قضية أبيي: البحث عن حلول.. هل آن الأوان؟
قضية أبيي: البحث عن حلول.. هل آن الأوان؟
الخرطوم- صلاح مختار
بحث الاجتماع المشترك الثاني من نوعه حول أبيي,الحلول المستدامة لقضية المنطقة المتنازع حولها بين السودان ودولة الجنوب, وتقديم معالجات ضرورية للمجتمعات المحلية، وظلت قضية أبيي بمثابة قنبلة موقوتة يمكن أن تزعزع الاستقرار في البلدين في أي وقت, وشهدت المنطقة خلال الفترة الماضية تدهوراً أمنياً رغم وجود البعثة الأممية في المنطقة, الأمر الذي أدى إلى خسائر في الأوراح والممتلكات، في وقت تلتزم فيه دولتي السودان بعدم انزلاق المنطقة إلى الحرب بسبب الصراعات بين المكوِّنات القبلية “المسيرية ودينكا نقوك”, والتي قد تؤدي إلى تدهور الأوضاع المعيشية وتزايد النزوح إلى الشمال.
روح الشراكة
روح الشراكة بين الدولتين، تؤكد حرصهما على تفادي الحلول غير السلمية, وهو ما عبَّر عنه اجتماع الخرطوم, الذي يعتبر تجديد لتلك الروح التي من شأنها حلحلة قضية أبيي، وأكد نائب رئيس مجلس السيادة رئيس اللجنة العليا للإشراف السياسي والإداري لمنطقة أبيي الفريق أول محمد حمدان دقلو، على ضرورة استمرار التنسيق والتعاون بين السودان وجنوب السودان، لبناء الثقة وتبادل الآراء حول كيفية توفير أساس متين للحل النهائي لقضية أبيي، وقال في الاجتماع المشترك بين السودان وجنوب السودان حول أبيي بفندق السلام روتانا بالخرطوم الأحد، إنه بالرغم من الظروف الحرجة التي يمر بها السودان، إلا أن الاجتماع كان أولوية تقديراً لحساسية قضية المنطقة والمعاناة الإنسانية التي تمر بها المجتمعات، مبيِّناً أن ظروف السكان في أبيي لا تحتمل التأخير، مشيراً إلى أهمية التوصل من خلال الاجتماع إلى نتائج إيجابية لوضع أبيي على مسار السلام العادل والمستدام، وأوضح أن الروابط التاريخية المشتركة، بين مجتمعات المنطقة والعلاقات الاستراتيجية التي تجمع السودان وجنوب السودان، كلها عوامل محفزة تسهم في إحراز تقدم حقيقي، يضمن مستقبلاً أفضل لسكان أبيي، داعياً إلى تفعيل الآليات المشتركة وخلق البيئة المناسبة، التي تسهم في تعزيز الأمن والتنمية والاستقرار لمصلحة المجتمعات بالمنطقة، مؤكداً على أهمية مشاركة أصحاب الشأن ومواطني المنطقة لتعزيز العمل المشترك، وخلق بيئة مواتية للتعايش السلمي والاجتماعي، مشدِّداً على فتح المجال أمام الشرائح ذات الصلة من مجتمع المنطقة، خاصة الشباب والنساء، للاستماع إلى آرائهم، التي من شأنها المساهمة في تعزيز التعايش والاستقرار، وطالب سيادته المجتمع الدولي، إلى مزيد من التعاون والقيام بدور يتجاوز المساعدات الإنسانية، إلى تنفيذ مشروعات تنموية تنهض بالمجتمعات المحلية، داعياً المجتمع الدولي وخاصة مكتب الأمم المتحدة بالسودان، وجنوب السودان، والمانحين، إلى زيارة ميدانية لأبيي، في أقرب فرصة ممكنة، للوقوف عن قرب، على الاحتياجات الضرورية للمجتمعات المحلية.
توجيهات واضحة
طول أمد النزاع في المنطقة, يعتبر مواطن أبيي المتضرر الأوحد منها, سواءً أكانوا من المسيرية, أو دينكا نقوك، ولذلك شدَّد الفريق توت قلواك مستشاررئيس دولة جنوب السودان للشئون الأمنية, على أهمية الوصول لحل نهائي لقضية أبيي، مضيفاً أن مواطن أبيي دفع فاتورة التوترات التي تعيشها المنطقة، وقال قلواك خلال مخاطبته الاجتماع المشترك بين السودان وجنوب السودان للوصول، للحل النهائي لقضية أبيي والذي خاطبه نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي رئيس اللجنة العليا للاشراف، السياسي والإداري لمنطقة أبيي الفريق أول محمد حمدان، قال إنهم جاءوا يحملون توجيهاً واضحاً من الفريق أول, سفاكير ميارديت رئيس دولة جنوب السودان للتشاور حول حل القضية، داعياً المسيرية ودينكا نقوك للمساهمة في حل مشكلة أبيي، مستعرضاً تاريخ التعايش بين القبيلتين في المنطقة، واستعرض توت جهود لجنتي قضية أبيي في دولة جنوب السودان والسودان لمناقشة القضية في كل جوانبها وصولاً, لحل نهائي، مؤكداً جاهزيتهم للوصول لحل نهائي للقضية والوصول للحل الأفضل والأمثل للقضية. وقال إن أبيي تهم السودان ودولة جنوب السودان وتحتاج إلى تنمية واستقرار بين جميع المكوِّنات، مشدَّداً على أهمية الجلوس للتداول حول القضية بمشاركة كل الأطراف وصولاً لسلام مستدام للمنطقة.
ليست قضية مقلقة
ويقول المحلِّل السياسي, عبد الله آدم خاطر, لحسن الحظ, العلاقة بين سكان أبيي, سوى كانوا من شمال السودان, أو جنوب السودان, علاقة اجتماعية, اقتصادية, وليست علاقات سياسية عرقية, مما يجعل المستقبل بينهم مطمئن, وقابل للاستقرار. وقال لـ(الصيحة) أما بالنسبة للسلطات السودانية حتى تكون قادرة على استلام زمام المبادرة والوصول إلى حل في المنطقة, قد لا تكون قبل أن تصبح هنالك حكومة انتقالية قادرة, بأنها أن تستوعب مسؤولياتها, وتستوعب أهمية العلاقات الخارجية, ما يجعل المنطقة ذات حساسية اقتصادية وثقافية, في نفس الوقت حساسية دبلوماسية، وبالتالي ما لم نصل إلى حكومة قادرة, من المبكِّر جداً أن نقول أن قضية أبيي, أصبحت في طريق الحل النهائي. ولكن استدرك بالقول, أبداً لن تكون قضية أبيي حالة مقلقة بالنسبة للسودان, ودولة جنوب السودان لطبيعة العلاقة الاجتماعية,والثقافية, الاقتصادية, بين مكوِّنات مجتمع أبيي.
تدويل القضية
الباحث في دراسات السلام وفض النزاعات الطيب الحوري اعتبر قضية أبيي من القضايا المهمة وتمثل مهدِّداً للسلام المجتمعي في غرب كردفان والسودان بشكل عام، وأشار في منشور على وسائل التواصل إلى ضلوع جهات خارجية تسعى لتدويل قضية أبيي, وجرها من الفضاء السوداني, وجنوب السوداني, إلى طاولة تعتبر غير محايدة, وتدعم طرف على حساب الآخر، وأضاف قائلاً: إن الجهود السودانية مضت بعيداً لحلحلة أزمة المنطقة, خاصة الجهود التي يقف عليها النائب الأول لمجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، لتقريب وجهات النظر بين قبيلتي المسيرية ودينكا نقوك. وأضاف بأن تحقيق السلام المجتمعي ينبغي أن يقوم على قاعدة من التسامح بوضع القضايا في إطارها الأساسي بمناقشة جذور الأزمة ووضع الأولويات والأطر التي تعالج المشكلة، وهذا ما يجب أن يراهن عليه الفرقاء قبل الهرولة للخارج باستيراد حلول مفخخة تقود البلاد لمزيد من التمزُّق.
قنوات التواصل
وسبق أن اتفق السودان مع دولة جنوب السودان، على إنشاء إشرافية مشتركة لمنطقة أبيي المتنازع عليها، كما اتفقا على إعادة فتح الحدود المشتركة بين البلدين. جاء الاتفاق، خلال اجتماع للآلية الأمنية المشتركة بين البلدين التي أنهت اجتماعاتها في العام الماضي، وقال وزير الدفاع، الفريق ياسين إبراهيم في تصريحات صحافية في ذلك الوقت، إن اتفاقاً قد تم اليوم حول إنشاء الإشرافية المشتركة دون الإدلاء بمزيد من التفاصيل وذكر الوزير أن البلدين قررا فتح الحدود المشتركة فوراً، بما يتضمن فتح المعابر الفوري، وتفعيل قطاع النقل النهري بين البلدين، وإزالة كافة العوائق السابقة بعد التوصل إلى حلحلة كثير من المشكلات، من جهتها أكدت وزير الدفاع في دولة جنوب السودان، أنجلينا تينق، أن اللجنة المشتركة توصلت إلى نتائج إيجابية بشأن القضايا العالقة، وأشارت إلى مضي البلدين قدماً في معالجة كافة العوائق، وفتح قنوات التواصل من خلال فتح المعابر الحدودية، والنقل النهري، ما من شأنه خدمة شعبي البلدين اقتصادياً، مشيرة إلى أن الآلية المشتركة أوصت في اجتماعها بضرورة ضبط ومراقبة المواطنين في الحدود بين البلدين، وتسريع العمل المشترك.