الدين الخارجي 65 مليار دولار.. الغالبية فيه أرباح
القروض لم يستفِد منها السودان وصُرِفت في غير المشاريع المُخصصة لها
الوضع الاقتصادي مأزوم ولابد من خطط عاجِلة ثم آجِلة
حاورته: شادية سيد أحمد
تصوير: محمد نور محكر
المشكل الاقتصادي، من الأسباب الرئيسية التي أدت لخروج الشارع السوداني وثورته ضد النظام السابق إلى أن تم التغيير.
بالطبع هناك أسباب أخرى، إلا أننا نجد أن المشكل الاقتصادي تربع على رأس المشاكل، ومن المعلوم أن المشاكل الاقتصادية لا تنفصل عن الوضع السياسي وبينهما خيط رفيع.
“الصيحة”، حملت بعض المشاكل الاقتصادية وهموم الاقتصاد السوداني ووضعتها أمام الخبير الاقتصادي المنتمي للحزب الاتحادي الديمقراطي، الشريف صديق الهندي، من بينها المخرج من المأزق الاقتصادي الحالي والدين الخارجي وإمكانية الإعفاء أو الجدولة بعد أن تم التوصل إلى اتفاق دستوري، وتم تشكيل المجلس السيادي الذي سيقود دفة البلاد خلال المرحلة القادمة.
*بدابة كيف تنظر للوضع الاقتصادي وما هي قراءتك لما يدور اقتصادياً؟
الوضع الاقتصادي اليوم على الأرض وضع مأزوم، البنية التحتية بشقيها المادي والبشري والخدمي في حالة دمار، ولذلك، لابد من العمل على برنامج إسعافي قصير الأجل لا تتراوح فترته من ثلاثة إلى ستة أشهر لتأمين الاحتياجات العاجلة، ولذلك في ظل الأوضاع الحالية لن يتأتى من موارد داخلية، ولابد من مساعدات من مصادر تمويل خارجية من الأصدقاء وغيرهم حسب مسيرة الدولة في الفترة القادمة.
*ثم ماذا بعد البرنامج العاجل الإسعافي قصير الأجل؟
بعد ذلك يكون هناك برنامج متوسط الأجل ما بين ثلاث إلى خمس سنوات، فلنتحدث الآن عن ثلاث سنوات، خاصة وأن لدينا قطاعات في السودان سريعة العائد، ولا تحتاج لزمن طويل، مثل القطاع الزراعي في حال توفر المدخلات والتمويل المطلوب، وسبق للسودان أن تحول إلى التخمة بعد المجاعة في فترة الانتفاضة بفضل الزراعة، ويمكن تدارك الموسم الشتوي القادم وزراعة مساحات المناطق المروية التي تفوق مساحتها 6 ملايين فدان، بخلاف المساحات المطرية، فقط علينا توفير مدخلات الإنتاج والتمويل، إلى جانب مورد الذهب، ولا يرتبط بموسم، ويقال إننا نصدر ما قيمته 5 مليارات دولار وهذه الـ5 مليارات دولار من الاحتياجات المطلوبة للوارد تشكل قرابة الـ 90%، وما تبقى مقدور عليه إلى جانب العمل على تغذية الإنتاج الآخر، الخدمي والصناعي وغير ذلك، حتى نتمكن من الصرف على الخدمات مثل الصحة والتعليم وغيرها من الخدمات إلى جانب فتح قضية السلام، وإن تم وضع السلاح فإن ذلك سيسهم في دعم الاقتصاد، وإذا استطعنا خلال الستة أشهر إعادة دورة الإنتاج نكون قد وضعنا أرجلنا على الأعتاب الصحيحة، وتمثل نهضة حقيقية.
*السودان الآن بلا ميزانية كما هم معلوم، كيف سيمضي الحال خلال ما تبقى من العام؟
يمكن لوزير المالية الجديد أن يعمل على وضع ميزانية مصغرة لإكمال ما تبقى من العام بمصادر تمويل معلومة وأولويات للقضايا ورئيس الوزراء الاقتصادي يدرك ذلك تماماً، وسيعمل على المعالجة من خلال العقلية الاقتصادية، ومن هنا أدعو لإقامة مؤتمر اقتصادي قومي يتداعى له كافة أبناء السودان الاقتصاديين من كل حدب وصوب “كل زول على حسابه” وغير السودانيين من الخبراء بتنظيم من الدولة يعقد مع بداية الفترة الانتقالية الشهرين الأوائل للتفاكر حول الوضع الاقتصادي والبحث عن الحلول المطلوبة .
*في ظل الوضع الاقتصادي والسياسي المعلوم كيف تنظر لشكل الحكومة القادمة؟
أرى أن الحكومة القادمة، يجب أن تكون حكومة كفاءات وليس تكنقراط، هذا هو الأفضل في مثل حالة السودان.
*ماذا بشأن قضية الدين الخارجي، وهل يمكن أن تكون هناك إعفاءات أو جدولة لهذه الديون التي أثقلت كاهل السودان؟
الدين الخارجي تبلغ قيمته الآن 65 مليار دولار، ونسبة عالية منه عبارة عن تراكم أرباح على قروض لم تتجاوز قيمتها 20 مليار دولار، وأغلب هذه القروض تم صرفها في غير محلها والمشاريع المخصصة لها، ودخلت فيها العمولات وسوء الإدارة والفساد، وذهبت أدراج الرياح، والسودان لم يستفد من الكثير منها، ولكن عملية الجدولة ممكنة، وهي عملية سياسية وليست اقتصادية حسب سياسات الدولة في إقناع الآخرين، وذلك سيفتح الباب أمام التمويل الخارجي الموقوف الآن، ولا “توجد جرورة”..