انتشار أمني وتهديد بإغلاق البلاد: (6 أبريل).. سيناريوهات متوقعة
الخرطوم- صلاح مختار
الخميس السادس من أبريل، يعتبر أحد أيام السودان التاريخية التي سجلت مقاومة باسلة للشعب للانتصار على الدكتورية الحاكمة، ففي 6 أبريل 1985، أسقطت ثورة شعبية الرئيس الاسبق جعفر محمد النميري، وبعد سنوات, وفي ذات اليوم من عام 2019 تكرر نفس المشهد، حيث استطاع الشعب السوداني الوصول الى القيادة العامة للجيش مسطرا ملحمة بطولية نجحت فيما بعد في الإطاحة بنظام الرئيس عمر البشير في الحادي عشر من ابريل.
عقبات وأزمات
ولكن يوم (6) أبريل، اليوم المشهود في تاريخ ثورة ديسمبر في هذا العام يتزامن مع تطورات سياسية غاية في الخطورة تمر بها البلاد, حيث الأزمة السياسية مازالت تراوح مكانها, رغم الوصول إلى اتفاق إطاري وتوافق لم يكتمل بعد إلا أن الساحة السياسية مليئة بالعقبات والأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية، ففي الوقت الذي يتصاعد فيه الخلاف بين الجيش والدعم السريع بسبب ترتيبات دمج الدعم السريع, تهدِّد مجموعات قبلية من الإدارات الأهلية وكيانات سياسية بإغلاق للمدن والولايات, رفضاً للتوقيع على الاتفاق الإطاري, وفي المقابل تستعد قوى سياسية أخرى لهذا اليوم لممارسة الضغط الشعبي عبر تحريك الشارع لمواجهة الإصرار على التوقيع النهائي للاتفاق. ويأتي ذلك في ظل تصعيد عسكري مخيف، حيث أكدت مصادر (الصيحة) وضع القوات المسلحة في حالة استعداد تام, فيما أعاد الدعم السريع تموضع قواته بنشر (60) ألف جندي في مواقع داخل الخرطوم. تلك الصورة جعلت صورة (6) أبريل غاتمة لا يمكن التكهن بمآلاتها الأمنية والسياسية. إذاً ما هي السيناريوهات المتوقعة في هذا اليوم؟
تهديد ووعيد
كانت الإدارة الأهلية في الخرطوم أعلنت إغلاق الولاية بشكل كامل الأربعاء، رفضاً للاتفاق السياسي الموقع بين الجيش السوداني وبعض القوى السياسية. بينما هدَّدت مجلس نظارات البجا والعموديات المستقلة بـإغلاق شرق السودان، فيما هدَّدت كيانات سياسية بإغلاق الشمال . في وقت وضعت شرطة الخرطوم، خطة أمنية مفصلية حديثة لتأمين الخرطوم. وبحسب صحيفة (الانتباهة), كشفت عن نشر الشرطة 152 ارتكازًا بجميع محليات الخرطوم، بالتركيز على التقاطعات الرئيسة والفرعية وأماكن تصدير الجريمة والكباري وعدد من المواقع والأحياء. وأشارت إلى أنّه سيتمّ نشر أكثر من 3000 شرطي، بتلك الارتكازات بجانب نشر قوات راكبة وراجلة ودوريات لتأمين العاصمة وتشديد الحراسة بالمعابر.
وأوضحت، أنّ الارتكازات يبدأ عملها عند السادسة والنصف مساءً وتستمر حتى السادسة صباحًا وتعمل بكافة المحاور من حيث محور منع الجريمة والمخدّرات ومكافحة التهريب والمركبات غير المقننة والدراجات النارية ومحاربة الظواهر السالبة والتفلتات والعصابات الإجرامية.
معالجة الخلاف
المحلِّل الاستراتيجي اللواء أمين إسماعيل,يرى أن الحشد الذي سيحدث في (6) أبريل, يشكِّل واحدة من كروت الضغط, التي تستخدمها القوى المدنية لإجبار المكوِّن العسكري على المضي قدماً في معالجة الخلاف ما بين الجيش والدعم السريع, وقال لـ(الصيحة) التحالف الجذري الذي يقوده الحزب الشيوعي ولجان المقاومة, لديهم رأي بإمكانية استخدام الضغط عبر الحراك الجماهيري حتى تأتي الحكومة ورئيس الوزراء بمقاييسها, لذلك ربما يكون هنالك حشد كبير في ذلك اليوم. ولكن من الناحية الأمنية يمكن السيطرة على تلك الحشود دون خسائر بشرية. وقال: نحن في هذا الموقف نوصي قوات الشرطة والقوات الأخرى استخدام الوسائل المدنية لتفريق المواكب, وليس استخدام النار. وقال يجب منع إطلاق النار في ذلك اليوم. وتقديم أنموذج للعالم, أننا يمكننا أن نختلف ونسيِّر المواكب تتقبلها السلطة الحاكمة, دون أن تميل إلى استخدام إطلاق النار الحي على المتظاهرين. الذين يمكن تفريقهم بالوسائل العروفة. بالتالي على القوى المدنية أن تبتعد عن الاستقطاب والاستقطاب المضاد, وعدم الاعتداء على القوات الأمنية, باعتبار أن لديها الحق في التعبير عن مطالبها دون الوصول إلى المناطق الحيوية, وهو أمر معروف ومقبول من قبل القوى السياسية. الأمر الآخر بالنسبة لقوى الاتفاق الإطاري, عليها أن تقدم للشعب ما يراه تنازلات, ذلك بالاتصال بالكتلة الديموقراطية, والوصول معها إلى توافق, تشكل أخبار سعيدة يمكن أن تزف في ذلك اليوم.والإعلان عن انضمام جزء أكبر من الكتلة إلى الاتفاق الإطاري, والتوقيع على الاتفاق النهائي مع بقية القوى السياسية الموقعة على الاتفاق. بهذا نضمن بأن هذا اليوم يمر بحس وطني وفيه نوع من الاستقرار بعيداً عن الأحداث المؤسفة والسودان لا يتحمَّل أي أخبار سيئة في مثل هذا اليوم, لأن الجميع يتوقعون التوقيع على الاتفاق النهائي, وانضمام جزء كبير من القوى السياسية الأخرى.
زيادة التوتر
ولكن المحلِّل السياسي بروفيسور الفاتح محجوب، يرى أن الاتفاق الإطاري أدى إلى زيادة التوتر بين الجيش والدعم السريع, لجهة أنه نص على دمج الدعم السريع في الجيش السوداني من دون اتفاق تسوية واضح مع قيادة الدعم السريع حول مستقبل قيادته وهذا أمر خاطئ تماماً وقد يؤدي إلى صدام بين الجيش والدعم السريع في حالة الإصرار على الدمج من دون توفر ضمانات لقادة الدعم السريع حول المستقبل السياسي والاقتصادي والعسكري لهم. وقال لـ(الصيحة): أما محاولة تكوين حكومة انتقالية ضيقة من دون مشاركة الكتلة الديموقراطية للحرية والتغيير, بقيادة السيد جعفر الميرغني, قد ينتج عنه وفق ما هو معلن من تحركات, إغلاق الخرطوم والولايات, والموانئ. وبالتالي سقوط هذه الحكومة, وربما انفراط عقد الدولة السودانية ذات نفسها, وحدوث انقلاب عسكري, قد يطيح بالجميع في حالة تردي الأوضاع الأمنية إلى مرحلة الفوضي والاقتتال الداخلي، وأضاف لا أعتقد أن العسكر وقوى الحرية والتغيير المجلس المركزي يخاطرون –حالياً- بالوطن كله لتحقيق طموحاتهم في الحكم، وعليه يجب على العقلاء في الجيش والدعم السريع وقوى الحرية والتغيير المجلس المركزي إرجاء تكوين الحكومة الانتقالية إلى أجل غير مسمى, والانخراط في مفاوضات مغلقة لتكوين حكومة توافق سياسي سوداني موسعة, والعمل على توفيق أوضاع قادة الدعم السريع, ومستقبلهم قبل أي حديث عن دمج الدعم السريع في الجيش السوداني.