الخرطوم: مروة كمال
بزيادة بلغت مائة مليون جنيه، أعلن عضو المجلس السيادي اللواء مهندس إبراهيم جابر، زيادة ضخ كميات السيولة النقدية للبنوك يومياً لتصبح (350) مليوناً بدلاً عن (200) مليون لتغذية الصرافات الآلية، بجانب الصرف عبر الكاونتر لمقابلة احتياجات المواطنين والعملاء، وأكد حدوث انفراج كبير في أزمة السيولة عقب ضخ المركزي لهذه المبالغ.
والثابت أن بنك السودان المركزي ظل على فترات متباعدة يعمل على تغذية البنوك والمصارف كان آخرها قبل شهر رمضان الماضي بواقع 200 مليون جنيه في محاولة منه لحل شح السيولة الذي ضرب النظام المصرفي في البلاد، وعجزت جميع محاولات النظام السابق في معالجتها ورثها المجلس العسكري الحالي، والشاهد أن بوادر أزمة نقص السيولة بدأت منذ فبراير من العام الحالي، عقب الإجراءات غير المعلنة التي اتبعتها الدولة بتحجيم السيولة لدى المواطنين، لإيقاف تدهورالجنيه السوداني أمام الدولار، شملت تحديد سقوف لسحب الودائع المصرفية وتجفيف الصرافات الآلية.
ويرهن الخبير الاقتصادي د. التجاني حسين لـ(الصيحة) استعادة الثقة بين المصارف والجمهور بتوفير النقد في البنوك وفي الصرافات الآلية بالشكل الذي يمكن المواطنين من سحب من حساباتهم في أي وقت يريدون وبالكيفية التي يرغبونها، منوهاً إلى ضرورة وجود خطوات جادة باتجاه الانتقال إلى المجتمع اللانقدي عبر استخدام وسائل الدفع الإلكتروني المتمثلة في البطاقات المصرفية والمحفظة الإلكترونية والدفع عبر نقاط البيع باعتبار أن هذه الوسائل تقلل من تداول الكاش خاصة وأن العالم جميعه يمضي نحو هذا الاتجاه لجهة أن حمل النقود أو الاحتفاظ بها في المنازل يعرضها للمخاطر مثل الضياع والسرقة، فضلاً عن ارتفاع تكلفة طباعة النقود.
وقال إنه من المعروف أن العملة الورقية يمكن أن تكون ناقلة لبعض الأمراض، وعليه فهنالك حاجة ماسة إلى العمل من أجل نشر وسائل الدفع الإلكتروني وإلى توعية المواطن بشأن كيفية استخدامها وخاصة الدفع عبر الموبايل لجهة أن السودان معروف عنه أن مواطنيه في أغلبيتهم يمتلكون الموبايلات ويستخدمونها، وهنالك دول في أفريقيا وصلت فيها نسبة استخدام الموبايل في الدفع كبديل للكاش ما يقارب 80%.
ويربط التجاني حل مشكلة السيولة بان يتمكن القطاع المصرفي من جذب الكتلة النقدية الموجودة في أيدي الجمهور، لأن المواطنين في فترة من الفترات قاموا بسحب جزء كبير من ودائعهم من البنوك لتحويلها لدولارات وعقارات حتى لا تتدهور قيمتها، وقد أثر ذلك على وجود السيولة النقدية لدى المصارف.
لا شك أن تخزين النقد بعيداً عن المصارف يعتبر واحداً من أهم العقبات التي واجهت الاقتصاد السوداني بصفه عامة، والمصارف التجارية وقطاعات أصحاب العمل بصفة خاصة، مما أثر سلباً على جميع قطاعات الأعمال الإنتاجية والتجارية والخدمية مما انعكس ذلك على المواطن الذي يقف في الصفوف لساعات عديدة، يبحث عن نقد من حسابه الخاص ليسدد بعض احتياجاته الحياتية البسيطة، فهذه الظاهرة السلبية نتجت بعد أن قيدت المصارف السحب نتيجة لشح السيولة، مما أدى الى تفاقم الوضع بفعل فقدان الثقة تدريجياً بين المصارف والمودعين خلال الأشهر الماضية، والتي فشلت بموجبها معظم المحاولات لإعاده النقد للبنوك. حيث ظهرت عدة مبادرات مثل مبادرة إيداع التي أطلقها أصحاب العمل كانت فرصة لإعادة الثقة.
إلا أن هنالك العديد من التحديات التي واجهتها متمثلة في ظهور سعرين للسلعة الواحدة، وتذبذب أسعار النقد الأجنبي بالنقد وبالشيك حيث بات النقد سلعة تباع وتشترى، ويتم تخزينها وبيعها لمن يدفع أكثر رغم مخاطر التخزين.
ويؤكد الخبير الاقتصادي د. عادل عبد المنعم لـ(الصيحة) أن انفراج السيولة انعكس بصورة واضحة على المواطن بالرغم من الأصوات التي تنادي بتحجيم السيولة للحد من معدلات التضخم، مشيرًا إلى عودة صرف المرتبات بالشباك للموظفين أعطى البنوك فرصة لاستقطاب العملاء القدامى، وطالب بأهمية وجود حوافز لجذب السيولة التي باتت سلعة غالية جداً، لافتاً إلى أن الانفراج سياسة جيدة يجب المضي فيها للأمام عبر زيادة الإيرادات الضريبية.