حملات التجنيد في دارفور.. من يقف خلفها؟
حملات التجنيد في دارفور.. من يقف خلفها؟
الخرطوم- صلاح مختار
كشف حاكم إقليم دارفور رئيس حركة جيش تحرير السودان مني أركو مناوي، عن تجنيد بمستوى غير عادي يتم عبر الشيوخ والعمد والإدارات الأهلية بإغراءات مالية في دارفور. ونشر مني أركو مناوي، حاكم إقليم دارفور، تغريدة مثيرة عن التجنيد في دارفور، وقال: إن ورش تحت عنوان الإصلاح الأمني تعقد في الخرطوم وفي نفس التوقيت, تم إرجاع واستيعاب كل المليشيات السابقة وتجنيد مليشيات بمستوى غير عادي في دارفور عبر الشيوخ والعمد والإدارات الأهلية بإغراءات مالية. وأضاف مناوي في تغريدة “هل يا ترى اتفاق سلام جوبا سيسلم في ظل هذه الخروقات الخطيرة؟ إذاً من يقف وراء تجنيد مليشيات في دارفور, وما الهدف من ذلك؟
وقف التجنيد
ويأتي تصريح مناوي وهو رئيس حركة تحرير السودان الموقعة على اتفاق جوبا، غداة اتهامات أطلقها ناظر الرزيقات محمود موسى مادبو، لجهات استخباراتية بإلحاق أفراد من قبيلته في أجهزة عسكرية من دون علمه، مناشداً قائد الجيش، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، بوقف تجنيد أبناء عشيرته من دون الرجوع إليه. وذكر مناوي لدى مُخاطبته الجلسة الختامية لمؤتمر عودة النازحين واللاجئين، بمدينة الفاشر قائلاً: (هناك تجنيد عسكري وتحشيد في دارفور) وأضاف بالقول: (هذا أمر مرفوض تماماً). وشدَّد على رفض الحركات الموقعة وغير الموقعة على اتفاق جوبا للسلام، العودة إلى مربع الحرب أو خرق اتفاق وقف إطلاق النار وإنهاء العدائيات، قائلاً: (الحركات المسلحة لا ترغب في الحرب ولم تحمل السلاح من أجل الحرب). بيد أنه عاد وأوضح أن عمليات تجنيد مقاتلين جدد في دارفور يمثل خرقاً لاتفاقية السلام. وتابع: (أي حركة مسلحة أو قوات نظامية في ظل السلام لا تحتاج إلى تجنيد جديد أو تحشد مقاتلين، وأن إلحاق مقاتلين جدد يعني الاستعداد والتجهيز للحرب). وزاد: (وقعنا على هذا الاتفاق لنشارك في السلام ولم نقصد بأنّ نكون شهوداً على الحرب). وكشف حاكم دارفور عن امتلاكه لمعلومات تُشير إلى عودة المليشيات المسلحة التي ساندت نظام المعزول عمر البشير، إبان سنوات القتال في إقليم دارفور.
تحوُّطات استباقية
ويقول القيادي بالكتلة الديموقراطية الفريق محمد علي قرشي لـ(الصيحة): إن الشاهد في الأمر أن هنالك حملات تجنيد وتجييش عشوائية ليس فقط في إقليم دارفور وإنما حتى في إقليم كردفان والغرض من هذه الحملات عادة إجراء تحوطات استباقية لتكتيكات عسكرية قادمة. وقال: إذا استمرت هذه الحملات ستكون هنالك صعوبات في عملية جمع السلاح من أطراف السلام لانعدام الثقة الأمر الذي سيعقد المشهد بصورة أو بأخرى, من المعروف دولياً و في القوانين العسكرية أن أي حملات تجنيد منظمة تخضع لملاحظات ومعايير لابد من أخذها في عين الاعتبار, وأولى هذه المعايير التنوع الثقافي والاجتماعي و الإثني و الجغرافي و أن تكون القوات قومية تمثل الوجه المصغَّر للدولة تجمع جميع الألسن واللهجات على أساس واضح مع الالتزام التام بالمعايير العلمية وفقاً للجهة المعنية أما أي تجنيد يأتي عن طريق الإدارة الأهلية وفيه انتقاء لبعض المجتمعات دون الأخرى عادة ما تكون له أهداف مجهولة بالتأكيد لن يصب في مصلحة الوطن.
المسؤول الاول
وأبدى المحلِّل السياسي عبد الله آدم خاطر، استغرابه من تغريدة حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي, باعتباره هو المسؤول الأول الأمني في الإقليم, وله سلطات التشريع,والتنفيذ, ويمتلك حق التعامل مع كل مستويات الحكم, فضلاً عن التعامل مع المجتمع الأهلي, والمدني. وقال خاطر لـ(الصيحة): كل أهل دارفور يهمهم معرفة خلفيات هذا الأمر. وأنه كحاكم ينتظر منه قرارات وتشاور, لأن مسألة الكلام هي مسؤولية الإعلام, سواءً أكان القومي أو المحلي, ولكنه أشار عندما يتحدث مناوي يجب أن يتحدث بمعلومات, ويصبح لديه ما يمكن أن يفعله لاستباب الأمن, وكذلك هو مطالب الآن, وفقاً لهذا التصريح, أن يطرح برامجه لتوضيح المسألة للمواطنين وطمأنتهم, والتأكيد على أن مثل هذا المسائل تحت السيطرة. ولذلك هو المتوقع منه. وقال اعتقد أنه حريص على أمن البلد, وحريص على مجمل الأمن القومي, خاصة أن دارفور مدخل مهم من مداخل الأمن القومي للبلاد.
الوضع الراهن
ولم يستبعد خاطر, وجود عمليات التجنيد للمليشيات له ارتباطات بالوضع السياسي الراهن, والسيولة السياسية والأمنية بالبلاد. وقال لايمكن يكون خارج إطار وسياق العمل السياسي الحالي. وأضاف بكل تأكيد له صلة خاصة عندما ذكر في وقت سابق أن هناك خلاف بين رئيس مجلس السيادة ونائبة. ولكن حصلت تدخلات كريمة, من داخل وخارج السودان, أنهت الموضوع. وبالتالي أي نقاش آخر خارج ذلك بوجود مجموعات تسلح مليشيات, هي مسؤولية شخصية ومسؤولية دستورية تقع على عاتق حاكم إقليم دارفور الانتقالي.
قوات موازية
المحلِّل السياسي والقانوني إبراهيم إسماعيل, يرى أن التجنيد وتسليح قوات موازية يخلّ بتنفيذ بند الترتيبات الأمنية لدمج القوات في صفوف الجيش وتجريدها من السلاح، كما أن إلحاق مقاتلين جدد يعني الاستعداد والتجهيز للحرب ما يعني خرقاً لاتفاق السلام.
أساس قبلي
في وقت سابق اتهم بعض المواطنين الجيش بتجنيد مليشيات, وهو ما دفع الناطق باسم الجيش نبيل عبدالله نفي فتح القوات المسلحة معسكراتها لتجنيد مقاتلين على أساس قبلي بولايات دارفور. ويقول علي حمدان دوكة، وهو قيادي أهلي من ولاية شمال دارفور، إن (فريق من الاستخبارات العسكرية التابعة للجيش بدأ منذ شهر نوفمبر الماضي طواف علني على القرى وتجمعات العرب الرحل في دارفور وعرض تجنيد الشباب، مع تقديم إغراءات مثل إعطاء المجند رتبة ملازم وملازم أول وحتى النقيب، ووعدهم بالسفر إلى اليمن والسعودية للقتال هناك مقابل أموال طائلة).
جرائم التطهير
وفي وقت سابق حذَّرت قوات الجبهة الثورية والي جنوب دارفور آدم محمود جارالنبي، من المضي في خطواته الهادفة لاستنفار القبائل، وتجنيد المليشيات، بهدف ارتكاب مزيد من جرائم التطهير العرقي، ونهب ماتبقى من ممتلكات المواطنيين بمناطق جنوب نيالا والسكة حديد ومهاجرية ولبدو. ووصف آدم صالح أبكر الناطق العسكري باسم حركة تحرير السودان قيادة مناوي لراديو دبنقا، ما يخطط له الوالي الجديد بأنه حملة لتطهير عرقي، وحذَّر القبائل من الدخول في هذا المعترك.
حملات التجنيد
مخاوف التجنيد نقلها بنفسه الصحفي المقيم بدارفور محمد صالح البشر، من واقع ما شاهده من عمليات استقطاب عسكري وسط المكوِّنات القبلية في الإقليم خاصة وأن التجنيد سيعقبه تسليح جديد الشيء الذي سيهدِّد السلام المجتمعي بحيث يمكن استخدام العتاد الحربي في النزاعات القبلية، وهو ما يمهد لعودة الحرب إلى دارفور. ويرى صالح في مقابلة مع (عاين)، أن “حملات التجنيد تأتي في إطار الصراع بين المكوِّن العسكري وهو تطور خطير في مسار الخلافات بينهما، وتعيد حملة التجييش الحالية الذاكرة إلى عقدين للوراء عندما بدأ نشاط مماثل بتسليح القبائل في دارفور وكانت النتيجة حرب ودمار ونزوح، ونخشى من تكرار السيناريو نسبة لتشابه الوقائع والأحداث”.