تقرير: إنصاف أحمد
يعد قطاع الثروة الحيوانية من القطاعات المهمة في الاقتصاد السوداني، حيث كان يعول عليه كثيراً في الخروج من الأزمات الاقتصادية التي واجهته خلال الفترة الماضية، إلا أنه يواجه بعدد من التحديات أقعدته عن دوره المنوط به، ويعتبر إهمال الحكومات السابقة أكبر معوق رغم موقع السودان الذي يؤهله أن يكون أكبر الأسواق على مستوى القارة أو الوطن العربي، فالسياسات التي كانت متبعة أقعدته بصورة أو أخرى في ظل استمرار الإهمال والتهميش الحكومي في برامج التنمية والبرامج الإحصائية، حيث من الممكن أن يقود الاقتصاد السوداني وإدخال مبالغ كبيرة من النقد الأجنبي لسد الفجوة الاقتصادية بعد خروج البترول والذهب، ولكن في ظل استمرار عمليات التصدير بشكل مخالف إلى السعودية ومصر، أيضًا ساهم انفصال الجنوب، وأزمة إقليم دارفور في تراجع الثروة الحيوانية السودانية رغم امتلاك البلاد أكثر من 130 مليون رأس من الماشية بأنواعها المختلفة، ومن الملاحظ خروج السودان من أكبر الأسواق واحتلال دول أخرى يفوقها السودان من حيث حجم القطيع، فشهدت السنوات الماضية إرجاع بعض البواخر المحملة بالقطيع نسبة لاتهامها بأمراض وبائية أو وجود مشاكل أخرى. ويمكن القول إن الممارسات السالبة التي كانت تتبع خاصة التي تتم بصورة غير رسمية لها دور كبير في تلك المشكلة ما أدى إلى عدم استفادة الدولة من عائدات القطاع حيث زادت الشكاوى من قبل المصدرين بظهور أساليب عديدة يمكن وصفها بالسالبة، أضف لذلك وجود مشاكل في عدم توفر الأعلاف بالصورة المطلوبة، ما أدى إلى زيادة أسعار المنتجات الحيوانية بصورة كبيرة خاصة الألبان وقطاع الدواجن، والتي أصبحت بعيدة عن متناول يد المواطن البسيط .
يقول خبير إدارة وإرشاد اقتصاديات الثروة الحيوانية د. ياسر عليان إن أهمية وزارة الثروة الحيوانية والسمكية والداجنة في السودان تتمثل في العمق الاجتماعي، حيث إن اكثر من 60% من الشعب السوداني يعمل أصلًا في التربية والرعي للثروة الحيوانية بأنواعها أو تربية واستزراع وصيد الأسماك بحرياً ونيلياً لافتاً للتطور الكبير في تربية وإنتاج وصناعة الدواجن بالبلاد، وقال خلال حديثه لـ(الصيحة) إن الثروة الحيوانية تتمثل أيضًا في البعد والمقدرة الاقتصادية، حيث تساهم بأكثر من 25% في عائدات الصادر والدخل القومي. ولها الإمكانيات المهولة التي يمكن أن تزيد إلى أكثر من60%. مضيفاً: نتمنى أن يكون د. حمدوك رئيس مجلس الوزراء وبحكم خبراته مستحضراً هذه الأهمية.
وأكد عليان وجود تحديات جمة تواجه قطاع الثروة الحيوانية والسمكية والداجنة في السودان وخاصة أن الجميع يدرك إمكانيات هذا القطاع الكبيرة والمتعددة والمتنوعة أهمها الخروج من الدائرة الخبيثة، وهي الدمج والفصل للوزارة وزيادة الإنتاج والإنتاجية والصناعات التحويلية لمنتجات القطاع كافة، والاستفادة من المخلفات بصورة علمية وعملية، مبيناً أن هذا لا يتأتى أو يتم إلا بالتأهيل العلمي والتدريب العملي والمهني مع الانفتاح على كافة العلوم الأخرى لدفع وتطوير القطاع العريض كافة إدارياً واجتماعياً وثقافياً ولكافة العاملين مقدمي الخدمة والمربين والمنتجين، موضحاً أن أهم من هذا كله كسباً للوقت والجهد تحديد الرؤية الشاملة لقطاع الثروة الحيوانية والسمكية والداجنة وهي ماذا نريد؟ وتساءل: ما هو المطلوب من هذا القطاع؟ وكيف يمكن تحقيقه خدمة للمواطن في تحقيق الاكتفاء الذاتي وبجودة عالية ومواصفات عالمية للمنتجات الحيوانية والسمكية والداجنة، ومن ثم إقليميًا وعالمياً خدمة للمجتمع العربي والأفريقي والعالمي بعد تحديد الرؤية الشاملة، مضيفاً: لابد من إستراتيجية كاملة وخطة واضحة وبرنامج تفصيلي بمراقبة ومتابعة ومحاسبة دقيقة ولصيقة.
فيما أضاف الخبير الاقتصادي د. حسين جبريل: يتوقع من الحكومة القادمة أن تعطي اهتماماً أكبر للقطاع عن طريق تحسين النسل لإنتاج الألبان واللحوم عبر تسمين الحيوان بقيام مشاريع، لافتًا لضرورة تشجيع النشاط المرتبط بالثروة الحيوانية وإنتاج الأعلاف بدلاً من تصديرها إلى دول الخليج لتغذية القطيع المحلي لتحسين الإنتاجية.
وقال خلال حديثه لـ(الصيحة) إن الماشية في السودان يمكن أن يقال عنها أنها تعبد الإنسان ذلك لأنه يفني حياته من أجلها بدلاً من تعويض الفائدة الاقتصادية، ودعا إلى قيام حملة إعلامية مكثفة وسط مربي الماشية لإطلاعهم على ضرورة تعظيم الفائدة من تربية الماشية عن طريق زياة إنتاج الألبان وتحسين نوعية اللحوم والاستفادة من مخلفاتها، منوهاً لضرورة اتجاه الحكومة لتقليل تكلفة الإنتاج ونقل الحيوان من مناطق الإنتاج لموانئ التصدير وإيقاف الرسوم المفروضة من المحليات في الطريق لإسهامها في زيادة تكلفة الإنتاج وبالتالي زيادة الأسعار مشيراً لعمل محطات أرضية لمسار المواشي من مناطق الإنتاج إلى المسالخ المختلفة، ولفت لتهيئة المناخ الاستثماري بالصورة الجاذبة لزيادة تطوير القطاع.