الميناء الجنوبي.. عودة دون الطموح
الخرطوم: مروة كمال
جدل كثيف تمت إثارته بشأن إيجار الشركة الفلبينية للميناء الجنوبي لمبناء بورتسودان وما صاحبه من إحداث سياسية واقتصادية متسارعة في عهد النظام السابق أدت إلى تعليق أمر استلام الشركة للميناء، فقد أقر مدير الموانئ البحرية السابق اللواء عبد الحفيظ صالح في وقت سابق لـ(الصيحة) بأن الاتفاقية تمت وفق منظور بعيد عن العامل بمعنى أن الدولة تراعي مصالحها وتعي تماماً المشكلات التي تواجه المرفق، وقال إن هنالك مصاعب لا يعلم بها العامل الذي يفكر في حدود معاشه ومستقبل حياته، وأقر بتسرع من جانب الحكومة وأن هنالك قضايا متعلقة بالعامل لم تحسم وأن الحكومة استعجلت في أخذ المال لاعتبارات تخصها سواء مالية أو اقتصادية، ليأتي قرار المجلس الانتقالي بإلغاء الاتفاق مع الشركة وإرجاع المبالغ التي دفعت للجانب السوداني للشركة.
طرف ثالث
الناطق الرسمي باسم العاملين بالميناء الجنوبي مهندس سامي الصائغ، كشف لـ(الصيحة) أن العقد الذي تم إلغاؤه لم يكن بين الشركة الفلبينية والحكومة ممثلة في هيئة الموانئ البحرية وإنما تم اكتشاف شركة ثالثة أخرى تدعي (The company)، جازماً بأن البحث أثبت أن هذه الشركة لا توجد لديها سجلات داخل أو خارج السودان، وعاب على الحكومة إرجاع القسط الأول من إيجار الميناء للشركة، وأضاف أن بحوزتهم أوراق ومستندات تدين الشركة وتجبرها على دفع تعويض للحكومة السودانية يقدر بمليارات الدولارات، وناشد الحكونة الانتقالية بالرجوع إليهم ورفع قضية ضد الشركة، مشيراً إلى أن الشركة قامت بإدخال 21 حاوية مواد مشعة للبلاد نقدر بـ 200 طن ومن المتعارف أن إبادة هذه المواد تكلف الدولة التي ترغب في إبادتها مليارات الدولار تدفع للجهة التي تقوم بإبادتها فضلاً عن دخول 4 حاويات محملة بالمخدرات وكثير من القضايا التي تدين الشركة.
مبيناً أن الخطوة التي تمت عقب إلغاء العقد تأهيل كامل للميناء الجنوبي عبر استيعاب 5 آلاف عامل تم توزيع بعضهم على الميناء الجنوبي، بجانب سعيهم إلى عقد ورش تدريبية مستقبلاً للعمالة الجديدة، مطالباً الحكومة الجديدة بتوفير الدعم المادي وفك حظر الإسبيرات الذي يعتبر أحد معوقات الميناء الجنوبي لتقليل تكاليف الصيانة وتشغيل الآليات المتعطلة.
تعليق العقد
وسبق أن علقت الحكومة السابقة العقد المبرم مع الحكومة السودانية والذي ينص على منح امتياز إدارة وتشغيل محطة الحاويات بميناء بورتسودان للشركة لمدة (20) عاماً، ووقع من جانب هيئة الموانئ البحرية نائب المدير العام لهيئة الموانئ البحرية السودانية نور الهادي الفكي الأمين، بتفويض من وزارة النقل والتنمية العمرانية، بينما من جانب الشركة الفلبينية وقع “هانز مدنس” وبشهادة وكيل وزارة النقل سابقاً د. جلال شلية من الجانب السوداني، وجاكوب من جانب الشركة، بيد أن هذا الاتفاق دار حوله جدل ولغط كثيف أطاح بمدير هيئة الموانئ البحرية وعللت الحكومة اسباب التعليق بالظروف السياسية التي تمر بها البلاد، وحل الحكومة في الوقت الذي كانت تنتظر فيه الشركة الفلبينية الموافقة الأخيرة من وزير النقل السابق مكاوي وقتها.
سوء إدارة
يقول الخبير الاقتصادي دكتور محمد الفاتح لـ(الصيحة)، إن الميناء الجنوبي يمثل أكثر من 70% من حجم النقل التجاري، مؤكداً أن تجربة السودانيين في إدارة الميناء لم تكن بالجيدة، وحدث في مرات عديدة تكدس في الحاويات وتعطّل الرافعات مما اضطر الحكومة لإرسال وفود وزارية لمعالجة التكدس، وأضاف أن عجز الدولة في إدارة الميناء كان واضحاً، لافتاً إلى وجود عرف عالمي وعدد كبير من الدول تؤجر ميناء الحاويات لشركة عالمية ذات كفاءة وذات سمعة عالمية ومعروفة ولها القدرة على إدارة الميناء بكفاءة عالية تحول دون تكدس السفن أمام الميناء، لهذا السبب قامت الحكومة بإيجار ميناء الحاويات، وقال إن البعض تناول القضية بشكل عاطفي كأنما لحق بخط هيثرو، مبيناً أن الاعتراض كان يمكن أن يكون مقبولاً في حال وجود دليل بعدم كفاءة الشركة، ونوه إلى أن الميناء كان يُدار بعمالة أضخم مما يحتاجه الميناء وأن 80% من حجم العمالة ليس لديها عمل حقيقي.
وأقر بأن الشركة الفلبينية ليست من الشركات الأكثر شهرة أو الأفضل، بيد أنها تمتلك خبرة معقولة في إدارة موانئ إقليمية وعالمية، مؤكداً أن الأسوأ في الاتفاقية غياب الشفافية، فضلاً عن تنفيذه بسرية تامة، الأمر الذي اعتبره غير مقبول في عمل اقتصادي عام، واستبعد أن يكون ما حدث من اتفاق يدخل في الخصخصة وإنما بمثابة عقد لإدارة الميناء نيابة عن الحكومة.