كان مقدرا لها أن تبدأ وتنتهي في غضون أربع ساعات” تسريب إخواني كشف الكثير عن دور “الكيزان” في تفجير الأوضاع في السودان، والوصول بها إلى محطة “الحرب” الحالية.
فالخطة (أ) التي كان مقدرًا لها أن ينفذها الكيزان في السودان خلال أربع ساعات على أكثر، عبر الدفع بالطيران لضرب المقرات التابعة لقوات الدعم السريع، جرى استبدالها بالخطة (ب)، لتتحول الساعات الأربع إلى أشهر خمسة، فيما لا يزال عداد الأزمة لم يصل بعد لمحطته النهائية.
ما سبق كان جزءًا من تسريب صوتي، حصلت “العين الإخبارية” على نسخة منه، للدكتور محمد بدر الدين أحد قادة التيار الإسلاموي في السودان والأمين العام المكلف لحزب المؤتمر الشعبي (جبهة حسن الترابي) وزوج ابنته، يعد شهادة من داخل الحركة على حجم الخراب الذي تسببوا فيه منذ استيلائهم على الحكم قبل 30 عام، ومسؤوليتهم عن “تفجير” السودان من الداخل.
خطة محكمة
وفي التسجيل الصوتي؛ يؤكد بدر الدين أن “ما حدث في السودان من خراب مسؤولية المؤتمر الوطني، وأن الاشتباكات التي وقعت بين الجيش وقوات الدعم السريع تعود بالأساس إلى خطة محكمة وضعها الإخوان لإشعال الحرب لتكون فرصة للهروب من المحاكمات”.
تلك الاشتباكات المسلحة يطلق عليها بدر الدين في تسجيله الصوتي “انقلاب 15 أبريل”، ويؤكد أنه كان مقدر له أن يبدأ وينتهي في غضون أربع ساعات على الأكثر، وأن مكمن الخلل أن الإخوان نفذوا الخطة (ب) وليس الخطة (أ) التي كانت تتضمن قيام الطيران بضرب المقرات التابعة لقوات الدعم السريع.
سموم الإخوان تنخر جسد السودان.. مخاوف من توسيع “الكيزان” دائرة الحرب
وبحسب المقطع الصوتي، فإن “الإخوان في المؤتمر الوطني طلبوا منهم الانضمام إليهم في هذه الحرب، باعتبارها حربًا مقدسة”، مشيرًا إلى أن “بعض أعضاء المؤتمر الشعبي شاركوا بالفعل في الحرب، لكنه وآخرون رفضوا الانخراط في حرب أهلية تدمر السودان وأهله”.
ما سر توقيت التسريب؟
يقول الكاتب والباحث السوداني محمد جميل أحمد، إنه رغم أن بدر الدين لم يأتِ بجديد في تسريبه؛ كون دور الإخوان في إشعال الفتنة والحرب الأهلية معروفًا للعوام قبل الصفوة، إلا أن الأهم هو دلالة اعترافه وتوقيته.
وأوضح الباحث السوداني، في حديث لـ”العين الإخبارية”، أن اعتراف بدر الدين بمسؤولية الكيزان عن الحرب يأتي بعد قرابة نصف العام من اشتباكات مسلحة، هدمت البنية التحتية للسودان، وأضاعت المليارات من ميزانية الدولة، وأهدرت فرصًا للتنمية، وأزهقت أرواح الآلاف، وهجرت الملايين داخل وخارج السودان.
وحول سر التوقيت، قال الكاتب السوداني، إنه من “الواضح أن ثمة تحركات دولية وإقليمية جادة لوقف الحرب ودمج قوات الدعم السريع، وإنهاء سيطرة الجيش على الدولة والاستعداد لحكم ديمقراطي مدني”.
وأشار إلى أن بدر الدين يحاول إيجاد موقع لنفسه ولتياره الإخواني في السودان الجديد، الذي سيتشكل عقب وقف الحرب، بالتبرؤ من خطايا الكيزان، إلا أن السودان لن ينسى أن المؤتمر الشعبي هو جزء مكون للإسلام السياسي الجاثم على صدور السودانيين منذ 30 عامًا.
إلا أن الكاتب السوداني عبد الجليل سليمان، قال في حديث لـ”العين الإخبارية”، إن جرائم الإخوان تتجاوز اعتراف محمد بدر الدين بدورهم في إشعال الحرب، إلى وضعهم خطة محكمة لتفريخ إرهابيين يحمونهم، وينهشون فيما تبقى من السودان الجريح.
مسعكرات إخوانية
وأوضح الكاتب السوداني، في حديث لـ”العين الإخبارية”، أن الإخوان استصدروا قرارا من رئيس المجلس السيادي باستنفار الشعب لمواجهة قوات الدعم، رغم عدم حاجة القوات المسلحة السودانية لمثل هذه المشاركة الشعبية، كون الجيش يمتلك أكثر من 200 ألف مجند، إلى جانب القوات الاحتياطية من الشباب الذين أكملوا الخدمة العسكرية الوطنية على مدار عقود طويلة، وهم جاهزون لحمل السلاح، ومسجلون بأرقام عسكرية معروفة لدى قيادة الجيش والاستخبارات العسكرية، ويمكن الاستعانة بهم في أيّ وقت.
وأشار إلى أن الإخوان كانوا التيار الأكثر استفادة من هذا الاستنفار؛ لأنّ المجندين لا يمثلون رصيداً لهم، بل خصمًا من قدراتهم، فالمجندون عقيدتهم عسكرية وطنية، أما المستنفرون من الإخوان فهم في حاجة لغطاء قانوني لتسليح عناصرهم وأتباعهم تحت مسمى “الاستنفار”، مما يسمح لهم بإقامة معسكرات تدريبية.
وحذر الكاتب السوداني من مغبة ترك المعسكرات الإخوانية في ولايات: نهر النيل والشمالية، والبحر الأحمر، وكسلا على الحدود الإريترية، والذين يتولى تدريب تلك الكوادر، ضباط موالون للتنظيم الإخواني.
تهديد مباشر
وأكد أن استمرار هذه المعسكرات يُعتبر تهديداً مباشراً للأمن الوطني والإقليمي والدولي، مشيرًا إلى أنه على الجيش اتخاذ الإجراءات الكفيلة بإغلاقها.
وكانت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أطلقت الأسبوع الماضي، نداء لجمع مليار دولار للإسهام في توفير مساعدات للفارين من العنف في السودان، قائلة إنها تتوقع وصول أكثر من 1.8 مليون شخص إلى خمسة من دول جوار السودان بحلول نهاية العام.
وفر بالفعل أكثر من مليون شخص من السودان إلى دول مجاورة وسط اشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم وغيرها من المناطق.