بعد نزع البندقية.. ما هو مستقبل حركات الكفاح المسلح السياسي؟
بعد نزع البندقية.. ما هو مستقبل حركات الكفاح المسلح السياسي؟
تقرير- نجدة بشارة
منذ التوقيع على اتفاقية السلام الشامل في أكتوبر 2019م، وكل الدلائل وقرائن الحال تشير إلى أن حركات الكفاح المسلح الموقعة أمام سيناريوهين، أما أن تنزل إلى أرض الملعب كلاعب سياسي جديد، وتتحوَّل إلى أحزاب جديدة تضاف إلى قوائم الأحزاب السودانية، وأما أن تنشطر بعد عملية الدمج والتسريح بين مجموعات تتحوَّل إلى جزء من المنظومة العسكرية، وأخرى تتفرَّق إلى الكتل والأحزاب .
وبين هذا وذاك..وفيما تقترب العملية السياسية من نهاياتها الحتمية تشكيل حكومة مدنية، يبرز التساؤل عن المستقبل السياسي لهذه الحركات؟ بعد نزع أسلحتها؟
حركة سياسية
رهن القيادي بحركة جيش تحرير السودان قيادة مناوي وقيادي بالكتلة الديموقراطية عبدالعزيز سليمان أوري في حديثه لـ(الصيحة) مستقبل الحركات المُسلَّحة السياسي على عدد من المعطيات المبنية على تهيئة الملعب وقال : إن أول هذه الفرضيات لابد من تحقيق كافة الأهداف التي من أجلها حملت الحركات السلاح وقدَّمت عدداً كبيراً من الشهداء، في سبيل قضيتها المعلومة لدى الجميع. ثانياً يجب
إنقاذ بند الترتيبات الأمنية وفق ما جاء في اتفاق جوبا لسلام السودان.
وأوضح أوري أن حركات الكفاح المُسلَّح في أصل حركة مزدوجة بين العسكرية والسياسية، وزاد: وحتى تكمل الكفاح بصورة طبيعية ويتم عملية التحوُّل الديموقراطي المدني على وجه أكمل حينها يتزن ميزان الحقوق والواجبات وبعد ذلك تأتي خيارات الاستمرارية في العمل السياسي من خلال آلية لتنظيم الممارسة السياسية لهذه الحركات أو ربما تتحوَّل إلى حزب أو حركة سياسية والأمر متروك لدى القيادات السياسية لتلك الحركات لأن السقف الأعلى هو إزالة التهمش بكافة أنواعه ثم نستمر في عملية التحوُّل السياسي حتى نتمكن من التعبير عن رأينا بتجربة جديدة.
أحزاب فيدرالية
تحدث المحلِّل السياسي والمراقب للعملية السلمية في دارفور عبدالله آدم خاطر لـ(الصيحة) عن وجهة نظره بشأن مستقبل حركات الكفاح المسلح بعد تكوين الحكومة المدنية .
وانتقد النظام المركزي السابق، وأوضح : (النظام المركزي الذي كان محوره الأحزاب السياسية، لم يوصل البلاد إلى حالة من التنمية التي تحقق التراضي للشعب السوداني مما خلق تراكمات، واحتجاجات في ظل النظام البائد انفجرت إلى نزاعات مسلحة، وحتى على المستوى الدولي عولجت في إطار نزاعات داخلية مسلحة، بين هذه المجموعات والحكومة المركزية .
وأضاف: حالياً هنالك واقع جديد الخروج من دائرة الأزمة التاريخية، باعتبار أن كل السودانيين على قدم المساواة، ورؤيتهم الخروج من دائرة الأزمة ومن ثم الاتفاق على نقاط رئيسة، أهمها أن الديموقراطية هي الأساس،أضف إلى ذلك لا مركزية الحكم، فضلاً عن مبادئ دستورية أخرى .
وأوضح خاطر أن المستقبل المتوقع لحركات الكفاح لابد أن تكون في إطار المبادئ، تتحوَّل إلى أحزاب فيدرالية وكيانات لخدمة الديموقراطية، بالمعايير الدولية وزاد: (هذا هو المستقبل الوحيد) عدا ذلك لا مجال للعودة إلى مربع حمل السلاح أو إثارة نعرات وخطابات الكراهية، لاسيما وأن ثورة ديسمبر أطلقت شعار(كل البلد دارفور) .
وترك الباب مفتوح على عدة خيارات من خلال عمليات الدمج في القوات المسلحة لخدمة الوطن، أو عمليات التحالفات مع كيانات سياسية ممكنة، ويمكن تشكيل تحالفات انتخابية مرحلية أو مستدامة. جميع هذه الخيارات ممكنة، وشدَّد: لكن لا عودة للعنف، لا عودة للكراهية والحرب أو النزاع.
حركات السلام
ينص اتفاق السلام الموفع في جوبا 2020 على ضرورة تفكيك الحركات المسلحة وانضمام مقاتليها إلى الجيش النظامي الذي سيعاد تنظيمه ليكون ممثلاً لجميع مكونات الشعب السوداني.
وقعت على الاتفاق أربع حركات من الجبهة الثورية السودانية وبقيت اثنتان من الحركات المتمردة خارج هذا الاتفاق.
الحركات الأربع الموقعة هي: حركة تحرير السودان/جناح مني أركو مناوي، وحركة العدل والمساواة د. جبريل إبراهيم والمجلس الثوري الانتقالي، والحركة الشعبية لتحرير السودان/جناح مالك عقار.
استخلاص مكاسب
في السياق عبَّر الرئيس المكلف لحركة تمازج القيادة السياسية محمد موسى بادي عن رؤيتة لـ(الصيحة) بشأن مستقبل الحركات، وقال: إن الحركات التي وقعت على اتفاق السلام- انقسمت على أساس سياسي، فهناك حركات آثرت السلطة وانشغلت عن أي دور سياسي محتمل، وأصبحت تمارس تكتيكات من أجل البقاء في كراسي السلطة، ودعمت إنقلاب ٢٥ أكتوبر، لذات الهدف.. وعندما تفاجأت بقطار الانتقال وحركته للأمام، أصبحت تبني تحالفات واهية تتعارض مصالحها مع اتفاق السلام نفسه، بينما هناك حركات لها مستقبل سياسي واضح من خلال المواقف الواضحة لقادتها، فهي قد دعمت الانتقال السياسي بغرض الوصول لحكم مدني ديموقراطي يوسِّع أفق الممارسة السياسية وبمهج الطريق أمام الكفاح السياسي السلمي بديلاً منطقياً وموضوعياً للكفاح المسلح.
وأضاف: كنا نحذِّر من أن تتحوَّل الحركات إلى مواعين ضيِّقة لاستخلاص مكاسب اتفاق السلام والانشغال بها عن الدور السياسي للحركات، ولكن للأسف لم ينجح إلا القليل من هذه الحركات التي وجدت مكانتها ضمن قوى الثورة والقوى الموقعة على الاتفاق الإطاري.. بينما وجدت بعض الحركات نفسها أمام خيار التكتل مع الفلول أصبحت اليوم في وضع لاتحسد عليه، خاصة وأن مرحلة الحرب والكسب من أعمال العنف قد انتهت أمام الجميع، وهذا أمر يحتِّم على قادة الحركات مضاعفة الجهود للتأسيس بشكل سليم بما يخدم بقائها في الساحة السياسية أو الاستعانة بتحالفات موضوعية تخدم أهداف التحوُّل السياسي المدني الديموقراطي الذي تتجه إليه البلاد.
من جانبه قال الدكتور النور عزالدين، أمين شؤون رئاسة لحركة العدل والمساواة الموقعة لوثيقة الدوحة للسلام في دارفور بقيادة اللواء بخيت دبجو لـ(الصيحة): الحركات إذا كانت ليست لديها نوايا انفصالية وتؤمن بوحدة السودان فعلاً لا قولاً وتؤمن بأن قضيتها الأساسية تتمثل في مقاومة التهميش في مناطقها، ينبغي أن تتحوَّل إلى أحزاب سياسية بعد انتهاء من الترتيبات الأمنية ونزع سلاحها وذلك وفقاً للاتفاقيات السلام المبرمة مع الدولة، ولكن بالطبع لها كامل الحق في أن تندمج إلى داخل أحزاب أكبر منها أو تتحالف كحركات لتكوّن أحزاباً سياسية.
وأضاف لكن،تكمن المشكة في أن ٧٠% من هذه الحركات ليست لديها أي نية لتسليم سلاحها للدولة، ليس فقط لعدم قدرتهم على الثقة في الحكومة والآخرين ولكن لتحويل هذه الحركات إلى ما يشبه شركات خاصة تديرها أسر وبالتالي ارتباطها بالمصالح الشخصية، وزاد وخير دليل على ذلك تركها للهدف الأساسي من اتفاقها مع الدولة وهو تطبيق الاتفاق على الأرض وعمل على إزالة التهميش وتوفير الأمن للمواطن وعودة النازحين واللاجئين إلى قراهم، ولجأت إلى الانضمام لأصحاب أجندات خاصة على شكل كتل سياسية مؤقتة تسيِّرها جماعات حزبية وسياسية.