حرب التأسيس الجديد أم التثبيت للقديم ..؟
السماني بشير يكتب.. حرب التأسيس الجديد أم التثبيت للقديم ..؟
بعد حرب 15 أبريل انكشفت العيوب الهيكلية للجيش السوداني، و أصبح الكثير من السودانيين في حالة خيبة ودهشة جعلتهم في إصطفاف لا يعرفون أجندته الحقيقة.
ما أن استمرت الحرب بانتهاكات واسعة للجيش بقصف المدنيين وتصريحات كبار قادة الجيش بطريقة تثبت ما كان يؤكده قادة النضال المسلح، ولم تفتحه الطبقة السياسية في نقاشات السياسة و الحلول الدائمة، هو أن الجيش حزب سياسي ينتصر في السياسة وليس المعركة العسكرية.
أصبح الرأي العام مجبوراً على نقاشات الترتيبات الأمنية و ضرورة تأسيس وبناء مؤسسة عسكرية تضمن حماية العقد الاجتماعي.
كان هذا التفكير محتكراً في غرف التفاوض وعمل الجيش على تجنيب الرأي العام من نقاشات التأسيس والبناء و فرض على حواضن التأييد محتكره في صيغة الاصطفاف الأعمى و تخوين كل من تطرق لفتح أجندة التأسيس والبناء داخل هيكل الدولة وتاسيسها والإجابة الصحيحة لسؤال قضايا الحرب و السلام.
مايؤكد حقيقة أن الجيش حزب سياسي له حواضن اجتماعية و محفزاته العرقية هو طبيعة الخطاب الذي ساند الجيش في حرب 15 أبريل. خطاب أدهش كل المراقبين لتفاعلات الصراع السياسي انصهرت تيارات كانت قد أشعلت الحركة السياسية لوقت طويل من عمر دولة 56 بخطابات قطيعة كانت تظهر تطرفها ضد الجيش باعتباره جيش مؤدلج تقوده الحركة الإسلامية كل ذلك اختفى بإعلان الدعم السريع رؤية الحل الشامل التي تشابهت لحد ما برؤية الحركة الشعبية في السودان الجديد. هذة الأجندة احرجت تلك القوى التي تخفي نفسها تحت شعارات الاختلاف الايدلوجي وفضح حقيقة الصراع الاجتماعي ووضعها في مرافعات سياسية دوافعها حماية الكتلة العسكرية كقوة دفاع تحمي امتيازات النخب السياسية لدولة ما بعد الاستعمار .
بهذا السقوط الأخلاقي أكد الجيش حقيقة انحيازة الاجتماعي، وأنه حزب يتقن العملية السياسية ويحتكرها وفق خطط الهجوم والدفاع عن تلك المصالح العرقية والجهوية والمناطقية.
ثمة واقع جديد سيفرض نفسه بقوة على أجندة النقاش السياسي ولا يمكن تجاوزه بأي حال من الأحوال. هو ما قام به الدعم السريع في وضع شروط الحل بتأسيس وبناء جيش مهني موحد يضع جميع السودانيين في مسؤلية حماية العقد الاجتماعي واقتلاع جذور الحرب و أسبابها.
هذا التحول وضع أولوية النقاش والحركة السياسية في نقاشات مستمرة حول ما كان يعرف بملف الترتيبات الأمنية كان هذا الملف محتكراً داخل دولاب السرية والمختصين أما الأن تحول إلى أجندة اصطفاف سياسي عريض لا يمكن القفز عليه وتجاوزه، لأن الخطوة التأسيسية الأولى في بناء السودان الجديد أو انهيار السودان في صراعات وفوضى الحرب الأهلية.
28 فبراير 2024