ما يوحدنا هو جرح سيف بني أمية
سليمان مسار يكتب.. ما يوحدنا هو جرح سيف بني أمية
يقال ان عبدالحميد الكاتب وكان يعمل لدى مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية بالشام أرسل إلى أبي مسلم الخرساني قائد جيوش الثوار العباسيين رسالة طويلة جدآ لدرجة أن رقاق الجلد الذي كتبت عليه حملت على جمل، وكان هدف عبد الحميد أن توقع بلاغته الشقاق بين صفوف الثوار فهم فرس وعرب والعرب منقسمون إلى سنة وشيعة، بل وبعضهم خوارج وهم قد خرجوا على بني أمية دون أن يتفقوا على بديل واضح لهم لأن أهواء الثوار كانت مختلفة،بعضهم يرى أن الإمامة حق لأبناء الحسين بن علي بن أبي طالب وبعضهم يرى أنها حق لأخيه الحسين وفريق ثالث يرى أنها حق لبني هاشم عامة وبعضهم يرى أن بني العباس أولى. أما قائد الجميع فمولى فارسي كان يأتي بالطعام للمساجين الهاشميين في سجون بني أمية،وليس ذا عصبية أو قبلية تضمن له ولاء الناس.
فلما وصلت رسالة عبد الحميد الكاتب إلى أبي مسلم الخرساني أمر أبي مسلم أن تحرق الرسالة بالنار قبل أن تقرأ ، وأخذ طرفاً منها على قدر حدوة الحصان وكتب عليها بيتا من الشعر مطلعه:
محى السيف أصدار البلاغة وانتحى *عليك ليوث الغاب من كل جانب، ثم أمر الرسل بإعادتها إلى عبدالحميد. لم يفسر أكثر المؤرخين البيت لأنهم إعتبروا أن معناه واضح، فأبومسلم يقول إن السيف أي القوة العسكرية معه ، وأن بلاغة عبد الحميد لن تثنيه عن عزمه وأن الأسود من بني العباس قد أقبلوا على بن مروان لينزعوا ملكه ولا مرد لذلك.
فقد يكون السيف المقصود هنا هو سيف بنى أمية أى جرائم بنى أمية ضد بني هاشم وضد الناس عموماً تمحو سطور بلاغة كاتبهم، فالغضب المكنون في صدور الناس لما تراكم من جرائمهم يمنعم من تلقي بلاغتهم وقراءة رسائلهم،فما خطه بني أمية بالسيف يمحو ماخطه كاتبهم عبدالحميد بالقلم، فكلهم جرحهم سيف بني أمية فلن يفرق بينهم اصدار البلاغة.
إن إجماع الناس على هدف أو سردية أو عقيدة أو فكرة ما قد يحل محل القيادة المركزية لهم،فتملي الفكرة على الناس تصرفهم بدلاً من أن يأمرهم بذلك أي قائد أو خطيب مفوه.
فالثورة كالعقيدة فالناس يثورون مختارين لا مجبرين فإن كانوا كذلك فإنهم لا ينكسرون بإنكسارها وهذا قد يقود أحيانآ إلى إنهيار الثورة وذلك لغياب القائد، لأن نجاح أي ثورة يحتاج إلى قائد ذو كاريزما وإلهام لمن حوله، وهذا ماتتميز به ثورة 15 أبريل المجيدة وهي تتميز بقائد فذ وذو عقيدة قتالية وكاريزما بين جنوده أي الثوار، قل ما يجود بها الزمان.
وإذا أمعنا النظر إلى كل الثورات عبر التأريخ نجد أن نجاحها وبلوغها إلى هدفها المنشود يتمحور حول القيادة الملهمة والرشيدة والتى تؤمن بقضيتها التى ثارت من أجلها وهذا مايتوفر فى قائد هذه الثورة ألا وهو قائد قوات الدعم السريع،الذى ألهم كل أبناء الشعب السوداني وجعلهم يلتفون حول هذه الثورة،بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك وتناسوا تناحرهم واختلافهم الفكرى والسياسى والعقدى والقبلى ،لأن سيف الإنقاذ قد طالهم جميعا من قتل وتنكيل وتشريد وعنصرية بغيضة قد عمت جميع أرجاء هذا الوطن.
ومانقصد به سيف الإنقاذ أو الجبهة اللإسلامية أيضا هوغلوها وفجورها فى الخصومةلكل من خالفها الرأى.
وهذا ما أوضحت ملامحه ثورة أبريل والتى نادت بالإصلاح العسكرى وهيكلته وفق المعايير التى تكفل لكل أبناء الأقاليم حقهم فيها دون من أو أذى،وكذلك نادت هذه الثورة العظيمة بالتوزيع العادل للثروة والسلطةوالتى كانت حكرا فقط لأبناء رقعة جغرافية بعينها ولم يكن لأبناء الهامش سوى الترميز التضليلى فى هذه المؤسسات المأفونة والمليئة بالحقد والكراهية والتى بدورها خرجت قاده عسكريين ذو عقدة ونقص يشعرون به منذ تخرجهم من المؤسسات العسكرية المعطوبة.
إن ثورة ١٥ أبريل أيضا قد كشفت لنا سوءة مايسمى بالقوى السياسية أو الأحزاب والتى بدورهالم تكن سوى واجهات لإثنيات وعرقيات بعينها وهى أيضا قد ساهمت مساهمة كبرى فى عطب الدولة منذ نشأتها.
وهذه الثورة العظيمة قد وحدت كل من طاله جرح سيف النخب النيلية المأفونه والتى لم ترتقي أبدا إلى مصاف القوى السياسية الوطنية القوميه…
لذا وحدت هذه الثورة كل من ظلم وطاله ذلك الجرح العميق والذي لم يندمل بعد.
لذا نجد أن كل أبناء الشعب السوداني قد إلتف حول هذه الثورة إلا من أبى وارتهن إلى جلاده وهذا شئ بديهى لأن البعض يرى أن التحرر جريمة لاتغتفر،ولكن حتما هؤلاء سيعودون إلى الرشد والوعي الذي تطالب به هذه الثورة الأبية. وحتماً ستنتصر الثورة وتصل إلى مبتغاها دون كلل أو ملل مادام يؤمن بها من إلتف حولها وستحقق مبتغاها النبيل.