شباب الثورة.. بين الآمال وتحديات الواقع
الخرطوم- مهند عبادي
يتمسَّك شباب ثورة ديسمبر المجيدة بمشروعهم الثوري وحراكهم السلمي لتحقيق غايات وأهداف الثورة المأمولة، رغم تساقط أرواح الشهداء ودماء الجرحى، تجمعهم صفات الوفاء والنبل والبسالة والتعاون وهم يرفعون الرايات خفاقة في طريق الوصول إلى التغيير وبناء دولة وطنية تقوم على أساس الحرية والسلام والعدالة، متكاتفين وملتزمين بتجاوز الصعاب والعقبات في مسيرتهم نحو سودان المستقبل، ومعلوم أن تحديات وعقبات جسيمة تعترض مسار شباب الثورة على المستوى الاجتماعي والسياسي والتنظيمي، ولكن كل هذا يمكن تجاوزه بفضل توفر الإرادة، وينصح مراقبون بسرعة الوصول إلى وحدة قوى الثورة وتجاوز الخلافات الشكلية بين الثوار واللجان والأحزاب السياسية باعتباره مطلب ملح جداً لمواجهة تحركات أنصار النظام المخلوع، فضلاً عن فتح صفحة جديدة بين القوى السياسية والشارع الثوري من أجل الوصول إلى صيغة من التفاهم حول مستقبل السودان في كل، بحيث لا ينجح تيار من التيارات في السيطرة على الشارع السوداني وحده.
نقطة الصفر
واقع الثوار اليوم وما تمر به الثورة السلمية من تحديات على الأرض ربما تقلل من فرص النجاح في تحقيق الطموحات والآمال كانت مثار نقاش في خيمة الصحفيين التي تنظمها طيبة للإعلام بمركز الدراسات السودانية، أمس الأول الجمعة، وتقول الناشطة السياسية إجلال الفاضلابي، إن طموحات الثوار بدأت بمطالب تتعلق بتحسين الأوضاع المعيشية ومن ثم انتقلت إلى المطالبة بإسقاط الرئيس عمر البشير، قبل أن ترتفع الآمال إلى سقوفات عالية جدًا ولكنها لم تتحقق خلال الفترة الانتقالية التي انقلب عليها العسكر وبالتالي ضاعت مطالب الثورة وآمالنا التي كنا نخرج في مواكب أثناء الحكومة الانتقالية لتنفيذها وهي مطالب مشروعة تتمثل في استكمال هياكل السلطة، وأشارت إجلال إلى أن العسكريين دائماً ما يحققون أهدافهم فقط ولا يهتمون بأهداف الثورة، وأضافت: نحن حالياً عدنا إلى نقطة الصفر مرة أخرى ونعمل على محاربة “الكيزان”، وتحسين البيئة الداخلية وسط شباب الثورة، وتابعت: رجعنا من مرحلة المطالبة بالسلام والحرية والعدالة إلى المطالبة بإسقاط الانقلاب، وشدَّدت الفاضلابي على أن الأحزاب السياسية كانت ترفع ذات الشعارات ورفعت السقف عالياً والشباب صدقوا ذلك، ولكن الأحزاب انحرفت بالجلوس مع العسكر، ونوَّهت إلى أن المجتمع المدني ولجان المقاومة لم يؤسسوا للمستقبل لذلك هم غير قادرين على اتخاذ القرار، ونصحت الفاضلابي السياسيين بالعمل بشكل متوازن بين الفعل الثوري والتكتيكات السياسية باعتبار أن التضحيات تعتبر أكبر من المطالب السياسية.
تكتيك سياسي جديد
وفي السياق قال عضو اللجنة التسييرية لثوار شمبات عبد الغفار عمر،إن الواقع السياسي أصبح معقَّد جداً، وأن القوى السياسية وقعت في خطأ كبير بعد أن تجاوزت الشارع، واتضح هذا الخطأ بشكل جلي عقب الفشل في التوقيع على الاتفاق النهائي للعملية السياسية، وأضاف: من بيانات القوى السياسية لاحظنا محاولاتها للعودة وكسب ود الشارع مرة أخرى، مؤكداً أن القوى السياسية لم تستفد من أخطائها، وكل مرة تلجأ إلى الشارع، وأكد عبدالغفار، الأوضاع الحالية تحتاج إلى ابتداع تكتيك سياسي وآليات جديدة، وتغيير التكتيك الثوري، بعد دراسة وتحليل الواقع الثوري، وتابع عمر ينبغي علينا العمل على تقسيم الأدوار واستيعاب تصورات الشباب الخاصة بالمشاركة السياسية ورؤية اللجان التي عبَّرت عنها في المواثيق، لافتاً إلى أن إخفاقات القوى الثورية ترجع في الأساس إلى الصراعات والتقاطعات الحزبية وعدم تنظيم الأجسام الثورية بالقدر الذي يتيح بلورة الأفكار، وأقر بتراجع الحراك الثوري، وأكد عبدالغفار أن هناك تواصل بين الثوار ومنظمات المجتمع المدني، ودعا إلى ترتيب الصفوف ونبذ الانقسام وسط الثوار وإسقاط الانقلاب، وقال: ينتظرنا الكثير فيما يتعلق بإعادة شكل التكتيكات، خاصة إذا تم التوقيع على الاتفاق النهائي ومعرفة إذا ما كان الاتفاق معبِّراً عن الشارع الثوري أم القواعد الحزبية، وقتها سوف نحتاج إلى تحديد الكيفية التي سوف نتعامل بها مع الموقعين ومواجهتهم.
الفجوة بين الشارع والأحزاب
متحدثون بالخيمة أكدوا وجود فجوة بين الشارع والقوى السياسية، فيما يلي تحقيق المطالب التي يمكن أن تقود إلى إنجاز التغيير الشامل، مشيرين إلى وجود تحوُّل في مشاركة المرأة إلا أنها غير كافية، بينما لاتزال قضية المرأة بعيدة من قضايا الدولة ككل، وتقول الناشطة السياسية العنود الباقر، إن أدوار الشابات في الحراك الثوري، كانت واسعة جداً، وتشكلت أجسام نسائية كـ”الحارسات”، وأضافت ولكن -حالياً- هناك تحجيم لدور النساء، وعديد من الممارسات لتقييد دورهن مثل تنميط دورهن الاجتماعي، والقيود الزمنية، وبالتالي أدى ذلك إلى انخفاض مشاركة النساء في الفترة الأخيرة ولابد من تصحيح المسار وعودة النساء للحراك.