السلام المستدام
السلام المستدام
الشيخ البلالي
يقوم بناء السلام بشكل أساسي على التعامل مع الأسباب الكامنة وراء الاقتتال بين الناس ومنع اندلاع العنف وتصاعده واستمراره وتكراره مره أخرى ويمر بمراحل عدة منها مرحــلة صناعــة السلام وهي المرحلة الأصعب والأكثر تعقيداً وهي كيفية إيقاف الحرب وإخماد النيران ومنعها وتعرف بوقف إطلاق النار للحرب حتى لا تتسع دائرتها بوساطة محايدة ومقبولة لدى الطرفين المتنازعين مع تكاملها مع آخرين يؤمنون بالحل السلمي من داخل القطر أو خارجه منظمات إقليمية ودولية حتى يتوصلوا إلى إيقاف دائم للحرب.
تلي هذه مرحلة حــفظ السلام والتي تحتاج لبناء جسور الثقة بين الطرفين بوجود بعثات أكبر لرعاية حفظ السلام إقليمياً ودولياً مثل الاتحاد الأفريقي سابقاً أو اليونمس في السودان والمساب في افريقيا الوسطي وغيرها بألية المراقبة والتحقق على أرض الواقع للوصول إلى المرحلة الأخيرة وهي بنـــاء السلام المستدام وقد تكون لفترة زمنية طويلة لبناء سلام حقيقي في كيفية إدارة الدولة وليس من يحكم الدولة وبمشاركة المدني في صناعة القرار الذي يرى كل فرد من المجتمع السوداني نفسه فيه مشاركاً ومعداً ومجيباً على ماهي أفضل النظم لإدارة الدولة النظام البرلماني أم النظام الرئاسي أم النظام المختلط ولكن إعطاء الأقاليم حق الانتخاب والتصويت والاختيار الطريق الأمثل الذي يرغبون فيه كنفدرالية باستقلال نسبي عن المركز ولن يجمع بينهم سوى قضايا الأمن القومي والدفاع ، أما اختيار نظام فدرالي حقيقي يتم حكام الأقاليم فيه بالانتخاب الحر المباشر أو دولة مركزية قابضة وهذه يقيني لا تصلح لأنها لا تشمل تمثيل الفئات التي تعتبر نفسها مهمشه مثل سكان الريف والرعاة والاقليات واللاجئين والنازحين داخليا ً والمهاجرين العاملين والمهاجرين طالبي اللجوء والمغتربين وغيرهم ببرنامجهم يستوعبهم جميعاً بالمشاركة في بناء السلام وأن يتوج ذلك في وضع لبنة في صناعة دستور دائم للبلاد، وتفعيل القوانين المنظمة للممارسة السياسية وضوابطها لتأسيس أحزاب وطنية غير مرتبطة بأجندات خارجية ضد هذا الوطن وضبط مصادر تمويلها ،ولابد من وضع ضوابط وقوانين للعمل الخارجي وكيفيه التعامل مع المحاور الدولية التي فيها مصلحه الوطن.
بنــاء السلام يتطلب مفوضيات ترعى قانون العدالة الانتقالية بإخضاع كل أمراء الحرب وكل من أشعل الحرب للمساءلة القانونية مع جبر الضرر الشخصي وإعادة المهجرين وإعادة بناء البنى التحتية التي دمرتها الحرب، ومخاطبة جذور الأزمة منذ الاستقلال، وجمع السلاح وإعادة الدمج والتسريح، والتأكيد بعدم عودة الحرب مرة أخرى.
من أهم واجبات بناء السلام تحديد دور القوات الامنية التي تسهر على أمن وسلامة الوطن ببناء قوات مسلحة ذات عقيدة قتالية موحدة ومحددة بعيداً عن الدور السياسي والحزبي، وأن تكون الكفاءة والتوزيع العادل لفرص الالتحاق بها في قيادتها ومؤسساتها توزيعا عادلاً دون محاباة، وأن يحد كل فرد نفسه فيها
مع قيام شرطة وقوة أمنية تعنى بحماية ورعاية الأمن الداخلي وحماية البلاد من الاختراق، وقيام نظام قضائي عدلي يقوم على أساس العدل أساس الحكم، وقيام سلطة برلمانية حسب التعداد السكاني بتمثيل عادل بين المواطنين بانتخاب حر لممثليهم دون إملاءات، واختيار حكومة تنفيذية تمثل كافة الأقاليم ويتم ترشيحها من الأحزاب الذين انتخابهم وبرئيس منتخب من الشع، ورئيس وزراء مسؤول أمام البرلمان.
إذا تتبعنا مراحل السلام الثلاثة بناء وصناعة السلام وحفظه وبنائه؛ فإننا سنكون وضعنا أساس لبناء دولة ذات مؤسسات دستورية فاعلة ومنتجة لبناء سلام مستدام وشامل.