكريين فإن الاتحاد الأفريقي مسنود بالشركاء الآخرين بما فيهم الأمم المتحدة أن يكون حاضراً طوال الفترة الانتقالية حتى يحين موعد الانتخابات .
2ـ يتعين على الاتحاد الأفريقي تعيين مبعوث خاص لتوسيع مكتب الارتباط بالخرطوم ويمكن للأمم المتحدة أن تقدم لمن سيتولى المنصب الدعم الفني والذي يجب أن تكون له خلفية عن إدارة الاقتصاد الكلي على أن يتبع لرئيس الاتحاد الأفريقي ويرفع تقارير راتبة لمجلس السلم والأمن الأفريقي الذي تقع عليه مسؤولية مراقبة تنفيذ الاتفاق، وعلى مجلس السلم والأمن الأفريقي ألا يرفع تجميد السودان قبل أن تبدأ الإدارة الجديدة عملها.
3ـ يمكن للشركاء الخارجيين بما فيهم الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي والمؤسسات المالية الدولية أن ينسقوا جهودهم مع دول الخليج خاصة السعودية والإمارات لدعم الحكومة الانتقالية لتجاوز العقبات الاقتصادية.
4ـ ربما تدعو أمريكا لعقد اجتماع للداعمين المهمين مساعدات مالية للسودان ويمكن أن تشمل القائمة البنك الدولي وصندوق النقد وبنك التنمية الأفريقي والصندوق السعودي للتنمية وصندوق أبوظبي للتنمية، كما يمكن للحلفاء التاريخيين للسودان مثل قطر وتركيا المشاركة في إذ أن استبعادهما سيعمق من مخاطر التنافس الخليجي ـ الخليجين يمكن انفاق الأموال التي ستجمعها الآلية بإدارة مشتركة، وربما بإشراف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لما يملكه من خبرات في هذا المجال.
5ـ على الشركاء التأكيد على اقتران إعفاء الديون باحترام العسكريين لآمال الشعب السوداني في تشكيل المدنية وأن يتبع خطوات تنفيذ الاتفاق ومن بينه الحكومة وتشكيل المجلس التشريعي المتوقع بحلول شهر نوفمير القادم. انتهت التوصيات التي جاءت حاشدة بالأمنيات والمهددات والمخاطر على الأمن القومي للبلاد إلى جانب التحامل الواضح على العسكريين وتناسي صراعات مكونات قوى الحرية والتغيير واختلالات خطابها الإعلامي والسياسي. إن تقرير مجموعة الأزمات هو السبورة الخلفية التي تستشف منها قوى الحرية والتغيير برنامجهم السياسي وتنظيم مسار شراكتهم مع العسكر وما المخاوف من العسكريين التي وردت في التقرير إلا واحدة من أهم توجسات قوى الحرية والتغيير وعدم ثقتها في المجلس العسكري الذي قدم قرابين كثيرة لإثبات مصداقيته وحرصه على مصالح الشعب السوداني.
نواصل انشاء الله