أوان الدمج.. الخلافات الفنية هل تنسف العملية السياسية؟
الخرطوم- الصيحة
برزت مسألة الخلافات بين الأطراف العسكرية في ختام ورشة الإصلاح الأمني والعسكري نتيجة لتباين الرؤى المتعلقة بعملية دمج قوات الدعم السريع في الجيش، لتشغل حيزاً كبيراً في المشهد السياسي بالبلاد، وبسببها تعطل التوقيع على الاتفاق النهائي أكثر من مرة، بينما لا تزال اللجان الفنية بين الجيش والدعم السريع تزاول أعمالها في البحث عن توافق ورؤية نهائية لكيفية تنفيذ عملية الدمج، الخلافات العسكرية الأخيرة ألقت بظلال سالبة على المشهد السياسي بالبلاد الذي كان يتجه نحو انفراجة مرتقبة باكتمال العملية السياسية والتوقيع على الاتفاق النهائي وهو الأمر الذي كان متوقع أن يعود بنتائج إيجابية على مستوى معالجة الانهيار الاقتصادي والاجتماعي والأمني الذي تعيشه البلاد بعد تشكيل الحكومة المدنية، ولكن كل هذه التوقعات أصبحت رهينة الأن بمعالجة مسألة الخلافات العميقة بين الأطراف العسكرية والخاصة بدمج الدعم السريع وسط مخاوف بنسف هذه النقطة الخلافية للعملية السياسية برمتها والعودة إلى المربع الأول، وفي 5 ديسمبر 2022، وقعت قوى سياسية وكيانات نقابية ومهنية من بينها الحرية والتغيير، اتفاقاً إطاريًا، مع قادة الانقلاب، مقرر أن يستكمل باتفاق نهائي بعد التوافق على قضايا الانتقال،وتتمثل هذه القضايا في حل أزمة شرق السودان وتفكيك النظام المُباد وتقييم اتفاق السلام والعدالة والعدالة الانتقالية وإصلاح المؤسسات الأمنية والعسكرية.
الزيت على النار
وفي الأثناء تنشط مجموعات متفرِّقة رافضة لمسألة دمج الدعم السريع في صب المزيد من الزيت على نار الخلاف بين الجيش والدعم السريع لإبطال مساعي التوصل لحل للأزمة الحالية طمعاً في عرقلة العملية السياسية برمتها وتعطيلها بشكل تام، وفي المقابل تؤكد أطراف العملية السياسية مجتمعة تمسكها باستكمال الاتفاق معالجة المسألة الحالية بشكل يجنب البلاد المخاطر،والجمعة أكد رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان، اقتراب الانتهاء من الاتفاق السياسي النهائي، مشيراً إلى أنّ التأخير سببه خلافات بشأن بند “الإصلاح الأمني والعسكري، وقال: “هناك تأخير في الاتفاق بسبب بعض التفاهمات المتعلقة ببند الإصلاح العسكري والأمني، ونتمنى أنّ نتجاوزها بأسرع وقت ممكن ونتخطى العقبات الموضوعة أمامنا”، وفي المقابل نبّه عضو اللجنة المركزية بالحزب الشيوعي، كمال كرار، بحسب تصريحات صحفية السبت، لوجود مؤامرة كبرى على منظومة القوات المسلّحة السودانية، وكشف عن أنّ المؤامرة تتمثّل في مسألة الدمج، لافتًا إلى أنّ الدمج سيقضي على فكرة قيام جيش قومي، وشدّد كرار بأنّ الدمج صنيعة الخواجات واصفًا الخواجات بأنّهم يريدون وأد الجيش، وفي سياق آخر يقول الناطق الرسمي باسم العملية السياسية في تصريحات سابقة أن الاتفاق السياسي الإطاري طرح قضايا صعبة علي الطاولة، ومن المشاكل الرئيسة للتجربة الانتقالية السابقة هي القطاع الأمني والعسكري وعلاقته بالسلطة المدنية والمشاكل الموروثة من النظام البائد داخل القطاع العسكري، ولضرورة الاستفادة من التجربة السابقة كان لا بد من طرح هذة القضية رغم صعوبتها وتعقيدها.
موقف الدعم السريع
وإلى ذلك كشف مصدر مطلع أن الوفد التفاوضي التابع لقوات الدعم السريع متمسِّك بدمج القوات خلال عشر سنوات من تاريخ التوقيع النهائي على الاتفاق الإطاري بحسب بما ورد بموقع “شن توم برس” وأكد المصدر أن هذا الموقف جاء بعد قرار تأجيل توقيع الاتفاق بين القوى المدنية والعسكرية للمرة الثانية هذا الأسبوع بسبب خلافات متعلقة بالجدول الزمني المقترح لدمج تلك القوات في الجيش، وأشار إلى أن أصابع الاتهام موجهة إلى أطراف يتبعون للنظام السابق موجودين داخل الجيش يسعون إلى محاولة إفشال الاتفاق السياسي، وأوضح أن لجنة التفاوض من قبل قوات الدعم السريع تتمسَّك بما جاء في الاتفاق الإطاري بتبعية القوات إلى رأس الدولة وبفترة العشر سنوات، الدمج وذلك استنادًا للاتفاق الإطاري الذي قد وقع في (5) ديسمبر الماضي.
القيادة والسيطرة
ويقول ياسر عرمان، الناطق الرسمي باسم قوى إعلان الحرية والتغيير، في مقابلة مع راديو دبنقا إنّهم يعملون سوياً مع المكوِّن العسكري لإنهاء القضايا العالقة في ملف الإصلاح الأمني والعسكري، وأنّه قد تبقى ملف واحد من مجمل القضايا العالقة في ملف الإصلاح الأمني والعسكري، وأنّه تمّ فيه الوصول إلى خطوتين وتبقت خطوة واحدة، وأضاف إنّ الخطوة الأولى هي قضية الإصلاح والدمج والتحديث وتمّ الاتفاق على بناء جيش واحد ودمج كل القوات في القوات المسلحة إلى جانب عدم مشاركة القوات النظامية في السلطة السياسية والاقتصاد المدني، وأشار إلى أنّه تمّ بعد ذلك التوقيع على الأسس والمبادئ لكيفية الإصلاح والدمج والتحديث، وأردف” ما تبقى الآن هو عملية القيادة والسيطرة وكيفية الوصول إلى قيادة موّحدة برضا القوات المسلحة وقوات الدعم السريع،وأوضح عرمان أنّهم يعملون بشكلٍ وثيق مع القوات المسلذحة وقوات الدعم السريع، للوصول إلى حل مفيد للبلاد.