رئيس حركة تحرير السودان مبارك دربين لـ(الصيحة) 2/2
حل السلطة الانتقالية والإقليمية في دارفور كان "مؤامرة "
استهداف الدعم السريع جريمة كبيرة وعنصرية
لا أظن أن تستمر الفترة الانتقالية بالتناغم لهذه (….) الأسباب
الدوحة كانت أكبر كارثة وهي السبب الأساسي في تقويض مقررات أبوجا
حوار: عبد الله عبد الرحيم- تصوير محكر
أحدث الاتفاق الذي أبرمه المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير ردود أفعال متباينة وسط الساحة السياسية داخلياً وخارجياً، فبالكأد تجد أن هناك إجماعاً على ما تم دون أن تبدي جهة ما موقفاً مغايراً، وتعضيداً لهذا الموقف أكد اللواء مبارك دربين رئيس حركة تحرير السودان الموقعة على سلام أبوجا قبل أن تتحول لحزب سياسي موقفهم الحذر من الاتفاق الذي تم توقيعه مؤخراً.
وكشف عن مَواطن قال إنها ستساعد في نسف ما تم إذا لم يتم تدارك الأمر سريعاً بإجراء اتفاق شامل مع كل القوى السياسية لا يستبعد منه أحد، وانتقد موقف قوى التغيير الإقصائي لكل القوى السياسية التي لم توقع على وثيقة إعلان الحرية والتغيير واعتبارهم قوى شريكة للحزب الحاكم البائد، مؤكداً أن هذا المنطق من شأنه أن يبدد كل أحلام وآمال الوحدة وتضميد جراح إنسان السودان اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً.
كما تطرق لموقف الحركات المسلحة قبل وبعد اتفاق السلام، في وقت عاب فيه على المجلس العسكري تراجعه عن عهده الذي قطعه للقوى السياسية ببقائه على مسافة واحدة.
هذا وغيره من القضايا المهمة في المساحة التالية:
*هناك متغيرات وضغوط محلية ودولية ربما أحدثت هذه الفوراق؟
ربما تعرض العسكري لضغوط كبيرة جعلته يخضع لاتجاهات الحرية والتغيير هذه هي الحقيقة، وهي نقطة ضعفه التي جعلته يحيد عن مواقفه معنا من استنفار للإدارة الأهلية ولكل السياسيين بالداخل، وجعلته يختزل كل ذلك في إطار قوى الحرية والتغيير فقط. لا أظن أن تستمر الفترة الانتقالية بالتناغم ولا أظن أن قوى الإجماع والجبهة الثورية قد تمرر هذه الاتفاقيات دون أن يكون لها موقف. المجلس العسكري تركنا جانباً واعتبر نفسه شريكاً للحرية والتغيير دون مراعاة موقفه وعهده الذي قطعه لنا.
*ألم يكن حكمك قاسياً على العسكري وأنت تحكم عليه هكذا؟
ليس قاسياً، لأن المرحلة مرحلة شفافية ونحن يجب أن نتناول القضايا على ذات النهج، فهي مرحلة ليست للطبطبة، وليست للمصالح، وإنما لإصلاح حال الوطن والدولة، ويجب أن نضع الأمور في نصابها. فالمجلس العسكري فوضناه كقوى سياسية ليمثلنا في وقت كان فيه يمكن أن نطلع بمظاهرات رافضة لكل الذي يجري في الساحة وضد التغيير، فنحن (127) حزباً وحركة ولا يغلبنا الخروج للشارع، ولكنا ساندنا ودعمنا الحرية والتغيير، ومن المؤسف جداً أن قوى التغيير حاورت في السلطة رغم تأييدنا لهم . هم أكدوا لنا أنهم يجرون خلف السلطة فقط.
*موقفكم كحركات مسلحة سابقة من الدعم السريع هل دفعكم لتأييد الدعوات التي تنادي بإقصائه عن المشهد؟
ما يواجهه الدعم السريع الآن من محاولات الإقصاء حقيقة جريمة كبيرة وعنصرية حقيقية، نحن من حارب هذه المجموعات سابقاً في دارفور، ولكنا الآن نرى أن الأمر فيه من المقصد ما يمكن أن يجعل السودان كله على الرصيف. الحقيقة تقول إن الدعم السريع هو من انحاز للوطن، وهو من جعل هذه الثورة تكتمل، ولذلك لابد من رد الجميل إليه. كنت لواء وأحارب الدعم السريع، ولكن ما يجري الآن هو عنصرية حقيقية ضد قوى الهامش في رمزية الدعم السريع، لذلك نحن نقف بشدة ضدها وسندافع عن الدعم السريع.
*توجيه الاتهامات تحت دواعٍ عنصرية وعزل أمر خطير؟
ما نشاهده الآن من تمييز ضد بعض شعوب الهامش يعد من صور العنصرية. فالقادم من دارفور مثلاً لا يستطيع استخراج الجنسية السودانية إلا باحضار ثلاثة شهود في بعض المواقف وهناك من يستخرجها دون شاهد، كيف يستقيم البلد وهذا التمييز والعنصرية تمارس عبر مكاتب الدولة؟. أقول بصراحة هناك من الايادي ما يسعى لتقسيم السودان تحقيقاً لأجندة بعض الدول الخارجية.
*أجندة دول خارجية مثل ماذا؟
لا أستطيع ذكرها علانية هنا، ولكن الأمر يبدو واضحاً مما يجري رغم المرارات الكثيرة التي تجرعناها، نطالب بضرورة أن نحترم بعضاً، وعلى المجلس العسكري أن يعمل لدعم هذا المبدأ. وأيضاً نقول في حق المجلس العسكري أحسنت ونشيد بخطوة إطلاقه سراح نزلاء الحركات المسلحة، ونتمنى لإخواننا في الحركات المسلحة مناوي وجبريل وعبد الواحد والحلو أن يخطوا ذات الخطوات لتضميد جراح السودان.
*كيف تنظرون للتصاعد الخطير في الدولاب الاقتصادي للدولة الآن؟
اليوم كل رأس المال السوداني هرب للخارج، للجنوب ولغيره من الدول، فلماذا لا تحاول التغيير الإسراع في إعادة رؤوس الأموال للبلاد، هذه المرحلة تعتبر لتأسيس الدولة بأسس جديدة لكل الشعب السوداني، وإيقاف الإقصاء الذي يمارس بحق قبائل دارفور وأبناء الهامش الذين تم إقصاؤهم تماماً من هيئة القيادة العسكرية ولا تكاد تجد منهم أحداً فيها. وكل الانهيار الذي جرى بالبلاد جاء نتيجة إيلاء الأمر لأفراد غير مؤسسين دفعوا بهم لمواقع حساسة بناء على الجنس واللون والجهوية، وهذا ما يجب على الحرية والتغيير السعي على معالجته أولاً.
*حميدتي التقى بمناوي وبجبريل إبراهيم بالخارج فهل قدمتم له رؤى باعتبار أنهم كانوا رفاقكم؟
لم يستصحب أي رؤى لنا ونعتبره رغم ذلك كان موفقاً ولكن، نحن كنا نطالب بأن لا تكون المرحلة القادمة قابلة للمحاصصات، وإنما يجب أن تشمل كل الفئات، وأن تكون مرحلة الحلو فيها شاملة لكل القوى السياسية وليس لمعالجة شئون حركة أو حركتين ينتهي أمرهما بانتهاء الاتفاق، خاصة وأن هناك اتفاقيات لم تنفذ من قبل، وقد نلنا من ذلك مرارات. لابد أن تشمل المرحلة القادمة كل القوى السياسية وإنسان مناطق الصراعات ومحاربة الناشطين في مثل هذه الظروف أو ما يعرفون بتجار الحرب والوسطاء. نحن لدينا رؤية واضحة لعملية السلام، وكنت مفوض سابقاً للسلام في السلطة الإقليمية والنظام البائد حقيقة لم يعمل باستراتجيتنا للسلام، لذلك نطالب بضرورة استصحاب رؤانا وأن لا يتم إهمال الموقعين للسلام من الحركات المسلحة.
*دور السلطة الانتقالية في دارفور أين تكمن أبرز نقاط الإخفاقات والنجاح؟
هنالك سلطتان، السلطة الانتقالية الإقليمية، أبوجا كانت قوية وقدمت خدمات جليلة في إطار الطلاب وإطار الخدمات ونتيجة لقوتها قام الوطني باتخاذ أكبر خطوة عُدّت من إخفاقاته وهي إلغاء وحل السلطة الانتقالية والإقليمية في دارفور، ونتيجة لذلك حصل تشريد أكثر من (1800) من المقاتلين السابقين الذين تم استيعابهم في المفوضيات الست، وعاد 90% منهم للقتال ضمن الحركات المسلحة الأخرى الآن، بالإضافة لذلك قامت بتوزيع الأصول وممتلكات السلطة للأفراد في الحزب الحاكم وهي أصول حكومية كان يجب أن ترجع لوزارة المالية ومن ثم هي من يوجهها للجهات المناسبة، ولكن الحزب عاملها معاملة غنائم. أيضاً هناك دراسات استراتيجية بقيمة 25 مليون دولار تم إهدارها ورميها في براميل القمامة وصار يستخدمها الباعة في أغراضهم. بالإضافة إلى أن هناك مشروعات للمياه بتكلفة أكثر من 200 مليون دولار على رأسها مشروع مياه الولايات الثلاث يكفي لخمسين سنة للفاشر ونيالا والجنينة بتكلفة 112 مليون دولار بطول 1000 كيلو متر من المواسير، والسلطة الانتقالية أنهت 64% منه، وبإلغاء السلطة ألغي هذا المشروع رغم أننا دفعنا الكثير من القروش أكثر من 112 مليون دولار للآبار كلها ذهب أدراج الرياح لعدم المتابعة.
*وماذا عن استحقاقات الدوحة، وقد دفع فيها المانحون الكثير؟
الدوحة كانت أكبر كارثة، وهي السبب الأساسي في القضاء على مقررات اتفاقية أبوجا فهم قاموا بتحويل كل الأموال والمنح لمشروع دارفور، ولكن هذه الأموال تقاسمها الوطني مع إخواننا في التحرير والعدالة صراحة، فالتجاني سيسي ما عنده علاقة بالحركات، كان موظفاً في الأمم المتحدة في أديس أبابا وأتوا به ليكون رئيساً للتحرير والعدالة ولصراعات فيما بينهم تركوا استحقاقات السلام على الأرض وانشغلوا فيما بينهم إلى الضرب في الفنادق وغيره. والأموال التي دفعت في الدوحة لدارفور كان يمكن أن تحول دارفور لجنة على الأرض، لم يستوعب قواتهم ولهذا رجع أخونا عبد الله بندة وموجود الآن في ليبيا والحركة الوحيدة هي حركة دبجو التي جمعت سلاحها وقامت بترتيباتها الأمنية بالإضافة لأخونا عبد الله بنات الذي جمع سلاحه للدعم السريع.
*وما هو الموقف الآن، هل تتابعون ما يجري حيال هذه المشروعات؟
حقيقة كنا نحرك هذا الملف عبر البرلمان، ولكني الآن أطلب من المجلس العسكري متابعة ما تبقى من استحقاقات أبوجا، فيما يتعلق بالمياه هنالك مبالغ أكثر من 90 مليون دولار صرفت لمشروع شبكات مياه المناطق الثلاث الفاشر والجنينة ونيالا، وهذه الأموال لا زالت في طرف المتعاقد لم ينفذ إلا 56% فقط والباقي يجب عليه تنفيذه.
*هل دفعت له السلطة حينها المبالغ كاملة لإنفاذ المشروع؟
نعم تم دفع المبلغ كاملاً (114) مليار جنيه للجهة المنوط بها تنفيذ المشروع، وطالبنا كثيراً إيفاءه بذلك، ولكنه لم ينفذ حتى الآن، ويجب على المجلس متابعة تنفيذ هذا المشروع أيضاً هنالك أكثر من 380 دونكياً يجب حفرها وتم دفع 72 ملياراً في فترة أبوجا، ولكن لم تقم الشركات بتنفيذ هذه المشروعات. بالإضافة لذلك توفيق أوضاع المقاتلين السابقين للحركة لأن هذا الجو الراهن يمكن أن يعيدهم لحالتهم السابقة في ظل الإقصاء الذي يلوح به اليوم الحرية والتغيير، وإذا أخذت هذا الموقف فهو ليس من مصلحة الوطن هنالك ضبابية في التزامات المجلس العسكري وصار يتراجع، ولذلك نقول له ما مصير الاتفاقيات الموقعة مع حكومة السودان وليس مع النظام السابق، ولابد أن تكون الرؤية واضحة وإلا فإن الطريق الثالث أمامنا وهو ليس من مصلحة قوى التغيير وليس من مصلحة المجلس العسكري.