أبو عبيدة برغوث يكتب..نيروبي وعاد الصراخ مجدداً
عبر السودان أمس محطة مهمة في تاريخه حيث وقع الدكتور عبد الله حمدوك رئيس الوزراء وعبد الواحد محمد نور الرئيس المؤسس للحركة وجيش تحرير السودان وعبد العزيز ادم الحلو رئيس الحركة الشعبية على إعلان نيروبي برعاية الرئيس الكينى وليم روتو، وهو الإعلان الذي جاوب بصراحة على جذور الأزمة السودانية والتي تمثلت في احتكار النخب السودانية للدولة منذ استقلال السودان تحت لافتات عديدة وبين القومية والدين قتل وشرد الملايين من السودانيين في جنوب السودان سابقاً، وجنوب كردفان، والنيل الأزرق، ودارفور.
كان الدكتور جون قرنق قد طرح مشروع السودان الجديد وهو مشروع كان بمقدوره أن يضع حداً لهيمنة المركز ويؤسس لوطن يتساوى فيه السودانيين، ولكن كعادة النخب التي تعتقد أن السودان شركة مملوكة لها رفضت ذلك وذهبت إلى خيار الانفصال ظناً منها أنها بذلك ستستمر في السلطة.
إن القضايا التي تناولها إعلان نيروبي تعتبر جوهر الأزمة السودانية وطرحها والتوقيع عليها باعتبارها الإطار العام لدستور السودان الدائم خاصة قضية الحكم حيث خاطب الإعلان الأسباب الأساسية والرئيسية لجذور الأزمة المتمثلة في وحدة السودان شعباً وأرضاً وسيادته على أرضه وموارده، ووحدة طوعية ترتكز على الحكم الديمقراطي اللامركزي والاعتراف بالتنوع التاريخي والمعاصر، وأن الهوية السودانية هي المواطنة التي لا تميز بين السودانيين على أساس العرق، أو اللون، أو الدين، أو اللغة، أو الجهة.
وقد دعا الإعلان إلى تأسيس دولة علمانية غير منحازة تقف على مسافة وأحدة من الأديان والهويات والثقافات للشعوب السودانية وتعبر عن جميع مكوناتها بالعدالة والمساواة، كما دعا الإعلان إلى تكوين منظومة عسكرية وأمنية جديدة تفضي إلى جيش مهني وقومي واحد وفق عقيدة عسكرية مهامها حماية الأمن الوطني وفقا للدستور، مع إعمال مبدأ المحاسبة التأريخية والعدالة، على أن تضمن كل هذه المبادئ في الدستور الدائم مع إعطاء حق ممارسة تقرير المصير للشعوب السودانية في حال عدم تضمين هذه المبادئ في الدستور الدائم للسودان.
وقد دعا الإعلان إلى عقد مائدة مستديرة تشارك فيها القوي الوطنية المؤمنة بهذه المبادئ. وبهذا الاعلان يكون السودان قد حدد مسار العملية السياسية من خلال هذا التكتل الكبير والذي قد تنضم إليه قوى سياسية ومدنية أخرى في مقبل الأيام ويبدو أن ذلك أعاد صراخ النخب السياسية من خلال أحزاب السودان القديم مجدداً وهي لازالت تعتبر أن السودان حكراً تحت تاجها. الأجدر لهذه الأحزاب أن تنضم إلى النادي الذي يوحد الناس ولا يفرق بينهم، وبلادنا بعد حرب 15 أبريل لم تعد شركة يتبادل رئاسة مجلس إدارتها أسر بعينها.
20 مايو 2024