تنتظر حكومة السيد عبد الله حمدوك قائمة طويلة من الأشياء التي تحتاج إلى مكافحة، وتأتي على صدر تلك المطلوبات الكفاحية بطبيعة الحال عملية مكافحة الفساد ومناهضة المفسدين….
* غير أن أولوية مكافحة البعوض أراها تفرض نفسها بقوة، وذلك نتيحة لتردي صحة البيئة لدرجة غير مسبوقة، وربما نجد بعض العذر والمسوغات لغياب الحكومة لمدة أربعة شهور، المدة الزمنية المضنية التي استغرقتها عملية صناعة الثورة.. و.. و…
* بحيث يفاقم من عمليات تردي البيئة وانتشار النفايات على قارعة الطرقات، عملية هطول الأمطار بكميات كبيرة دون أن يسبق فصل الخريف هذا العام بالتحوطات المعتادة التي تقوم بها السلطات البلدية والمحلية في كل عام، ومن ثم تشكلت برك المياه الراكدة في المدن والأحياء، مما مهد لصناعة مناخ ملائم لتوالد البعوض والذباب.. و… و…
* ومن ثم نتوقع في ظل هذا التردي الصحي احتدام حالات الإصابات بالأمراض التي يتسبب فيها البعوض والذباب، فمن جهة أن هذه الوبائيات يمكن أن تقعد بطاقات المجتمع المطلوبة جداً في هذا المنعطف، فضلاً عن إزهاق المزيد من العملات الأجنبية الشحيحة أصلاً في عمليات العلاج وتوريد الأدوية.. و… و..
* ولن تستطيع الحكومة أن تقوم بالقضاء على البرك ومحاصرة الأوبئة، ما لم تنهض السلطات المحلية من جديد، فليس خافياً على أحد عمليات (التمرد المدني) التي صاحبت الثورة، بحيث يرفض المواطنون تسديد فواتير المستحقات المحلية، من ضرائب ورسوم وعوائد، ومن ثم انصرفت الوحدات المحلية هي الأخرى عن القيام بواجبها في ظل هذا الوضع ….
* ليس بالإمكان التحدث عن مجتمع مدني متحضر ودولة مدنية، حتى وفق القيم الغربية، فضلاً عن الأخلاق الشرقية الإسلامية، ما لم تخطُ حكومة السيد حمدوك خطوات مقدرة في طريق عمليات إصحاح البيئة، ومن ثم تتجاوز الأمة السودانية الأمراض التقليدية من حمى الملاريا والتايفويد والأوبئة المعوية، التي أقعدت البلاد وأهلكت الحرث والنسل، سيما وأن السيد حمدوك القادم من أتون صناديق ومنظمات الأمم المتحدة، يدرك قبل غيره ضرورة بناء اللبنات الأولى للدولة المدنية بمعاييرها الغربية، (على الأقل ما يبقن علينا اتنين)، لا دولة إسلامية ولا حتى مدنية!!
* يفترض، والحال هذه، أن هنالك لحظة فارقة، نودع فيها جداول لجان المهنيين الاحتجاجية، لصناعة جداول حكومة السيد حمدوك النهضوية الإنتاجية، فنشهد نهوض لجان البناء والتعمير وبروز شباب البناء الوطني، السودان الجديد كما تبشر به قوى الحرية والتغيير ويهتف به الثوار … السودان كما لم تره من قبل!!
* يفترض أن الآخرين، ممن لم تشملهم الفترة الانتقالية ولم تستوعبهم هياكل الحكم الانتقالي، يفترض أنهم يقدمون أنموذجاً لمعارضة بناءة تؤسس لدولة سواسية راشدة، تقوم هذه المعارضة المفترضة على فلسفة مساندة كل عمل إيجابي ومناهضة كل عمل سلبي .. فعلى الأقل أننا جميعاً نركب في هذا الظرف التاريخي على متن مركب الخربة والتغيير التي يفترض أن نسهم جميعاً في مساعدتها في الوصول إلى وجهتها… وليس هذا كل ما هناك