كيف عزّزت طهران نفوذها في السودان؟
أثار إرسال إيران طائرات مسيّرة للجيش السوداني، قلق العديد من الدول حول العالم بشأن إيجاد طهران أرضية لها في البلد الذي يعيش صراعًا على السلطة منذ عام.
وقال رئيس تجمّع كردفان للتنمية والعدالة الطيب الزين، إنّ “إيران تستخدم بعض الجماعات من أجل إشاعة عدم الاستقرار في الدول العربية، وتتحيّن الفرصة لتعزيز وجودها في السودان، وذلك سيكون على حساب المصلحة الوطنية والقومية لشعوب المنطقة”.
وأضاف الزين لـ”إرم نيوز”، أن ذلك “يفرض على المسؤولين في السودان مسؤوليات كبيرة في التصدّي لذلك التواجد الخطير الذي يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة العربية والأفريقية”.
صفقة المسيّرات
في نوفمبر العام 2023، أجرى وفد سوداني رحلة سريّة إلى إيران، وذلك بغرض شراء طائرات دون طيّار والتعلّم على كيفية تشغيلها.
وتضمن الوفد، السياسي السوداني المعروف نصر الدين محمد آدم محمد، برفقة مسؤولين اثنين آخرين، هما محمد التيجاني عمر موسى، وعمر محمد علي العجب.
وبالفعل حصل ذلك تحت إشراف الحرس الثوري الإيراني في ثكنة “الشهيد دستواره” غربي طهران.
وغادر الوفد السوداني إيران دون الطائرات المسيّرة، لكن في الشهرين التاليين للزيارة، أجْرَت طائرة شحن من طراز بوينغ 747-200، تابعة لشركة “طيران فارس قشم”، 6 رحلات من مطار مهر آباد في طهران إلى بندر السودان، وعلى متنها الطائرات المسيّرة.
و”طيران فارس قشم” هي شركة تابعة لشركة “طيران ماهان” المملوكة من قبل الحرس الثوري الإيراني، والتي فرضت أمريكا عقوبات عليها لقيامها بتهريب الأسلحة إلى سوريا وفنزويلا وميانمار والعراق وإثيوبيا.
الرحلة الأولى لتلك الشركة إلى السودان كانت في الـ7 من ديسمبر من العام الماضي، وكانت تحمل طائرتين من دون طيّار إيرانيتين، من طراز “أبابيل 4″ و”مهاجر 6”.
وقبل 9 أشهر، شوهدت إحدى تلك الطائرات في سماء السودان، وذلك ما أشارت إليه أيضًا وزارة الدفاع الأمريكية.
لكن تلك الطائرات كانت النموذج الأوّلي لطائرة “مهاجر6” التي حصل عليها السودان من إيران قبل 9 سنوات، عندما سعت إيران إلى بناء قاعدة لتصنيع الأسلحة في ذلك البلد، وتمكّنت من إنشاء مركز لتصنيع الطائرات دون طيّار في السودان.
وقال عضو المكتب التنفيذي والهيئة القيادية لـ “تقدّم” علاء عوض لـ “إرم نيوز”، إنّ “التدخل الإيراني في السودان ودعم طهران لحكومة الأمر الواقع والقوات المسلحة بطائرات دون طيار مهاجر 6، سيطيل أمد الحرب”.
أمّا النموذج الأكثر تقدّمًا فهو “مهاجر 6” و”أبابيل 5″، وهما مسيّرتان وصلتا إلى ميناء السودان على متن 6 رحلات.
وأظهرت صورة جرى نشرها في الـ9 من ينايرمن قبل مدير مشروع نزع السلاح الإنساني في منظمة سلام هولندية، طائرات دون طيّار من طراز “مهاجر6” في قاعدة “وادي سيدنا” العسكرية شمالي الخرطوم.
البحر الأحمر
وفي الـ4 من فبراير، وصل القائم بأعمال وزارة الخارجية السوداني علي الصادق إلى طهران، حيث التقى وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان، والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، وبعد أقل من 3 أساببيع، نُقل عن مسؤول كبير في المخابرات السودانية قوله إنّ إيران ضغطت على السودان لبناء قاعدة عسكرية في البلاد.
ورغم أنّ السودان وإيران رفضا ادّعاء طلب طهران بناء قاعدة عسكرية في السودان، فإنّ إيران تسعى منذ سنوات إلى تثبيت وجودها في البحر الأحمر، إذ إنّ تواجدها هناك هو أحد أهدافها الإستراتيجية.
وفي السياق يشدد عوض، على أنّ “ذلك الدعم الإيراني سيزيد من التهاب الحرب ومن زيادة الخطورة على أمن البحر الأحمر والحركة التجارية العالمية”.
وفي نهاية يوليو 2023، التقى وزيرا خارجية السودان وإيران في العاصمة الأذرية باكو، وكان ذلك الاتصال المباشر الأول بين الطرفين منذ قطع العلاقات بين البلدين.
والآن وبعد 9 سنوات من قطع العلاقات، وصلت إيران مرّة أخرى إلى السودان بطائرات دون طيار.
وبعد الإطاحة بعمر البشير، قام السودان بتطبيع علاقاته مع إسرائيل، لكن يبدو أنّ طهران لا تزال تأمل في أن تتمكن من الاقتراب من أحد أكثر الممرّات المائية إستراتيجية في العالم بمساعدة عبد الفتاح البرهان.