عبد الله مسار يكتب: قوات الدعم السريع في مرمى السياسة
قوات الدعم السريع هي قوات خفيفة وخاصة أُنشئت بعد أن اشتد أوار التمرُّد في دارفور وزحف حتى كردفان وهي أُنشئت لتقوم بمهام خاصة وعضد وسند للجيش، ثم قننت بقانون أجازه المجلس الوطني واعتمده رئيس الجمهورية وكانت تتبع لجهاز الأمن والمخابرات ثم تبعت للجيش تحت إمره القائد الأعلى للجيش دون مسؤولية رئيس الأركان عليها وحدَّدت مهامها وقيادتها وتراتيبية منظومتها وعقيدتها القتالية وفق قانونها وحدَّد عددها وطريقة إدارة وكيفية انتشارها وقد أبلت بلاءً حسناً في دحر التمرد وساهمت مساهمات فعاَّلة في الحد من الهجرة غير الشرعية ومكافحة الإرهاب وصارت محط أنظار العالم وخاصة العالم الغربي الذي عوَّل عليها كثيراً وخاصة في مجال الحد من الهجرة غير الشرعية والإرهاب وهي قوات خفيفة ومنتشرة وسريعة، ثم جاء دورها في إنجاح ثورة ديسمبر لانحيازها للثوار حتى رفعت يافتة في اعتصام القيادة كتب عليها (حميدتي الضكران الخوَّف الكيزان). وعملياً هي حفظت الأمن في الخرطوم الشخصي وأمن المنشآت ضمن إخوتها من بقية القوات. بل حفظت الأمن الشخصي لبعض الشخصيات وحادثة المؤتمر الشعبي ليست ببعيدة وظلت تقدم أدواراً جليلة وعظيمة في مسيرتها العملية من حيث القتال والعمل الاجتماعي والمساهمات الإنسانية والوطنية واشتركت بأمر من الدولة السودانية في عاصفة الحزم ومازالت توجد في السعودية.
وبرز قائدها كواحد من القيادات العسكرية الوطنية التي انحازت لصالح الثورة والثوار واشتركت في كل عمليات حفظ الأمن لوحدها أو مع نظائرها من القوات الأخرى وهي لم تشذ أبداً عن دورها في المنظومة الأمنية داخل وخارج البلاد وظلت ملتزمة بقانونها الذي حدَّد مهامها وواجباتها.
في إطار الوضع العسكري فهي تعمل وفق قانونها دون أي مخالفة لأي أمر عسكري داخل وخارج الوطن.
ولكن الأمر جاء لما دخلت السياسة، حيث صار قائدها نائباً لرئيس مجلس السيادة وهذا الموقع يتطلب التدخل في الشأن السياسي وليس له علاقة بوضع القوات المهني ولذلك الهجمة الآن على هذه القوات ليس من منظور مهني، ولكن من منظور سياسي، ومعلوم أن العمل السياسي لكل قوة عسكرية هو واجب ثانوي تمليه بعض الظروف وفي السودان هو أمر استثنائي أملته ظروف المرحلة الانتقالية والصراع -الآن- بين الدعم السريع والجيش ليس صراعاً مهنياً ولا، لأن الجيش ضد الدعم السريع ولا يرغب فيه، ولا، لأنه لا يقدِّره ويعلم أدواره التي قام بها في الماضي وتضحياته وأيضاً ما سيقوم به مستقبلاً، ولكن لأن المواقف السياسية اختلفت بين قائد الدعم السريع وقيادة الجيش وقام هذا الوضع الذي نحن فيه الآن.
عليه مطلوب التمييز بين المواقف السياسية المؤقتة والعابرة وبين المواقف المهنية والصحبة والمهام العسكرية.
ثانياً يجب أن يفرز قادة الدعم السريع بين ما هو سياسي وما هو عسكري مهني صرف وبين الاستراتيجي والتكتيكي ولذلك تحشيد الجيوش الذي يتم في الخرطوم -الآن- لا علاقة له بالعسكرية ودمج الدعم السريع أو عدمه، ولكنه رد فعل المواقف السياسية لأنه لم تحرّك قوات لمهمة أمنية أو عسكرية من الدعم السريع رفض قائدها الانصياع لتعليمات القائد العام.
إذن أمر الخلاف هذا ليس له علاقة بالدعم السريع أو الجيش ولكن هو بولتيكا سياسية مطلوب إبعاد هذه اللعبة خارج منظومة السلاح.
وميدان السياسة معروف ومعلوم وهي لعبة قذرة يتدخل شيطان الإنس فيها لمصالحه ليخرب أي علاقة أخوية أو عسكرية أو أي علاقة حتى الإنسانية.
عليه يجب أن يفهم البرهان وحميدتي أن مسؤوليتهم الوطنية تتطلب التفريق بين العسكري والسياسي وأن لا تكون مواقفهما السياسية سبباً لصراع مسلح بين القوتين (الجيش والدعم السريع).
الأمر الآخر يجب على الساسة الابتعاد عن الشأن العسكري لأنه لعبة خطرة وهو لعب بالنار ستحرق كل من يحاول اللعب بها الأمر الثالث هنالك آخرين من الساسة قصيري النظر ينظرون إلى قوات الدعم نظرة خطأ وهي قوات قبلية أو قوات جهوية أو قوات قادتها جهلاء أو.. أو.. كثير من النظرات التي لا تفيد الوحدة الوطنية ولا تخدم مصلحة عامة ولا تندرج تحت مصلحة السودان ولا تقوم على حكمة ولذلك مطلوب من الجميع النظرة الشاملة للقضايا الوطنية والعلاج بالحسنى دون اللجوء لعلاج الكي وكذلك مطلوب من ممارسي السياسة أن يتخلوا عن التعالي وأمراض التعصب والغرور والمصالح القريبة حتى ولو على حساب الوطن.
عليه اعتقد أن قوات الدعم السريع قوات مفيدة ولها نظائرها في العالم وليست هي التجربة الوحيدة في العالم وهي شقيق الجيش وليست بعيدة عنه رغم ما يقول قانونها وسيجدها الجيش سنداً وعضداً له في السنوات العجاف.
وأرجو أن لا يفكِّر قادة الجيش تفكير السياسيين قصيري النظر يهدموا بنيانهم الذي بنوه في سنوات الجدب وينفضوا غزلهم وبحياكة ومؤمرات السياسيين التي لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى.
نصيحة أخيرة للأخ الفريق أول محمد حمدان دقلو، وسِّع الماعون وكن على مسافة واحدة من الكل تربح. ووطِّد علاقتك مع إخوتك في الجيش تكون أول الكاسبين.
العداء والهجمة التي عليك -الآن- لا لأنك قائد الدعم السريع ولكن لمواقفك السياسية لا مانع من الموقف السياسي، ولكن كن دائماً في الموقف الرمادي وهي وصفة وحكمة سياسية يتبعها كثير من السياسة.
وقديماً الخليفة عبدالله التعايشي. كان يقول (قلِّد في عالم امرق سالم).
اختار المستشار الأمين الصادق قبل القرار
ورسالة إلى كافة أهل السودان الدعم والسريع والجيش كلاهما قوات السودان فلنسعى بينهم بالحسنى ونتحاشى الوقيعة بينهم، ولا بد من دمج الدعم السريع في الجيش ولو طال السفر ولكن الحكمة تقتضي بالصبر وغداً قد تتغيَّر المواقف السياسية وقد تتبدَّل من حال إلى حال ودوام الحال من المحال
ولنستعمل القاعدة (الذهبية أن أحببت أحبب هونا. وأن عاديت عادي هونا صديق اليوم عدو الغد).