سارة مالك السعيد تكتب.. (رسائل!!)
السودان جرحٌ مفتوح على اتساعه، بعد مرور خمسة سنوات من الثورة. سقط خلالها ألاف الشهداء ومئات القتلى، وتهجّر حوالي ستة ملايين، وتدمّر ثلث العمران. هل يمكن أن يكون هناك ما هو أكثر وقعاً من الأرقام؟ إذا تركنا الأرقام تتحدث وحدها، فلن يجد السودانيون أمامهم فسحة أملٍ، ولكن الثورة لا تقاس بالأرقام، لأنها حركة الشعب في التاريخ، وهي مستمرة، طالما أن الأهداف لم تتحقق.
بات في حكم العادة في كل سنة، إجراء جردةٍ للسنوات التي مضت، ومحاولة استشراف ما تحمله السنة المقبلة. في كل وقفةٍ، هناك شعور يخامر السودانيون بأن السنة الآتية ربما تكون مختلفةً عن بقية السنوات التي انقضت، وعلى أرضية هذا الأمل، يبدأون ببناء أحلام بشأن اقتراب الفرج وخاتمة المأساة التي طالت، ولم تتوقف تداعياتها الكارثية، إلا أنه في كل سنة تمر ينخفض سقف الطموحات والثابت اليوم أنه لم يعد أحد يضع في حسابه نهاية تامّة للكارثة التي ألحقها الإسلاميون بالشعب السوداني وهناك إجماع على أن استعادة السودان كما كان أمراً صعباً، ولكن هذا لا يمنع من الأمل بنهاية الحروب على ارض السودان أولاً، وبعد ذلك على الشعب السوداني انتظار نوافذ أخرى، يمكن أن تنفتح على حلول ومهما حصل، ليس أمامهم سوى استيعاب الدروس التي تعلموها على دروب الحروبات ومن هنا، فقط، يمكن لنا أن نؤسس لمستقبل بلادنا.
لقد أثبت الشعب السوداني أنه شجاع وبطل، واستطاع تحطيم جبروت تنظيم الاخوانيين ومرّغ رمزيته في الوحل، وجعله يفقد بوصلة الأحداث فأصبحت المؤسسة العسكرية على هشاشتها اليوم أداة طيعة بيد الكتائب الارهابية والحركات المسلحة، كلٌّ منهم يجره لعنده، لدرجة أننا أصبحنا نخجل من سلوك البرهان كسودانيين، حيث إن اسمه في الأمم المتحدة وفي محافل دولية أخرى “رئيس مجلس السيادة في السودان، وهو بلا كرامة وبلا سيادة وبلا قرار مستقل. وينادي مؤيديه“رئيس شرعي”؛ فهل الشرعية تتفق مع فقدان الكرامة والسيادة والاستقلالية في الموقف، وخاصة عندما يجري الحديث عن رئيس بلد؟!
رسالتين للشعب السوداني:
الرسالة الأولى:
أنّ الدولة العميقة وحكم العسكر انتهى ونحن اليوم بمراحل تشييع هذا النظام ومراسم دفنه، ولكنه بعمر الدول يقاس بالسنوات وليس الأيام كالأشخاص.
الرسالة الثانية:
إلى الحاضنة الشعبية تحت سيطرة الجيش والإسلاميين عليها الإسراع بالانتفاضة واللحاق بركب ثورة الهامش العريض للتخلص من إذلال النظام الاخواني والتنظيمات الإرهابية الداعمة له اللذان يعملان على تشييع ومسخ هويتنا الدينية والثقافية وضرب نسيجنا الاجتماعي.
سارة مالك السعيد