نجم الدين دريسة
مؤكد أن للحرب تداعيات وآثار وافرازات ومساوئ لكنها احيانا ربما تفرضها ظروف سياسية واجتماعية وامنية بالغة التعقيد تنطبق عليها مقولة (رب ضارة نافعة ) ويمكن ان نطلق عليها (الصدمة) رغم قسوتها ربما تقود الشعوب السودانية لتأطير مشروع مدني يعالج كافة الاختلالات التاريخية والازمات المتلاحقة والمتطاولة وتحقيق شعارات ثورة ديسمبر الباذخة في الحرية والسلام والعدالة وتحقيق مبدأ المواطنة كأساس للحقوق والواجبات هذه حقائق لا يمكن القفز عليها والتي بتحقيقها يمكننا ان نحافظ علي السودان وطنا موحدا يحقق تطلعات واشواق الشعوب السودانية.
المشهد السياسي بتعقيداته الماثلة يتطلب شكل من التعاطي الايجابي الذي يفتح افاقا جديدة وتغيير في الوعي الجمعي والعمل علي خلق منصات صلبة لتراص كل القوي المدنية وقوي ثورة ديسمبر المجيدة لهزيمة الحرب عبر حوار وطني عميق وجامع وشامل وخالص ليس فيه مكان للاقصاء والاقصاء المضاد والغلو والتطرف لا سيما وإن العاصمة الأثيوبية تحتضن هذه الأيام الاجتماعات التحضيرية للقوي المدنية والتي نأمل ان تضطلع بمسؤولياتها في جمع قوي الثورة وخلق جبهة مدنية عريضة حقيقية خاصة وان معظم تجارب التحالفات السابقة لم تحقق الاجماع الوطني المطلوب ومعلوم ان بلادنا منذ الاستقلال 1956م ظلت تعاني من غياب التوازن التنموي والسياسي والاجتماعي بسبب النخب التي استأثرت بالثروة وإحتكرت السلطة واسست لمركزية قابضة وخانقة حرمت كثير من الشعوب السودانية حقوقها في التنمية…الأمر يحتم علي هذه القوي المدنية التعاطي بمسؤولية تتجاوز عقلية ما بعد الاستقلال وتستصحب الشعوب السودانية وفقا لمعايير تحقق عدالة المشاركة لا سيما وان بلادنا زاخرة بموارد ومقدرات تؤهلها لأن تكون دولة رائدة في محيطها الاقليمي والعمل علي خلق نظام قادر علي ادارة التنوع والاختلاف لاسيما وان هنالك تجارب شبيهة للحالة السودانية في القارة السمراء يمكننا الاخذ منها والاسترشاد بتجربتي جنوب افريقيا و رواندا لتحقيق الاستقرار وتعزيز فرص التعايش بين كل هذه الأطياف والمكونات علي أساس المواطنة .
الحرب تجاوزت شهرها السادس والاوضاع الإنسانية تزداد تدهورا وشبح مجاعة يلوح في الافق وكل الآمال متعلقة بجدة لا سيما وان كل المبادرات توحدت في منبر جدة….
ومن المنتظر عودة الجيش وقوات الدعم السريع الخميس المقبل بدعوة الطرفين من قبل المبادرة الأمريكية السعودية للمباحثات بالتزامن مع اجتماعات اللجنة التحضيرية للجبهة المدنية العريضة لوقف الحرب وإستعاده المسار الديمقراطي …
هل ستمضي المباحثات نحو وقف شامل لاطلاق النار يقود لحوار وطني يؤدي إلي اتفاق سياسي يفضي إلي بناء السلام الشامل والتحول الديمقراطي الكامل .. ام ان المناورات ستظل سيدة الموقف خاصة وان وفد الجيش سيعمل علي تعويق المباحثات كما ظل يعمل عبر اشتراطاته العصية التحقق خاصة بعد الخسائر الكبيرة التي مني ليعوض ما خسره في المعارك العسكرية علي طاولات التفاوض.