محمد طلب يكتب: الفرق شاسع أخلاقياً
ظلت السيدة التي أضطرتها ظروف الحرب القاسية أن تغادر منزلها متعدد الطوابق بالعاصمة إلى القرية الصغيرة ومسقط رأسها، ظلت تردد بشكل متكرر لزائريها (يا يمة خلينا بيتنا تلاتة طوابق في الخرطوم وعدتنا وحاجاتنا وقروشنا ودهبنا وووو مرقنا) رغم أنهم لم يسألوها عن عدد الطوابق وغرف النوم في منزلها والذهب والأموال لكنهم أتوا متفقدين وواصلين لرحمهم رغم ما يتداوله البعض بعلم أو دون علم عن مصادر تلك الأموال….
الآن هي وأسرتها في غرفة رطبة من (الجالوص وتلات عناقريباً صغار كرابا متقطع نزل) هي وأسرتها الصغيرة وأولادها يمرحون ويلعبون مع الصغار في أمان على الفطرة لا يميزون بين هذا وذاك….
والتلفاز ينقل الأخبار عن الحرب الدائرة في أوكرانيا والدفاع المدني يطفئ الحرائق ويحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه… والكل يعرف مهمته وما يجب فعله الشرطة والمواطنين حتى الأطفال وتنفيذ تعليمات الجهة المسؤولة عسكرية أو مدنية….. ثم تنقلنا ذات نشرة الأخبار لحرب السودان والكاميرا في شرق النيل والجلابيب البيض وتياب السمراوات والغبش الفقراء والنفوس المريضة تقتحم المحلات والبنوك وتأخذ ما تبقى من حملة السلاح فنحن شعب تعود على الفتات و(الفتة) وفضلات الأقوياء والأغنياء ثم المطبلون الأغبياء وقل فينا الاتقياء الانقياء…. عندما يخرج حملة السلاح وَمصدر القوة ندخل نحن حرباً كانت أم سلماً….. (ناكل تورنا وندي زولنا).
ثم تعود الكاميرا مرة أخرى إلى أوكرانيا بعد أن تم إجلاء الأسر من مواقع الحرب، المذيع يتجه نحو فتاة في غاية الجمال سائلاً ومستفسراً فتقول في ثبات منقطع النظير لقد خرجنا على عجل حسب التوجيهات ولم يمهلونا وأمي، تركت القطة والنباتات ولا أدري ما حدث لها بعد ذلك…. يا إلهي تأملوا هذا الأمر إنها مشغولة بكل الكائنات الحية إنها تستحق الجمال الذي يكسوها… وهنا عندنا لا قيمة حتى للإنسان …… وكل القبح والقطط السمان تجدها هنا
حينها استحضرت الطرفة الشهيرة (والله الكافرة أمك دي).
سلام سلام