عندما فتح العالِم هاورد كارتر مقبرة توت عنخ آمون، وجد عبارة مكتوبة إلى جانب التابوت، تقول العبارة المستكشفة حينها: “لا تفتح التابوت فسيضرب الموت بجناحيه كل من يعكر صفو الملك” تذكرني هذه العبارة التي تأسست عليها لاحقاً أسطورة “لعنة الفراعنة” بالوضع الذي عليه الجيش السوداني حالياً. حيث أحيل “بقدرة قادر” إلى جناح عسكري للعديد من الأحزاب السياسية آخرها الحركة الإسلامية.
خلال سلسلةٍ من الانقلابات التي أسهمت في تقويض الأنظمة والدساتير، أحاط العسكر سلطتهم بأسطورة “توت عنخ آمون”، فهم لا يحتملون فكرة إبعادهم عن السلطة ومراكز التحكم في البلاد، بل ستحل لعنة العسكر على كل من يحاول تعكير صفو هيمنتهم، نظرية أوردت البلاد والعباد موارد الهلاك، ولعل ما وصل إليه حال السودان الآن نتاج طبيعي لحقب متتالية من الطموح المتهور للعسكريين، طموح جعلهم يتركون ثكناتهم ويتسللون إلى قاعات الاجتماعات السياسية والأسواق، وظلوا في حالة بحث دائم عن حليف سياسي أو قبلي أو اقتصادي، يجدون فيه ضالتهم حتى إن وجدوه استأسدوا علي اطراف البلاد واستأثروا بالمركز، فإن تمرد عليهم فصيل في الأقاصي أو شهر سلاحه -وهم كُثر- فجروا بينهم ألغام الخلافات واغرقوهم في صراع محلي لا يتجاوز مكانه ليصل مهد سلطتهم ليقلق المركز، فان صمد معارضوهم قتلوا بعضهم بعضا ومن تبقى منهم قدم له جزرة الترضيات باليمني وباليسرى العصا.
جيش الحركة الإسلامية لا يضيره أن يتحالف مع الأنظمة المارقة مثل إيران التي تلاحقها العدالة في سبيل أن يجد ما يثبت به أركان سلطته وقليل عتاد يستر به عورة جنود برعوا في السياسة أكثر من التخطيط الحربي والعسكري، ويقدم في المقابل موطئ قدم لـ “ملالي” طهران صوب باب المندب، فطهران تعلم أن بورتسودان غير مأمونة الجانب ولن تكون مصدر ثقة مرة أخرى، أما تحالف الجزائر فهو بلا أهداف واضحة فقط لكسر العزلة وقليل وعود بالمساهمة في الحل، وعد من لا يقدر، فتصدعات القرن الأفريقي جعلت من بلد المليون شهيد تبحث هي الأخرى عن حلول..
يومًا بعد يوم يعمق عسكر الإسلاميين أزمة الأمة السودانية ويفتحون ثقوباً تتدفق منها شلالات دماء أصبحت سمة الدولة لا يملكون حلاً ولا يعودون لثكناتهم لنموت بهدوء نعاني آثار ما فعلوه.