سد مروي لا علاقة له بتغيّر المناخ في السودان
مناخ السودان يتعرّض لتغيّر مستمر وعلى ناس الشمالية (الحذر)
حوار: محيي الدين شجر
فيضانات وسيول تغمر معظم أنحاء السودان هذه الأيام، محدثة خسائر فادحة في الممتلكات والأرواح للدرجة التي أعلنت فيها الأمم المتحدة حالة الطوارئ في15 ولاية، وحذّرت من خطر السيول والفيضانات المفاجئة.
ومثلما دمرت السيول منطقة الجيلي ابتلعت الفيضانات منطقة ود رملي كما تضررت مئات أخرى من القرى السودانية نتيجة للأمطار والسيول والفيضانات بصورة غير مسبوقة..
ومن المدهش حقاً ان الامطار هطلت في مناطق لم تكن تهطل فيها، وازدادت كثافتها في مناطق أخرى من السودان.. وقد تحدث البعض أن أسباب كل ذلك نتيجة لتغير المناخ في السودان بسبب إنشاء خزان مروي، كما قال آخرون أنه بسبب تغير المناخ في العالم..
(الصيحة) استنطقت رئيس وحدة الإنذار المبكر بالهيئة العامة للأرصاد الجوية الأستاذ أبو القاسم إبراهيم، وخرجت بمعلومات مهمة.
*الأمطار الأخيرة في السودان، والتي أدت إلى سيول وفيضانات جارفة، هل لها علاقة بالتغير المناخي في السودان، وهل لسد مروي علاقة بهذا التغيير؟
– هذا السؤال مطروح في أذهان الكثيرين، وسؤال شائع، لكن التغير المناخي في السودان له علاقة بتغير المناخ في الكرة الأرضية، وبحيرة السد هي بحيرة صغيرة لا تأثير لها، ويمكن أن تحدث تأثيراً بيئياً في درجة الحرارة بالمنطقة المحيطة بالسد، ولهذا تبقى مساهمة سد مروي ضئيلة، فيمكن أن يؤثر على البلح والرطوبة. ونجد أن المحيطات الكبيرة هي التي تؤدي إلى التغير في المناخ مثل المحيط الهندي والمحيط الباسفيكي، ونحن نتأثر بها أكثر من البحر الأحمر، ولهذا في الأرصاد نلجأ للمحيطات الكبيرة في توقعاتنا للأمطار لا سد مروي كما يروج البعض.
*ما سبب التغيّر المناخي العالمي إذن؟
– من أسباب تغير المناخ في العالم، نشاطات البشر وانبعاثات الغازات الدفيئة التي تسمى غازات الاحتباس الحراري، والتي جعلت الغلاف الجوي يحبس كمية من الحرارة ما يجعل المنظمة العالمية للأرصاد تصدر تقارير سنوية عن أن هذه أسخن سنة في التاريخ في (السجلات) والكوكب في حالة احترار وزيادة في درجات الحرارة تؤدي إلى ذوبان الجليد وزيادة مناسيب المحيطات وزيادة في كميات التبخر، وهذا يؤدي إلى تغير في الأمطار في العالم زيادة ونقصاناً.
ونحن الآن في فترة التذبذب، حيث القيم المتطرفة، ثم تغير ثم تغير مستمر، ثم استمرار في حالة جديدة.
*هل صحيح أن تغير المناخ في السودان أدى إلى هطول أمطار في مناطق لم تكن تشهد أمطاراً؟
– بالفعل، ولاية البحر الأحمر معروفة بأن امطارها شتوية، ولكن في الموسم الماضي وهذا الموسم شهدت أمطاراً بمعدلات عالية حيث هطلت في شمال غرب طوكر بمعدل 150 مل، ونهر النيل أيضاً تحسن موقف المطر فيها بشكل كبير، وكذلك الشمالية التي أصبحت تشهد أمطاراً بصورة متتالية.
*ما موقف الأمطار في هذا الموسم؟
– أعلى كمية أمطار كانت في جنوب الخرطوم (عد حسين) 155 ملم كأعلى سجل للأمطار لم يحدث حتى في الدمازين، والخرطوم تمتاز بتباين عالٍ في كمية الأمطار، قليلة مرة، كثيرة مرات، والخرطوم متوسطها من الأمطار 120 ملم، ولكن في ليلة واحدة شهدت الشقيلاب أمطاراً بمعدل 98 وأعلى سجل للأمطار بالخرطوم كان في العام 1988 حيث هطلت بمعدل 200 ملم، ولم تسجل زيادة إلا في هذا العام 2019م .
*حدثنا عن الموسم المطري للعام 2019م؟
-الموسم المطري لعام 2019 يبدأ من يونيو حتى سبتمبر، في يونيو كانت الأمطار معتدلة، ويوليو تخللته (صبنات) في الشرق ودارفور، وفي مناطق الزراعة، يوجد نقص في الأمطار في بعض الولايات، تأثير جزئي حسب تقارير وزارة الزراعة.
شهر 8 شهد أمطار غزيرة في الأواسط الجزيرة، الخرطوم, شمال دارفور, وشمال كردفان, والبحر الاحمر لها نصيب ونهر النيل والشمالية تفوق 150 ملم، يوم الخامس من يوليو هطلت أمطار على طول شمال كردفان حتى دارفور في منطقة واسعة عملت جرياناً عالياً في الوديان ظهر في قطع طريق أمدرمان ـ بارا.
ومن الناحية الشرقية، هطلت أمطار ممتدة حتى الخرطوم أثرت على منطقة الجيلي شمال الخرطوم. كما هطلت أمطار غزيرة في البطانة أدت إلى جريان في مناطق كثيرة حتى الآن.
في الوضع الراهن نتيجة لارتفاع وتراجع الفاصل المداري هطلت أمطار في حلايب، وأصبحت منطقة الشمال منطقة مطر، ومن يوم عشرين تراجع الفاصل المداري وتراجعه سيؤدي إلى هطول أمطار في دارفور، النيل الأزرق، وحركة الفاصل المداري جنوباً ستؤدي إلى أمطار في الخرطوم خلال 48 ساعة.
الأمطار في الأيام المقبلة ستون محصورة في مناطق الزراعة الحقيقية القضارف، جنوب كسلا، النيل الأزرق، النيل الأبيض التي شهدت كوارث وسيولاً وأمطاراً، وفي كردفان وجنوب دارفور وغرب دارفور.
*وماذا عن موقف الأمطار في الهضبة الأثيوبية؟
– الهضبة الأثيوبية تشهد أمطارًا حتى الآن، ولهذا نتوقع أمطاراً ونطالب المواطنين بالحيطة والحذر. ونقول إن هنالك تطرفاً في الظواهر والأمطار أصبحت تسير شمالاً ومتكررة، وفيها تطرف الأمطار، ولذلك تسبب أضراراً لأنها غير معهودة.
*ما تحليلكم لموقف الأمطار بالبلاد خلال الحقبة الماضية؟
– بتحليلنا للأمطار في السنوات العشر الأخيرة مع السنوات العشر قبلها، نجد أن هنالك تزايداً، والمطر يزيد كلما اتجهنا شمالاً، وفي نقصان في الأمطار جنوب كردفان نتيجة للتغير المناخي في الكرة الأرضية . ومناخ السودان يتعرض إلى تغيير مستمر، ولابد أن يحتاط الناس في مناطق الشمالية، لأن الأمطار تأتيهم بشكل دوري، عليهم أن يحذروا من الضيف الجديد على مناطقهم .
*هل تملكون أجهزة متطورة تساعدكم على الرصد والمتابعة؟
– نعم، هنالك أجهزة متطورة ترصد سماء السودان كل نصف ساعة، ومعلوماتنا تصل المواطنين بسرعة فائقة ولكن الوحدة لا تملك رادارات التي تعطي مؤشرات بدقة متناهية .
*حدثنا عن الأمطار المتوقعة خلال الـ48 ساعة القادمة؟
– الأمطار متوقعة في جميع أجزاء ولايات السودان الواقعة جنوب الفاصل المداري على هذا النحو خفيفة إلى متوسطة في ولايات البحر الأحمر، الولاية الشمالية، نهر النيل، الخرطوم، كردفان الكبرى، النيل الأزرق، النيل الأبيض، الجزيرة، ومتوسطة إلى غزيرة في ولايات القضارف، كسلا، دارفور الكبرى وسنار.