رؤساء أمام مَنَصّة القضاء
مُعظمهم من القارة السمراء والهروب إلى دول الجوار أجّل الأحكام
الرئيس الروماني وصدام حسين نُفِّذ فيهما حكم الإعدام
أبرز الجرائم القَتل الجَماعي وتَصفية الخُصُوم والتنكيل بهم
إعداد: أحمد طه صديق
تَقُول الطرفة التي انطلقت قبل عدّة عُقُودٍ خَلت، إنّ أول جنرال أفريقي يصحو باكراً في الصباح يُمكنه أن يستولى على السُّلطة، وأنّ أيِّ رئيسٍ يُسافر خارج بلده قد يجد مَقعده شَاغراً، كان ذلك حين كانت الانقلابات في القارة السمراء رائجة، ولأنّ الاستيلاء على السُّلطة هُناك في مُعظمه يأتي بدوافع شهوة السُّلطة وتحقيق المكاسب الذاتية، لهذا اتّسمت حقب العديد من الرؤساء في تلك القارة بالفساد والإمساك بتلابيب الحكم بيدٍ من حديدٍ تبطش دُون رحمةٍ، وتسيل الدماء كما تسيل مياه نوافير قُصُورهم المنيفة، ويتوسّعون في الاعتقالات ضد مُعارضي الرأي حيث التعذيب والقتل داخل الزنازين والتصفيات الجسدية بليلٍ. وحين تسقطهم شُعُوبهم الثائرة أو عن طريق الانقلابات المُضادة تُعقد لهم المحاكم التي قد تَقُود بهم إلى المَشانق أو السجن المُؤبّد.
بيد أنّ مُحاكمات الرؤساء ليست قاصرة فقط على الأفارقة، لكنها تمثل حالات قليلة، وعبر هذه المساحة نقدِّم مُلخصاً لسيرة هؤلاء الرؤساء الذين وقفوا كمتهمين أمام القضاء:
1- رئيس أفريقيا الوسطى الأسبق جان بيديل بوكاسا (1966 – 1979)
إثر الإطاحة به في انقلاب العام 1979، وبَعد سَنَواتٍ قَضَاها في المنفى بين ساحل العاج وفرنسا، سلّم نفسه إلى سُلطات بلاده في 1986، وحُوكم بتهم “الخيانة” و”القتل” و”الاختلاس”، وحُكم عليه بالإعدام، ثُمّ خُفِّف إلى السجن مَدَى الحياة، ثُمّ إلى 10 سنوات، ليحصل في 1993 على عفو من الرئيس أندريه كولينغبا
2- الرئيس التشادي السابق حسين حبري (1982 – 1990)
حكم تشاد من 1982 – 1990 بقبضة من حديدٍ، قبل أن يُطيح به الرئيس التشادي إدريس ديبي، ويضطر للجوء إثر ذلك إلى السنغال. وعقب 19 شهراً من التحقيق وجّهت “الغرف الأفريقية” – وهي محكمة مُختصة أنشأتها السلطات السنغالية بالتعاوُن مع الاتحاد الأفريقي لحبري في يوليو/ تموز 2013 – تُهماً بارتكاب “جرائم حرب”، و”جرائم ضدّ الإنسانية والتعذيب”، قل أن تضعه رهن الاحتجاز المُؤقّت.
3- الرئيس الكيني أوهورو كينياتا
واجه كينياتا تُهماً من قِبل المحكمة الجنائية الدولية، بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وذلك خلال أحداث العُنف التي شَهدَتها البلاد في ما بعد انتخابات 2007 – 2008، وأسفرت عن مَقتل حوالي 1300 شخصٍ، وأجبرت ستمائة ألف آخرين على اللجوء إلى بلدان أخرى.
وبمُثُوله أمام الجنائية الدولية في أكتوبر/ تشرين الأول 2014، اعتبر كينياتا أول رئيس مُباشرٍ لمهامه يمثل أمام هذه الهيئة القضائية الدوليّة. لكن، ولنقصٍ في الأدلة تَمّ إسقاط التهم بحق الرئيس الكيني.
4- رئيس مدغشقر الأسبق مارك رافالومانانا (2002 – 2009).
حكم عليه غيابياً في أغسطس/ آب 2010، بالأشغال الشاقة المُؤبّدة، لقتله ثلاثين من أنصار خصمه السياسي أندريه راجولينا، خلال الأزمة السياسية التي شَهدتها مدغشقر في 2009. ولدى عودته من منفاه بجنوب أفريقيا حيث قضى خمس سنوات، أوقف في أكتوبر/ تشرين الأول 2014، ووُضع رهن الإقامة الجبرية.
5-رئيس بوركينيا فاسو بليز كمباوري
وإلى ما تقدّم يُضاف رئيس بوركينا فاسو المستقيل بليز كمباوري (1987 – 2014)، الذي وإن لم تحرك ضدّه أيِّ إجراءات قضائية منذ أن أطاحت الاحتجاجات الشعبية بحكمه، أواخر أكتوبر/ تشرين الأول 2014، لدى مُحاولته تعديل المادة الدستورية التي تقف عقبة أمام عودته إلى الرئاسة من جديد، إلاّ أنّ المجلس الانتقالي في بوركينا فاسو اتّهمه في 16 يوليو/ تموز 2015 بـ”ارتكاب الخيانة العُظمى والمساس بالدستور”. اتّهامات قد تتطلّب، في حال رافقتها إجراءات قضائية فعلية، تسليم كمباوري إلى سلطات بلاده للبت فيها.
أجّلت جلسات محاكمة بليز كومباوري الرئيس الأسبق لبوركينا فاسو وذلك بتُهمة التورُّط في أعمال القمع ضد المُتظاهرين خلال أحداث الانتفاضة الشعبية التي وقعت في عام 2014م ضد حكمه، وشأنه في ذلك شأن زهاء 19 من الرؤساء الأفارقة القُدامى الذين يُواجهون القضاء المحلي أو الدولي لتُهمٍ مُشابهةٍ.
لكن بليز كومباوري الذي يعيش لاجئاً في كوات ديفوار والمُلاحَق من العدالة بتُهمة ارتكاب تجاوُزات في حق المتظاهرين إبان الانتفاضة الشعبية في أكتوبر 2014م في بوركينا فاسو – غير راغبٍ في المثول أمام المحكمة العُليا للبلاد في 4 مايو، وسيمثله محاميه الفرنسي بيير أوليفير.
6- منقستو هايلي ماريام
الرئيس الإثيوبى الأسبق منقستو هايلي ماريام الذي واجه حكماً بالسجن مدى الحياة عام 2007 بتُهمة ارتكاب جرائم إبادة خلال فترة حكمه التي عرفت باسم «الرعب الأحمر»، إثر انقلابه ضد الإمبراطور هيلاسلاسي عام 1974، وقاد البلاد بقبضة حديدية وانفرد بالحكم المُطلق وأعدم رموز العَهد السابق في عهده بما أسماه أعداء الثورة والإمبرياليين، وبلغ ضحاياه 100 ألف بسبب التّرحيل القسري إلى أن قضت محكمة أخرى بإعدامه في 2008.
7- موسى تراوري
وفي مالي، حكم على، موسى تراورى الرئيس الأسبق بالإعدام مرتين لارتكابه «جرائم سياسية» عام 1993، كما واجه حكماً بالإعدام مع زوجته عن «جرائم اقتصادية» في 1999 لكنهما حصلا على عفو عام 2002. وكان تراوري أُطيح به في 1991 خلال تَمرُّدٍ شَعبي عَنيفٍ، بعد حكم استمر 23 عاماً
8- تشارلز تايلور
ومن الرؤساء الأفارقة الذين خُضعوا لمحاكمات دولية الرئيس الليبيري السابق تشارلز تايلور الذي حكمت عليه المحكمة الجنائية الخاصة بسيراليون مؤخراً بالسجن 50 عاماً، بعد اتهامه عام 2003 بارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال الحرب الأهلية التي قُتل فيها 120 ألف شخص، وهو أول رئيس أفريقي يُحاكم أمام القضاء الدولي، كما أُدين ابنه في الولايات المتحدة بالسجن لمدة 97 عاماً.
9-بن علي
– في عام 2012، حكم القضاء العسكري التونسي بالإعدام على الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، الذي فَرّ إلى السعودية، ويُحاكم غيابياً هو والعديد من مُساعديه بتّهمة قتل المتظاهرين خلال ثورة «الياسمين» التي أطاحت به.
وكان «بن على» واجه أحكاماً بالسجن لمدة 50 سنة، وغرامة بملايين الدولارات بتُهم الفساد واستغلال النفوذ وحيازة أسلحة وذخائر في القصر، كما حُكم على زوجته ليلى الطرابلسي وعدد من أركان نظامه بالسجن عشرات السنوات بتُهمة الفساد والاختلاس واستغلال النفوذ.
ويُلاحق «بن علي» في قضية قتل المتظاهرين رفيق بلحاج قاسم وأحمد فريعة، آخر وزيري داخلية في عهد «بن علي» وعادل التيويري، المدير العام الأسبق للأمن، وجلال بودريقة المدير السابق لجهاز مكافحة الشغب.
10- محمد خونا ولد هيدالة
وحكم على الرئيس الموريتاني الأسبق محمد خونا ولد هيدالة بالسجن 5 سنوات مع وقف التنفيذ بتُهمة الاعتداء والتآمر لتغيير النظام الدستوري بالعُنف، وانضم قادة الحركة العسكرية الانقلابية ضد حكومة أول رئيس موريتاني عقب الاستقلال «المختار ولد داداه»، وعندما تولى السلطة طبق الشريعة الإسلامية وألغى الرق وسجن المُعارضين إلى أن أطاح به الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع.
11- يوليا تيموشينكو
رئيسة وزراء أوكرانيا السابقة يوليا تيموشينكو تُواجه المُحاكمة بتُهمة ارتكاب جرائم فساد وكسب غير مشروع وشراء الغاز من روسيا بأسعارٍ أعلى من معدلاتها العالمية، وتم نقلها إلى المستشفى بسبب حالتها الصحية، وهو ما أثار عاصفة غضب أوروبية ضد السلطات في كييف، وكانت تيموشينكو من قادة الثورة البرتقالية عام 2004، التي قضت على مُحاولة الرئيس فيكتور يانكوفيتش الأولى لشغل الرئاسة، لكنها خسرت الرئاسة في 2010 أمام يانكوفيتش.
12- سوهارتو
تمّت مُحاكمة الرئيس الإندونيسي الأسبق سوهارتو عام 2000 بتُهمة استغلال النفوذ ونهب أموال الشعب بعد وضعه تحت الإقامة الجبرية، إلا أنّ محاكمته تأجّلت لتدهور صحته حتى 2006 ثم وافته المنية عام 2008، وعانى الشعب خلال فترة حكمه على مدار 30 عاماً من القمع والاستبداد والاغتيالات، وأُعيد انتخابه عام 1998 للمرة السابعة، لكن اجتاحت البلاد تظاهرات أجبرته على التنحي ووصلت البلاد إلى حالة من الفقر الشديد بسبب سياساته وتلاعُبه في المال العام وقُدِّرت ثروته بنحو 16 مليار دولار.
13- شون دوهوان
حكم على رئيس كوريا الجنوبية الأسبق الجنرال شون دوهوان من 1980 – 1988 بالإعدام في 1996 بسبب الانقلاب العسكري في 1979، وقيامه بقمع تظاهرات شعبية قُتل فيها 200 شخص عام 1980 وتَمّ تخفيف الحكم وحصل بعدها على عفو من الرئيس كيم يونغ سام.
14- جوزيف سترادا
اتُهم رئيس الفلبين الأسبق جوزيف سترادا بالفساد وأطاح به تمردٌ شعبيٌّ بمشاركة الجيش عام 2001، بعد أن فشلت محاولة إقالته، وحكم عليه بالسجن المؤبد بعد إدانته بالرشوة والفساد، بينما لا تزال رئيسة الفلبين السابقة جلوريا أورويو في المستشفى بانتظار محاكمتها بتهمة تزوير الانتخابات
في أوروبا.
15- نِكولاي تشاوشيسكو
تمّت محاكمة الرئيس الروماني الأسبق نِكولاي تشاوشيسكو أمام محكمة عسكرية عام 1989، بتُهم قَتل مُتظاهرين في الثورة التي اندلعت ضد الفقر والتجويع والفساد وحاول تشاوشيسكو قمع التظاهرات، وعندما انضمت بعض وحدات الجيش للشعب، ظهر في خطاب شهير يستجدي الجماهير لكنه فشل، فحاول الهرب هو وزوجته على متن طائرة هليوكوبتر، واعتقلهما الثوار وتمت مُحاكمتهما محاكمة عسكرية سريعة استغرقت ساعتين، وانتهت بصدور حكم بإعدامهما رمياً بالرصاص في يوم عيد الميلاد 25 ديسمبر 1989.
16- سلوبودان ميلوسوفيتش
رغم الجرائم البشعة التي ارتكبها بحق مسلمي إقليم كوسوفو وإبادة عشرات الآلاف [بحاجة لمصدر]، فإنّ القدر وحده أعفى سفاح أوروبا الرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوسوفيتش من الإعدام، ولقّبه خُصُومه بالشيطان، وخُضع بعد اعتقاله للمحاكمة في لاهاي بتُهمة إبادة جماعية ضد مسلمي كوسوفا، وعثر عليه ميتاً في سجنه في 11 مارس 2006 وسط شائعات بانتحاره.
قارة أمريكا
بينوشيه من شيلي
نفس المصير لاقاه ديكتاتور تشيلي الأسبق أوغستو بينوشيه، الذي حكم البلاد بين عامي 1973 و1990 لمدة 17 عاماً، واتّهم في عددٍ كبيرٍ من الجرائم بحق شعبه، لكنه توفي في 10 ديسمبر 2006 بسبب تدهُور صحته، وكان بينوشيه قاد انقلاباً عسكرياً في 1973 ضد سلفادور الليندي، رئيس تشيلي المنتخب، بمُساعدة أمريكية، وحكم البلاد بالحديد والنار، واتبع سياسة الاعتقال والتصفية الجسدية ضد مُعارضيه، الذين أَجّجُوا موجات احتجاج ضده فقاومهم بالقمع الدموي ممّا تسبّب في سقوط عشرات الآلاف، وحاول سَن قوانين تتيح له الحكم مدى الحياة حتى أجبرته المعارضة على ترك منصبه عام 1990، ووضع قيد الإقامة الجبرية بعد هروبه الى بريطانيا حتى توفي قبل استكمال محاكمته.
ألبرتو فوجيموري من بيرو
ألبرتو فوجيموري الذي حكم بيرو من 1990 – 2000، وارتكب مجازر ضد المدنيين لسحق التّمرُّد، وشهد حكمه تفشي الفساد واستغلال النفوذ الذي عرض البلاد إلى فقر اقتصادي، حتى انهارت حكومته عام 2000 وتم نفيه إلى اليابان وصدر أمر دولي باعتقاله فعاد إلى بلاده بعد 7 سنوات وتم تقديمه للمحاكمة وسط إجراءات أمنية مشددة وحُكم عليه بالسجن 25 عاماً.
نوريغا من بنما
أمَّا الجنرال مانويل نورييغا فظل يُحظى بدعم أمريكي حتى تولى رئاسة بنما منذ أغسطس 1983 إلى يناير 1990، ثم أُطيح به بعد غزو الولايات المتحدة بلاده عام 1989، واستسلم للقوات الأمريكية في 1990 وحكم عليه كأول رئيس أجنبي في الولايات المتحدة بالسجن 40 عاماً بتُهمة الإتجار بالمخدرات والابتزاز وغسل الأموال، خفضت إلى 30 عاماً، ثم حكمت عليه فرنسا 10 سنوات أخرى مع زوجته بتُهمة غسل الأموال.
في أفريقيا
الرئيس صدام حسين
استلم السلطة في العام 1979 بعد أن تخلّص من خُصُومه في حزب البعث الإشتراكي، تمّت الإطاحة به بعد غزو القوات الأمريكية للعراق في العام 2003م، حيث قبض عليه في 13 ديسمبر 2003 وحُكم عليه بالإعدام في ديسمير 2006م.
الرئيس البشير
أُطيح به ثورة شعبية في ديسمبر 2018م، وتجرى مُحاكمته هذه الأيام بتُهمة حيازته وتصرُّفه في أموال بالعُملات الأجنبية عُثرت في مكان إقامته.
(المصادر – موقع الجزيرة ومصادر أخرى)