** لا أعرف حتى الآن ثمة علاقة للدكتور عبد الله حمدوك بأم المدائن عطبرة أيقونة الثورة، ولكن فيما بعد قد نجد علاقة حتى ولو كانت عمل أحد معارفه بالسكة حديد أو سلاح المدفعية. ولكن ما جعلني أضع الاسمين العزيزين عنواناً لمادة اليوم لأنني منذ أيام أعددت نفسي للكتابة عن عطبرة على ضوء قطار الشوق الثاني يوم السبت الماضي، كما أن من الضرورة والواجب الكتابة عن رئيس وزرائنا الجديد ونبدأ به.
** لم أعرف الدكتور حمدوك ولم أسمع اسمه إلا بعد ترشيحه وزيراً للمالية في حكومة الدكتور معتز موسى الأخيرة، وأعجبني الترشيح لما يتمتع به من علم وخبرة دولية، وهاجمت سياسة الإنقاذ في أيامها الأخيرة لكمية الاعتذارات لمن تم ترشيحهم وإعلان تعيينهم قبل التأكد من موافقتهم، ومنهم الدكتور حمدوك والدكتور بركات الحواتي، والأستاذ السموأل خلف الله وآخرون.
** أحس بصدقية في لهجة الدكتور حمدوك، ورغبة لخدمة الوطن لو وجد المناخ المناسب للعمل وعدم التدخل في اختصاصاته وأراها فرصة تاريخية للبلد أتمنى ألا تضيع كما ضاع غيرها، وقد تضيع لو وجد حمدوك نفسه في حيرة ومأزق وتفكير في الهروب أو الاستقالة لا قدر الله.
** أعجبني تعليق السيد الإمام الصادق المهدي بأن حمدوك رفض الفطيسة، وأكرمه الله بذبيحة، في إشارة لاعتذاره عن وزارة المالية في حكومة تواجه معارضة، والعمل مع مجموعة لا يعرفها، وتلك الفطيسة، أما الذبيحة الهدية فهي رئيس وزراء في نظام جديد يجد القبول دولياً ومحلياً والعمل مع مجموعة يختارها بنفسه.
** قلبي مع رئيس وزرائنا الجديد، لأنه سيواجه مطبات لا حصر لها، منها كارثة السيول والفيضانات والصراعات السياسية والقبلية ومعارضة حاملي السلاح والذين هم من فصائل قوى الحرية والتغيير، والأزمة المعاشية الطاحنة، وندرة الخبز والوقود والنقود ولكني أرى أن هذه كلها مقدور عليها، وهو على علم كامل بها، ولكن المطبات الأصعب والأكبر قد تكون في انشغاله بتوجيهات لتصفية الحسابات ومطاردة المعارضين، وإن كان الرجل قد أعلن عن أولوياته وأقنع بها شعبه، وعليه أن يقنع بها السياسيين الصقور.
** أولى خطوات نجاح الدكتور حمدوك بحسن اختيار معاونيه من الوزراء من ذوي الكفاءة والخبرة والقبول وهؤلاء من جانبهم عليهم إدارة مرافق الدولة وفق شعار الثورة حرية سلام وعدالة وهذا يكفي.
** أخيراً أتمنى أن يصححني أحد لو أخطأت، لأنني أرى أن معظمنا ينطق اسم رئيس الوزراء خطأ حمدوك بفتح الحاء وسكون الميم وأظن الصحيح بفتح الحاء والميم لتكون حمدوك أي حمدناك وشكرناك يا الله، والله أعلم.
** عطبرة **
** عطبرة أشعلت الثورة كما أشعلت من قبل الثورات والمواقف التاريخية منذ الأربعينات بمواجهة الاستعمار وإضراب الثلاثة والثلاثين يوماً الذي جعل الاستعمار يرضخ وتتكون النقابة الأولى على مستوى المنطقة، وكانت أم المدائن هي المدرسة التي ربّت وعجمت عود أبنائها وقدمتهم للوطن والعالم.
** عطبرة ذات مجتمع فريد تختفي فيه الطبقية وتزدهر فيه روح التكافل وخدمة الآخرين، ولهذا حق للسودان أن يفخر بها كوطن مصغر تذوب فيه الانتماءات العنصرية والحزبية.
** عدتُ قبل قليل من زيارة أستاذنا وزميلنا في مهنة التدريس الدكتور عثمان السيد محجوب، وهو يرقد بعد عملية جراحية ناجحة، ولم أفاجأ بالعدد الهائل من الزوار كما تفاجَأت أسرة المستشفى، ولكن زالت مفاجأتهم حين عرفوا القليل عن عطبرة وعلق أحدهم بأن كل هؤلاء يعيشون في العاصمة أم أتوا بالقطار .
** على ذكر القطار فإن قطار الشوق الأول الذي أحيا الاعتصام، وقطار الشوق الثاني الذي أذهل العالم، كان الإعداد لهما بروح عطبراوية بالالتزام بالتوحيهات والشعارات الوفاقية والاعتماد على الذات بعدم تكليف أي جهة بالاستضافة والوجبات بأن كل هذا كان داخل القطار والأهم أنهم غادروا محطة الوطن الكبير مساء بعد نهاية ساعات العمل وعادوا فجراً ليلحقوا بالعمل الذي هو عبادة.
** نعم لا زلت عند رأيي بأن الفرق الأربعة التي تشارك في المنافسات الخارجية التي بدأت، لن تحقق نجاحاً وقد تغادر في المرحلة التمهيدية الحالية، وإن تخطتها ستغادر لاحقاً، فلا نزال نحبو ونشارك بدون إعداد، ولساننا طويل نخدع به جمهورنا.