جرائم حرب موثقة للجيش في الخرطوم .. (2641) مدنيًا بين قتيل وجريح جراء القصف الجوي منذ بداية الحرب
(تقرير – علي أحمد)
فيما ظل إعلام الفلول الداعم لاستمرار الحرب والمتحالف مع قيادة الجيش، يقدّم إدانات شفهية مكثفة بحق قوات الدعم السريع؛ مستغلاً وجوده المتجذّر في أجهزة الإعلام (العربية) والمحلية؛ ويكيل لها الاتهامات بترويع المدنيين واحتلال منازلهم وسرقة ممتلكاتهم، على سبيل البروباغاندا العسكرية، دونما يقدّم دليلاً مادياً واحداً على ذلك، عدا في حالات استثنائية نادرة، بدأت تتكشف مع دخول الحرب شهرها السادس جرائم وانتهاكات خطيرة قام بها الجيش ضد المدنيين في العاصمة الخرطوم.
وبطبيعة حرب المُدن الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، منذ 15 أبريل المنصرم، وما ترتب عليها من صعوبة بالغة في رصد ومتابعة انتهاكات الفريقين، بجانب كيانات أُخرى متحالفة مع الجيش مثل كتائب “البراء بن مالك” الإرهابية المتطرفة، وما يُسمى بالمُجاهدين من منسوبي الأمن والدفاع الشعبي وكتائب الظل وخلافها من مليشيات الإخوان المسلمين، وهؤلاء في الغالب هم الذين أشار إليهم هذا التقرير ووصفهم ب— (المجهولين). تمكن (محامو الطوارئ)؛ وهي جماعة حقوقية نشطت بعد الحرب؛ من إصدار أول تقرير حقوقي مهني عن انتهاكات الحرب الراهنة، بتاريخ الأربعاء، 27 سبتمبر ؛ وجاء التقرير تحت عنوان: (مُدن تحت الحِمم – حول ضحايا القصف الجوي والمدفعي في السودان).
حيِّز التغطية :
غطى التقرير المكون من (48) صفحة، و الذي تم إعداده ميدانياً عن الفترة من 16 أبريل إلى 19 سبتمبر (160) حالة قصف مدفعي وجوي؛ خصوصًا في العاصمة الخرطوم، كان للجيش نصيب الأسد منها، وفقاً للتقرير.
ونرصد هنا الجرائم التي حدثت في العاصمة بمدنها الثلاث، تشمل انتهاكات جميع أطراف الحرب، فبجانب الجيش والدعم السريع طرفي النزاع الأساسيين، أشار تقرير (محامو الطوارئ) إلى أطراف أخرى؛ سمّاها بالمجهولة، ويُرجح كثيرون أنه يعني بها مليشيات النظام السابق التي تنشط بفعالية في مساندة الجيش من أجل العودة إلى السلطة مُجدداً.
حصيلة قاسية واستخدام منازل المواطنين بواسطة الجيش:
ووفقاً للتقرير نفسه، فإنّه في العاصمة وحدها؛ لقي( 470) مدنيا مصرعهم، وأُصيب (2171) آخرين، جراء القصف المدفعي والجوي للجيش السوداني، فيما أرصدت انتهاكات متناثرة وأقل بكثير لقوات الدعم السريع وللجهات الأخرى التي أطلق عليها (المجهولة).
وكانت مقاطع فيديو بثها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي أظهرت استغلال مفارز من الجيش لمنازل المواطنين واستخدامها منصات لقناصته وارتكازات عسكرية له، كما أظهرت حجم الضرر الذي حاق بأرواح المواطنين وممتلكاتهم ومنازلهم جراء القصف الجوي والمدفعي العشوائي للأحياء السكنية بالعاصمة، خصوصاً المناطق التي تعد الأكثر تهميشًا في العاصمة، مثل مناطق جنوب الحزام الأخضر بالخرطوم، ومنطقتي الحاج يوسف وصالحة ببحري وأم درمان؛ على التوالي، وقد شهدت هذه المناطق قصفًا جويًا بصورة دائمة خلفت الكثير من الضحايا وسط المدنيين في منازلهم.
وأشار التقرير الذي تضمن جدوالاً تحوي إحصائيات دقيقة للانتهاكات وسماها أعمالًا انتقامية موجهة إلى مدنيين تهدف إلى عدم الإبقاء عليهم أحياء وتقصفهم بلا رحمة أوهودة.
قصف عشوائي:
وتناول التقرير أيضاً، انواع الأسلحة المستخدمة في الحرب من الجانبين مشيراً إلى أن قوات الدعم السريع لا تمتلك طائرات قتالية مسيرة – قبل الحرب – لكن ربما حصلت عليها لاحقًا بصورة أو بأخرى. وأشار التقرير إلى مصنع اليرموك للأسلحة والذخيرة الذي استولت عليه موخرا قوات الدعم السريع من الجيش كأحد المصادر المحتملة لحصولها على المسيرات والأسلحة الثقيلة.
وكشف التقرير عن أن الجيش استخدم المقذوفات والدانات والقصف الجوي بطريقة عشوائية وموسعة في الأحياء المكتظة بالسكان، ما تسبب بحالات وفاة وإصابات مميتة ومتوسطة وخفيفة وسط النساء والأطفال والرجال، وحالات تدمير كلي أو جزئي لمنازل المواطنين والمدراس والمساجد والمؤسسات الخاصة والعامة (الحكومية)، الأمر الذي ظل ينسبة الإعلام الداعم للجيش إلى قوات الدعم السريع وينفيه عن القوات المسلحة.
جداول وأرقام:
التقرير القانوني والحقوقي الموثق بجداول وأرقام وإفادات من متضررين وشهود عيان وقانونيين، تضمن 16 صورة حصرية مؤلمة لجثث وأشلاء ومنازل ومؤسسات مدمرة كلياً أو جزئياً، معظمها بواسطة القصف الجوي العشوائي؛ ما يشير إلى أن الجيش هو من ارتكب هذه الجرائم الشنيعة، خصوصاً في منطقتي جنوب الحزام وسوق قورو بمنطقة مايو.
ويعتبر هذا التقرير الذي صدر بعد مرور نحو 6 أشهر من الحرب، أول تقرير حقوقي موثق صادر عن جهة قانونية، ما يضع مصداقية الدعاية الحربية للجيش على المحك، ويحمله المسؤولية الأكبر في أعمال القتل والتدمير وانتهاك حقوق الإنسان في العاصمة الخرطوم.
واعتبر ناشطون حقوقيون – تقرير (محامو الطوائ) نقطة تحول كبرى وعلامة فارقة في كشف أباطيل وأكاذيب إعلام فلول النظام البائد المساند للجيش، ما سيضع قادته وقادة الحركة الإسلامية (الكيزان) وحزبهم “المؤتمر الوطني المحلول” تحت طائلة المساءلة القانونية، ولربما قادهم إلى المحكمة الجنائية الدولية، ولو بعد حين.