تتفاقم تداعيات حرب السودان يوماً بعد آخر، مع اتساع رهيب لرقعة الجوع، وسط مخاوف أممية من تدهور الأوضاع أكثر في حال لم يتمّ إدخال المساعدات العالقة رهينة الاتهامات المتبادلة بين طرفي النزاع تزامنًا مع حلول شهر رمضان.
ويتبادل طرفا القتال، الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، الاتهامات حول عرقلة وصول المساعدات الغذائية للمحتاجين، إذ يتهم الجيش قوات الدعم السريع بتأجيج القتال وتفجير الأوضاع الإنسانية؛ ما حال دون وصول المساعدات، بينما يحمّل قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” الجيش المسؤولية، متهمًا إياه باحتجاز أكثر من 70% من تلك المساعدات في موانئ مدينة بورتسودان، التي اتخذها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان مقرًّا له بعد خروجه من القيادة العامة للجيش في الخرطوم في أكتوبر الماضي.
وفي هذا السياق، حذّر برنامج الأغذية العالمي من أن هذه الحرب المستمرة قد تؤدي لأكبر أزمة جوع بالعالم، في بلد يشهد أيضاً أكبر أزمة نزوح على المستوى الدولي، إذ باتت المعارك التي أوقعت آلاف القتلى وأدّت إلى نزوح 8 ملايين شخص، “تهدد حياة الملايين، كما تهدّد السلام والاستقرار في المنطقة بكاملها”، وفق ما نقلت فرانس برس عن مديرة برنامج الأغذية العالمي، سيندي ماكين.
وأبدى مراقبون بحسب “إرم نيوز” مخاوف كبيرة من أن يعيد التاريخ نفسه، وتتكرّر مأساة دارفور التي شهدت أكبر حالة جوع في العالم قبل 20 عاماً، حين تظافرت الجهود الدولية لمواجهة الكارثة، على العكس تماماً ممّا يحدث اليوم، وفق تقديرهم للأوضاع الراهنة.
وفي بارقة أمل جديدة تبعث نوعاً من الطمأنينة لدى السودانيين، مفادها بأن السلطات السودانية ستسهّل دخول المساعدات من تشاد، وفق ما أعلنت المنسقة الأممية للشؤون الإنسانية في السودان، كلمنتين نكويتا سلامي، إذ يترقّب ملايين الجوعى المساعدات في معسكرات النازحين في إقليمي دارفور وكردفان، والمناطق التي تعاني نقصًا حادًّا في الغذاء، بسبب الحرب التي تهدّد الأمن الغذائي لأكثر من ثلثي السكان البالغ عددهم نحو 42 مليون نسمة.
ووفقًا لتقارير أممية ومنظمات دولية، فإن أكثر من 25 مليون سوداني، أي نحو 65% السكان، باتوا بحاجة إلى مساعدات غذائية عاجلة، محذّرة من وصول الأوضاع الإنسانية في السودان إلى حالة الانهيار التام، وسط ندرة كبيرة في السلع التموينية والمياه وخدمات الكهرباء والاتصالات، وخروج أكثر من 60% من المستشفيات عن الخدمة.
أرقام مرعبة
ويرى محللون أن الأرقام والإحصائيات القادمة من السودان مرعبة جدًّا، وتتطلب تحركاً دوليّاً واسعاً لتلاشي القادم تزامناً مع إعلان برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة بأن 18 مليون إنسان في أنحاء السودان يواجهون الجوع الحاد.
وفي سياق متصل، كشفت الإدارة العامة لمعسكرات النازحين في دارفور، أن ما بين 250 إلى 300 شخص يموتون يوميّاً في المعسكرات المنتشرة في الإقليم بسبب الجوع وأمراض سوء التغذية، بينما يموت طفل كل ساعتين في مخيم زمزم للاجئين بدارفور، وفق منظمة أطباء بلا حدود.
يشار إلى أن برنامج الأغذية العالمي كشف مؤخراً أن 5 ملايين سوداني أصبحوا على شفا المجاعة، في حين يواجه العاملون في مجال الإغاثة الإنسانية الذين يساعدونهم، صعوبات في التنقل ونقصاً كبيراً في التمويل، مشيراً إلى أن أقل من 5% من السودانيين يستطيعون أن يوفروا لأنفسهم وجبة كاملة في الوقت الراهن.