العطا.. كيف وصل إلى هنا؟
مجاهد بشرى يكتب..العطا.. كيف وصل إلى هنا؟
المتابع للتصريحات الصبيانية و غير المسؤولة لمساعد قائد الجيش “ياسر العطا” منذ انطلاق هذه الحرب, سيسأل نفسه ألف مرة “كيف وصل هذا الشخص إلى هذا المنصب؟”.
ومن باب الأمانة استمعت بصورة كاملة إلى العطا وهو يتحدث عن أن نية الدعم السريع كانت “إقامة دولة عربية في السودان”, بعد أن ظل العطا يؤكد أن هذه الحرب هي مجرد “تمرد عسكري”, وليس مشروعاً خارجياً, بدليل قبول الجيش بأي فرد من الدعم السريع يعلن عدم المشاركة في الحرب, وهو تأكيد لعدم وجود أي مشروع دولة كما يزعم العطا, وإلا فما الداعي لقبول عناصر من خصمك لها مشروعها الخاص؟
و الأغرب هو أن العطا يريد أتصوير أن ما يُطلق عليها إسم “مليشيا” تصغيراً, بأنها جهة تريد طرد الشعوب السودانية غير العربية من دارفور, والنيل الأزرق و جبال النوبة, فقط من أجل إثارة المخاوف في دواخل هذه المجموعات ,ودفعها للقتال إلى جانبه ضد هذا المشروع المزعوم في هذا التوقيت بالذات , بعد ان أصبحت الحركات المسلحة في صفه, وينسى أنه و البرهان ارتبط إسمهما بالمجازر ضد الشعوب غير العربية في دارفور و جنوب كردفان و النيل الأزرق, وهو تكتيك مفهوم في سياق الحرب غير الأخلاقية, لكن دون أن يعي العطا النتائج الوخيمة المترتبة عليه.
والفخ الذي وقع فيه كانت ذلة لسان بسيطة حين تحدث عن نفسه بصفة العروبة, وليس بصفة ضابط الجيش الذي يمثل السودان ككل, وهو أمر يفضح أن العطا لا يرى نفسه قائداً عسكريا فقط, بل سياسيا و حاكما, و المبكي أنه استمر بالخوض في وحل حديثه بإدعائه “معرفته بالخطة, والخيارات المطروحة من قبل الدعم السريع”, مما يدفعنا لتساؤلات أخرى:
– إذا كانت خطة الدعم السريع منذ البداية تغيير الدولة السودانية “وهذا مستحيل عقلاً و منطقاً”, لماذا وقّعت معه على الإتفاق الإطاري؟
-لماذا وصفتم الحرب بأنها تمرداً عسكرياً, وظللتم تطالبون جنود الدعم السريع بالانسلاخ من قيادتهم و وعدهم باستيعابهم في الجيش؟
– قصف الجيش للحواضن القبلية للدعم السريع, الا يُعتبر حرباً من الدولة ضد هذه القبائل وتحميلها مسؤولية إنتماء قادة الدعم السريع إليها, رغم أن هذه القبائل لم تكن هي الجهة التي صنعت الدعم السريع, ولا تسليحه, بل كان من فعل ذلك هو الحركة الإسلامية والجيش اللذان يقاتلان من أجل عدم وجود جيش وطني موحد؟
-كيف يستقيم للعطا أن يتحدث عن حق عرب الوسط والشمال و الشرق في تحديد انفصال الدولة من عدمها, وكلها مناطق فيها شعوب غير عربية أصيلة, هي أساس السودان و إنسانه, كينونته؟
– هل يعي العطا خطورة ما ينطق به وهو الآن يختبئ في الشرق بين شعوب سودانية “غير عربية” (أصيلة), وقضيتها ضد الدولة هو ذات التهميش و النظرة الدونية, و المناطقية والعنصرية للإنسان السوداني, خاصة و أن هذه الشعوب غير العربية بشرق السودان تعتبر منفذ السودان, وحلقومه الإقتصادي الأكبر؟
– ألم يكن الدعم السريع هو المتمسك بالاتفاق الإطاري الذي انسحب منه العطا, وضرورة دمج الحركات الموقعة على اتفاق سلام جوبا, والجهة الوحيدة التي رفضته و اشعلت الحرب بسببه كانت الحركة الإسلامية التي اعترف العطا بقتالها إلى جانبه؟
– بند الترتيبات الأمنية الذي كان سيسمح باستيعاب الحركات ذات المكونات غير العربية في داخل الأجهزة الأمنية و العسكرية, ومن ضمنها الدعم السريع, الا يعني قبوله بالأمر نفياً لأي إدعاء بعروبة هذه القوة العسكرية “الخارجة من رحم القوات المسلحة المبارك” كما يُطلق عليها العطا بنفسه ؟
– حفاظ الدعم السريع على مسألة الانتساب من جميع القوات النظامية , دون النظر إلى القبيلة, و وضع جانب التخطيط العملياتي والحربي في يد ضابط عسكري لا ينتمي إلى مكون عربي, بل و ترفيع قادة من النيل الأزرق و جبال النوبة الخ.. الا تعتبر حقائق تدحض مثل هذا العته, التفكير المدمر لضابط محدود القدرات العقلية , ظلت تصريحاته محل سخرية , وتندر العامة مثل العطا؟
إن مجرد استخدام العطا لمثل هذا الخطاب العنصري في غير وقته, يعتبر بمثابة اختيار اللعب بالنار عندما تُمطر السماء بالبنزين, ولايمكن التقليل من خطورته, أو إيجاد أي مبررات له مهما كان الأمر, لأنه ببساطة يوضح أن قيادة الجيش و الإسلاميين يمكن أن يُشعلا الأرض من أجل البقاء في السلطة.
و الاخطر أن الجيش الذي جرّم القبائل غير العربية في دارفور وأباد منها مئات الألوف بذات الحجة “مشروع إقامة دولة”, ما يزال يستخدم ذات الحجة لإبادة قبائل و مكونات أخرى, متناسياً أن عماد الجيش الحالي نصفه إن لم يكن معظمه, ينتمي إلى هذه المكونات, وهو تصريح أهوج في وقت تستميت فيه ذات المكونات في الدفاع عن الفرقة 22 بإسم الدولة, بينما يأمر العطا الطيران بقصف ذات القرى والمدن لهذه المكونات لا لشيء سوى أنها من ذات إثنية الدعم السريع الأساسية,وهو ما ينذر بتحول خطير يقابل هذه التصريحات و التصرفات غير المسؤولة, والتي يتحدث بها أحد قادة الجيش..
تحولات لن يجد العطا الوقت الكافي لفصل حتى شارع عن الآخر..
بعد أن جنح إلى صب الزيت في نار الحرب الأهلية التي يتجنبها الجميع..
ويسوق لها بإسم الجيش ..
الجيش الذي يفترض أن يقوم بحماية كل السودانيين دون فرز..
الجيش الذي تحول إلى مليشيات
وكتائب إرهــــ|بية
وقادة يعُف السكران عن الخوض فيما يقولون..
قادة يسوقون السودان إلى الهاوية..
وهم يعلمون.