الخرتيت (نجفة) صوت البرهان !
علي أحمد
لا شكّ أن لا وجه مقارنة بين (حنظلة)، تلك الشخصية الرمزية التي ابتدعها الفنان الفلسطيني ناجي العلي باوائل السبعينيات، وأصبحت أيقونة للثورة والنضال في العالم أجمع، وبين شخصية (نجفة) وهو الاسم الحقيقي لمالك عقار، النائب الصوري لرئيس مجلس سيادة (الفلول) غير المعترف به، وهو – أي نجفة – شخصية شديدة التعقيد والسبهللية في آن واحد، ركلت تاريخها النضالي الإسمي، مقابل منصب في حكومة انقلابية (كيزانية) غير معترف بها لا داخلياً ولا خارجياً، ولا تسيطر إلّا على جيب صغير ومساحة محدودة من السودان، وارتضي لنفسه الدنيّة بالعمل كخادم مطيع للمجرم (كرتي) وكخرتيت قذر يتمرغ في قذارة (البرهان) ويتلطخ بها، وصار رمزاً للدناءة والتفاهة!
و(نجفة) – هذا – ليس كتلة من الشحم فحسب، بل من الغباء والتبلُّد والجمود الذهني والخيال الفقير. وقد خرج علينا أمس وهو يتحدث إلى جمعٍ (غير غفير) من فلول النظام البائد؛ عن الموقف من المكالمة الهاتفية التي أجراها وزير الخارجية الأمريكية (بلينكن) مع قائد الجيش الكرتي يحثّه على استئناف التفاوض فى منبر جدة.
إلى هنا يبدو الأمر عاديّاً، لكن (البرهان) كجبان وذو وجهين استخدم – كدأبه- صوته العالي (نجفة) للتعبير عن موقفه من الدعوة، بطريقة سوقية مقززة ومقرفة – كما هو كذلك؛ دائماً – ليرُّد على وزير الخارجية الأمريكي خارج القنوات الرسمية (الدبلوماسية) وبعيداً عن الأعراف المتبعة في هذا السياق، ويتجاوز جميع سقوف (قلة الأدب) التي بلغتها الدبلوماسية السودانية في عهد الكيزان؛ حين كان الرئيس المخلوع يتحدث بمفردات قاع المدينة والحارات الشعبية مثل (تحت جزمتي) وما إلى ذلك مما أوصله إلى سجين طريد وحبيس ينقل من سجن إلى آخر مع اللصوص وقطاع الطرق!
الأخ (نجفة) صوت البرهان العالي تجاوز حدود الأدب واللباقة والكياسة والفطنة، حيث وزع اتهاماته يمنة ويسرة وبعثرها في الهواء الطلق، وكأنما ظنّ أنه لن يُحاسب عليها، فقد اتهم الولايات الأمريكية أنها منبع الحرب الدائرة الآن؛ بين مليشيات الفلول وقوات الدعم السريع، بقوله: “هذه الحرب زُرعت ونبعت في أرض أمريكية”، ثم عرّج إلى الاتحاد الأوروبي والإمارات، كما لم يوفر السعودية الشقيقة، حيث وصف مدينة (جدة) عروس البحر بأنها مجرد (دجاجة/ فرخة)، عندما قال : ” نحن ما ماشين جدة ولا جدادة”، فما ذنب جدة؟، ولماذا الابتذال والسفاهة والإساءة للمملكة السعودية الشقيقة؟ لكن هذا ديدن السُفهاء أبناء الأزقة والحواري، وصدق المثل الشعبي القائل (السفيه نبّذ الباشا).
لا يمتلك (نجفة) الذي يُمنّي نفسه البقاء في منصب الرجل الثاني في دويلة البرهان وعاصمتها (بورت كيزان) ولو لبرهة قليلة، أي خطة أو فكرة أو رؤية أو طرح؛ عن كيفية الاستمرار في الحرب، دعك عن رؤية لتحقيق السلام .. إنه رجل (اللحظة)، بل هو رجل (الشهوة) يعجز عن السيطرة على شهوة السلطة، تماماً كعجزة عن السيطرة على شهوة بطنه؛ رغم أنه يمشي بخطى متقدمة نحو الثمانين، فيا له من كهل بعقلية مراهق، وشيخٍ سفيه مُفارق للحكمة خارج عن الآداب العامة.
قال – أخزاه الله وأذله – أن الولايات المتحدة تريد أن تسوقهم كالأغنام إلى منبر (جدة)، في محاولة مستميتة منه لنفي (الحيونة) عن نفسه وبرهانه، وأنى له ذلك، فقد أكّد بتصريحاته الحمقاء الرعناء، على (بهيميته) تأكيداً غير قابل للنفي.
لا أزيد ولا أطفف، عندما أصف هذا (النجفة) بأنه الخزي والعار يمشي على قدمين، وأنه الغباء والهِباء اللذان يجعلان من صاحبهما سخرية بين الناس، وأن مكانه الطبيعي مذبلة التاريخ، هذا إن قبل حُراس المذبلة، ولا أرى في ذلك (شتيمة) وإن كان يستحقها، وإنما توصيفاً حقيقياً لما بلغه (نجفة) من السخف والرذالة و(خشونة الجلد)، بحيث أصبح يبيع الموت والدمار والجوع والفقر للشعب – على عينك يا تاجر- فيما يبحث هذا الشعب؛ عن رجل شجاع ذو ضمير يقظ يعمل من أجل وقف الموت والتشرد وإراقة الدماء، لكنه (نجفة) لا يأتي منه خيراً ولا يقول إلاّ شراً، ولا يبشر بل ينذر، ولا يطمئن بل يبعث على القلق.
انه الرجل العار .