علي أحمد يكتب.. هذا جيشك قولاً وفعلاً يا سناء!
أحزنني حديث ضابط المدفعية في إفطار رمضاني نظمته مليشيا البراء بن مالك الإرهابية، لقد كان منكسر الخاطر مهزوزاً، ضعيفاً، كان كل ما تفوه بكلمة تسقط معها (هيبة) الجيش وتتناثر آخر صور الضابط الشجاع الصارم المهني أشلاء على بقايا مائدة (بن مالك) – وإنا لله.
ليتني لم أشاهد مقطع الفيديو هذا، لقد سربلني شعور عميق بالخزي والعار، هذا الضابط الرعديد، الموفد من قبل قائد كتائب سناء ومليشيات كرتي، والبراء جزء من تشكيلة السوء والدم هذه، تحدث عن المصباح بن مالك، صبي الأدوات المنزلية وقائد الكتيبة الإرهابية، يمدحه كما لم يمدح المتنبئ؛ سيف الدولة الحمداني، فقد كان المتنبئ يحتفظ بكرامته وأنفته وكبريائه وهو يمدح ملكاً عظيماً يستحق المدح، لكن ضابط المدفعية (كما عرف نفسه)، كان يكيل الثناء ويُغدق المديح إلى الإرهابي المصباح، بانكسارٍ وتزلفٍ وخوار ومهانة وخضوع وذلة لم أشهدها في حياتي.
الآن، على أي أحدٍ ظل يجادلنا بأن الذي نطلق عليه جيشاً ما هو إلا مليشيات كيزانية فاسدة، أن يشاهد مقطع الفيديو، موضوع هذا المقال، وإن كان سيصاب بالغثيان والقرف، إن لم يصب بالعتهِ والجنون.
قال الضابط مهيض الجناح مكسور الخاطر، إن المسيرات التي لدى كتيبة البراء هي التي غيّرت معادلة الحرب؟! ما معناه إن الجيش لا يمتلك مسيّرات وإن التي جيئ بها من بلاد ( فارس) تخص (الضراء بن هالك)، في محاولة إيرانية لإنتاج حوثيين جدد على سواحل البحر الأحمر ! ثم تحدث الضابط الهزؤ عن العمليات النوعية التي نفذتها مليشيا المصباح الإرهابية، وطفق يقول كلاماً كالشعر في مديح ما سماها (كتيبة)، وهذه عادة متأصلة لدى قادة (الجيش) السوداني، في مدح المليشيات، قبل أن يتحول هو نفسه إلى مليشيا صغيرة وضعيفة تسيطر عليها مليشيات أكبر منها مثل البراء والعمل الخاص وكتائب الظل والأمن الشعبي وخلافها.
ما أثار غيظي وحفيظتي، أن هذا الضباط المكسور، شن هجوماً على السياسيين السودانيين وسماهم بالقحاته الكبار، وكأنهم من أشعلوا الحرب وقال إنهم لن يعودوا إلى أرض السودان مرة أخرى، وكأن السودان (ملك أبوه)، وكأن (بلاوي) السودان المتلتلة التي انتهت إلى حرب ضروس وتشرد ولجوء ونزوح وجوع وموت ودماء، سببها سياسيين لم يحكموا البلاد إلا لسنوات قليلة ومتقطعة، بينما حكمها (جيشه) هذا، وكيزانه ومليشياته لأكثر من نصف قرن، لم يقدّم خلالها للشعب السوداني المسكين غير العار والشنار والفقر والموت والتشرد والذلة، حتى أنني استطيع أن أقول الآن بملء فمي إن أصدق شعارات ثورتنا الشعبية العظيمة كان (معليش معليش ماعندنا جيش).
هذا ليس جيشاً، وهؤلاء الذين نراهم على قيادته ليسوا ضباطاً وإنما أعضاء في حزب سياسي مسلح، حكم البلاد ثلاثة عقود ونيف، فسرق ونهب حتى جيشها وخبأ منهم الأسلحة ومنحها لكتائبه التي لديها مسيرات وأسلحة نوعية وتقنيات لا يمتلكها الجيش، هذا بشهادة هذا الضابط المنكسر، وبالوقائع على الأرض، فهل منكم من رأي جيشاً منذ اندلاع الحرب، حتى في الاحتفال الضخم بمناسبة ما يسمى بتحرير مبني الإذاعة والأحياء الثلاثة والشوارع الخمسة في أم درمان، لم نر الجيش إلا في (سرقة وشفشفة) المنازل، والآن لا نرى إلا مليشيات الكيزان ومليشيات المرتزقة أمثال مني أركو مناوي وجبريل إبراهيم الذي يتحالف مع قتلة شقيقة في خسة ودناءة لم يسبقه إليه أحد.
ضابط المدفعية الباهت مخطوف الملامح العسكرية أثار شجوني وهو يتزلف لقائد المليشيا الإرهابية ويدعي إنه صديقه وإنه يعشق البراء ويموت في قائدها، ويطالب الشباب السوداني بالإنضمام إليها – لا إلى الجيش – أي جيش هذا الذي يقوده صبي الأواني المنزلية؟ أي جيش هذا الذي يأتمر قائده بأمر هذا الصبي؟ وأي مدفعية هذه التي أخرجت لنا هذا الخراء وهذا الهراء؟.