تقرير: مريم أبشر
في الوقت الذي لا يزال فيه رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك يقلب أوراق المرشحين المرفوعة إليه من قوى إعلان الحرية والتغيير لاختيار أصلب وأفضل الكفاءات التي تمكنه من قيادة كابينة العمل التنفيذي لأخطر وأهم الفترات في عمر السودان الحديث خلال الفترة الانتقالية، رشحت معلومات تشير إلى أن رئيس الوزراء يعتزم القيام بجولات خارجية للتعريف بالسودان الجديد، وضخ دماء جديدة في شرايين علاقاته الخارجية التي جمدتها سياسات الإنقاذ الماضية التي تعارضت مع التوجهات الدولية، ووسمت السودان بالدولة الإرهابية، الأمر الذي جعله يعيش في عزله تامة وحرمته من حقوقه المالية الدولية، بل من التمثيل على مستوى القيادة لتداعيات محكمة الجنايات الدولية التي صنفت الرئيس المخلوع بالمطلوب دولياً.
بالأمس تلقى حمدوك اتصالاً هاتفياً من رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي هنأه فيه بنيله ثقة الشعب السوداني باختياره رئيساً للوزراء وقبوله المهمة في الظرف الدقيق الذي يمر به السودان، ودعاه لزيارة القاهرة خلال الفترة القادمة. في ذات الوقت كشفت معلومات صحفية عن أنّ رئيس الوزراء عبد الله حمدوك سيستهل جولاته الخارجية بالعاصمة البريطانية لندن في أوّل مهمة له خارجية، وأن الترتيب للزيارة بدأ بالفعل.. إنّ ملف الزيارة مرتبط بصورة مباشرة بملف السلام الذي وضعته الحكومة الانتقالية أولوية قصوى خلال الستة أشهر الأولى لحكومتها.
وأثناء حكم عمر البشير للسودان، شهدت العلاقات بين الجارتين توترات من حين إلى آخر؛ بسبب ملفات خلافية، أبرزها النزاع على مثلث حدودي، والموقف من سد “النهضة” الإثيوبي على نهر النيل.
وعدت مصر، الثلاثاء، بتقديم “كافة أوجه المساندة الممكنة” للسودان، خلال “المرحلة المهمة والدقيقة التي يمر بها”، ودعت رئيس وزرائه الجديد لزيارة القاهرة.
وهنأ رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، خلال اتصال هاتفي، نظيره السوداني، عبد الله حمدوك، “على الثقة الكبيرة التي نالها من أطياف الشعب السوداني، واختياره رئيساً للوزراء في هذه المرحلة المهمة والدقيقة التي يمر بها السودان واعداً بتقديم كل أوجه الدعم والمساندة.
العزلة الدولية
- معروف أن النظام السابق خلف تركة ثقيلة من العلاقات الخارجية المضطربة حيناً والمتدهورة في الكثير من الأحيان، وعلى تلك المطبات العقوبات الاقتصادية والعزلة الدولية.
- ويرى السفير والخبير السياسي الصادق المقلي أن أي خطوة خارجية لرئيس الوزراء حمدوك يجب أن تصوب باتجاه فك العزلة ويعتقد في حديثه للصيحة أمس أن زيارة حمدوك التي اعلن عنها للندن يتوقع أن يكون هدفها تحقيق السلام ووقف الحرب، ويعتقد أن فك طوق العزلة الدولية للسودان خطوة ملحة، إضف إلى ذلك، فإن المقلي يرى أن واحداً من أهم الأسباب التي اعاقت تدفق الأموال الخارجية هو الاتحاد الأوربي الذي ساءت علاقاته مع حكم الإنقاذ ويعتقد أن على حمدوك بعد زيارة لندن أن يتجه نحو مقر الاتحاد الأوربي ببروكسل لفتح صفحة جديدة، حيث ظل السودان محروماً لسنوات طويلة مما يسمى بمظروف التنمية، والعون التنموي الذي يقدمه الاتحاد الأوربي لمجموعة الدول الأفريقية الكاريبية الباسفيكية، في إطار اتفاقية (كوتنو).
- وتجب الإشارة هنا إلى أن الاتحاد الأوربي لعب دوراً كبيراً خلال الفترة الماضية في الدفع بالأطراف لتوقيع اتفاقية السلام والوثيقة الدستورية، حيث زار رئيس وزراء الاتحاد الأوربي الوزير الفنلندي الخرطوم مرتين إبان المفاوضات ومشاركاً في مراسم التوقيع، حيث أصدر خلال كلمته عن تصريحات إيجابية بشأن الانتقال للحكومة المدنية، ووعد بتقديم الدعم اللازم خاصة، وأن الاتحاد الأوربي يعول كثيراً على تحقيق السلام في مناطق النزاع.
مشاركة أممية مختلفة
معروف أن شهر سبتمبر المقبل يشهد فيه العالم تجمعاً أممياً تحضنه نيويورك مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة، ويأمل عدد من المهتمين بالشأن السوداني على رأسهم السفير المقلي في أن يقود حمدوك وفد السودان المشارك لتمثيل السودان وتقديمه له بشكل مختلف في مرحلة مختلفة في تاريخه الحديث.
ويرى مراقبون أن السودان ظل محروماً من التمثيل على مستوى عالٍ فى هذه المناسبة الأممية المهمة، إضف إلى ذلك فإن حمدوك المصنف بأنه رجل أممي خبر المنظمات الأممية وعمل فيها من شأنه أن يحدث اختراقاً حقيقياً في علاقات السودان مع المنظمات الدولية والإقليمية وذلك بعقد لقاءات على هامش الاجتماعات الأممية على رأسها الآليات والموسسات التابعة للأمم المتحدة خاصة تلك المعنية بالسلام بجانب لقاء المجموعة الأفريقية بالأمم المتحدة، بجانب ذلك، فإن وجود رئيس الوزراء بالولايات المتحدة يجعل الظرف مواتياً لعقد لقاء بينه ووزير الخارجية الامريكي الذي رحب بتعيينه رئيساً للوزراء والانتقال للمدنية لترتيب مسار جديد للعلاقات بين الخرطوم وواشنطن، واستئناف الحوار العالق بينهما المفضي لرفع اسمه من قائمة الإرهاب.
فك التعليق
خطوة أخرى أولية استباقيةن يرى السفير المقلي أهمية اتخاذها هى فك تعليق عضوية السودان بالاتحاد الأفريقي، حيث أن إبقاء العقوبة لن يمكن رئيس الوزراء والمسئولين في الحكومة الانتقالية من الالتقاء بمسئولي الاتحاد الأفريقي والآليات التابعة له، ويرى أن أسباب الفك التجميد الذي أعلنه الوسيط المشترك ود لباد الشروع في إزاحته قد انتفت بتشكيل الحكومة المدنية.
هذه الدول أولوية
بريطانيا، الولايات المتحدة، وكل دول الجوار، يرى السفير والخبير الدبلوماسي الطريفي كرمنو أن السودان تربطه علاقة جيدة وتاريخية ببريطانيا التي يعتزم حمدوك بدء جولاته الخارجية بها، فضلاً عن ذلك، فإن بريطانيا دولة مهمة وعضو دائم في مجلس الأمن الدولي ولديها حق الفيتو بجانب علاقاتها الممتازة مع واشنطن، الأمر الذي يمكن أن يسهم في تسريع رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وإخراج السودان من القائمة السوداء سياسياً واقتصادياً ودولياً وفتح صفحة جديدة مع موسسات التمويل الدولية.
ويرى كرمنو أن سياسة المحاور التي انتقدها عدد من المختصين مهمة لجهة أن وجود علاقات قوية مع دولة لها نفوذ داخل المؤسسات الأممية ضرورة ملحة لحماية المصالح وخير مثال لذلك العلاقة المتميزة بين موسكو ودمشق، واتفق كرمنو في حديثه للصيحة مع ما أثير بشأن ضرورة ترؤس حمدوك الوفد السوداني المشارك في الاجتماعات المرتقبة للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك باعتباره وجهاً جديداً يجد القبول الدولي فضلاً عن خبراته الباذخة في مثل هكذا محافل. أضف غلى ذلك، فإن دولاً مثل مصر وجنوب السودان وأديس أبابا وتشاد وكل دول الجوار تعد من الأهمية بمكان في أن تجد الحظوة في رحلات حمدوك المرتقبة خاصة أن هذه الدول تلعب دوراً مهماً في ملف السلام الملف الأبرز خلال الفترة الأولى من عمر المرحلة الانتقالية.
ويأمل السودانيون أن ينهي الاتفاق بشأن المرحلة الانتقالية اضطرابات متواصلة في البلد العربي منذ أن عزلت قيادة الجيش في الماضي، البشير من الرئاسة؛ تحت وطأة احتجاجات شعبية منددة بتردي الأوضاع الاقتصادية .