أمينة المرأة بمعسكر “زمزم” للنازحين مدينة آدم لـ(الصيحة): نتعرَّض للاغتصاب إذا ابتعدنا 3 كيلو مترات عن المعسكر
أمينة المرأة بمعسكر “زمزم” للنازحين مدينة آدم لـ(الصيحة): نتعرَّض للاغتصاب إذا ابتعدنا 3 كيلو مترات عن المعسكر
“ركضت حافية القدمين”.. من زمزم إلى كولقي مقهورة لإسعاف ست فتيات تعرَّضن للاغتصاب
تنتشر الخمور والمخدرات في المعسكرات.. ولا نجد جهة قانونية (تجيب) حقوقنا
قرار العودة الطوعية قرار مجتمع وليس أفراد.. لا بد من تحقيق الأمن أولاً
لو حاكم الإقليم اتقدم نحن (حنمش بي وراهو).. لكن ما ممكن يقولوا لينا أنتوا ارجعوا قراكم.. ونحن حنوفر ليكم الأمن
أطفالنا بعضهم يمتهن التسوُّل وآخرين هربوا من المنازل والبعض وقع ضحية للمخدرات وأسرهم بقولوا ليهم ختوا الشنطة والكراس وخشوا السوق جيبوا لقمة العيش
عن أي احتياجات صحية للنساء تتحدثون نحن لم نسمع بها إلا عندكم
حوار: نجدة بشارة
قالت: داخل المعسكر قبيلتنا “نازح”، أمنا “نازحة ” وأبينا “نازح” لاتوجد فروقات بين هذه المكوِّنات نعيش بصورة متعايشة .
وأضافت لكن المشكلة 🙁 كل أسرة تسكن في 10 أمتار فقط ، حتى إذا كان عدد أفرادها 10، مجبورة تعيش في حدود متر لكل فرد وهذا يجعل من السكن في هذه المساحة بمثابة الضرر النفسي للأسرة لاسيما (وجود الأم والأب والأطفال، صبيان، فتيات، في مساحة محدودة ومقيدة و”الحمام الواحد ” مكان قضاء الحاجة يشترك فيها عدد من الأسر.
هكذا تروي لنا مدينة آدم أبكر عيسى،
أمينة المرأة بمعسكر النازحين شمال دارفور “زمزم” معاناتهم داخل المعسكرات، ورغم ذلك تقول استشعرنا الأمن والأمان داخل المعسكرات بعد توقيع اتفاقية السلام.. القتل والاغتصابات أصبحت تقع على مسافات بعيدة عن المعسكر، لأننا قبل السلام كنا نعيش في قلق، ومستقبل مظلم، حالياً نحن متفائلون بأن الاتفاقية خصصت 90%من بنودها لحقوق النازحين واللاجئين، لذلك نحن “مبسوطين” من السلام.
ووجهت رسالة لحاكم الإقليم ..قائلة مرحب بالسلام، وإن شاء الله يكون بداية للأمن والتنمية، ونعلم أن لكل بداية مشقة ..ولكن نحن اختبرنا صعوبات ومشقات أكثر وأكبر ..لذلك نحن أكثر حرصاً على سلام جوبا.
وقرار العودة الطوعية قرار الكل، وليس أفراد، لابد أن نتأكد أولاً من تحقيق الأمن في مناطقنا والقرى، (ولو حاكم الإقليم اتقدمنا نحن حنمش بي وراهو)…لكن كون يقولوا لينا أنتوا ارجعوا..ونحن حنوفر ليكم الأمن وعودة طوعية ..مافي نازح حيترك المعسكر .
النزوح معاناة وفراق ..دموع وقصص لاتنتهي ..حدثينا عن بداية نزوحكم؟
في العام 2008م، بعد اندلاع الحرب في دارفور بست سنوات، دقت طبول الحرب مجدَّداً بعد اتفاقية نيفاشا العام 2006م، أذكر في ذلك اليوم استيقظنا باكراً، على صوت الرصاص، وزئير طائرات الأنتنوف من فوقنا، “ظننا أنها النهاية ” أصبنا بخوف وهلع شديد، خرجنا نهرول في كل الاتجاهات، (مابتقدر تميِّز بين مرأة أو رجل أو طفل، تركنا الديار، نزح الناس من قرى شعيرية، لبدو ومهاجرية …البعض احتمى بمقر منظمة اليوناميد، والبعض جرى حافي القدمين إلى حدود مدينة نيالا، ودخل معسكر “بليل” وبعضنا دخل معسكرات “زمزم”.
تعرَّضت بعض النساء للاغتصاب، والضرب، في رحلة النزوح هل شاهدت حالات؟
نعم، تعرَّض الكثير من الفتيات للاغتصابات، وبعضهن طفلات، ولكن “الموسف” أنهن لم يجدن الدعم النفسي من قبل أسرهن، التي أصبحت تنظر إليهن كوصمة عار، بعضهن، تقبلتهن أسرهن “مجبورين لكن دون أن تعترف بتعرُّض بناتهن للاغتصاب، فضَّلت الأسر الصمت، لأن مجرَّد الاعتراف بتعرُّض (البنت) للاغتصاب سوف توصم الأسرة والفتاة بالعار وتتغيَّر نظرة المجتمع تجاهها .
كيف يتم التعامل مع حالات الاغتصابات التي وقعت؟
بعضهن، تلقين العلاج بالمستشفيات، وبعض الفتيات تعرَّضن للحادث في مناطق بعيدة لم يستطعن الوصول للعلاج وحصل لهن حمل غير شرعي، وأنجبن أطفال، وهنالك حالات أصبن بالناسور البولي لعدم تلقي العلاج…هذه بخلاف المعاناة النفسية التي تتعرَّض لها الفتيات.
في المعسكرات كيف يتعامل المجتمع مع أطفالهن؟
هنالك أطفال نتيجة الاغتصاب، وأطفال من فاقدي السند، ليس لديهم هوية أو أوراق ثبوتية، مجهولو الأبوين والهوية.
لذلك نحن نناشد ونهيب بمنظمات المجتمع المدني لاستخراج شهادة سجل مدني لهم، وبرنامجنا إدماجهم في المجتمع، هم أطفال، ويوجدوا بأعداد كثيرة، لكن لانملك إحصائية دقيقة ومحدَّدة، والمجتمع شبه متقبل هؤلاء الأطفال، لأن حوادث الاغتصاب فعل إجباري، عنف ممارس ضد المرأة، وأغلب الحالات تحدث تحت تهديد السلاح، الناري، أو الأبيض، أو تحت تهديد الضرب.
مثلاً قبل ثلاثة أسابيع تعرضت فتيات خرجن خارج المعسكر للاحتطاب، على بعد خمس كيلو من معسكر “زمزم” إحداهن تعرَّضت لاغتصاب كامل وأخرى تعرَّضت للإصابة بطلق ناري لأنها “قاومت” المجرمين، وأجريت لها عملية ومازالت تخضع للعلاج في مستشفى بالخرطوم.
الأمان مفقود حتى داخل المعسكر؟
لايوجد أمن كامل، النساء لايستطعن الابتعاد مسافة أكثر من ثلاث كيلومترات، لممارسة الزراعة في الخريف أو للاحتطاب، لأن ربما تتعرَّض للأذى الجسدي ووصمة العار لاحقًا .
هؤلاء النسوة مجني عليهن فبأي ذنب توصم؟
وأكثر من ذلك، أذكر حالة “طفلة ” بعمر 9 سنوات، تعرَّضت للاغتصاب من قبل شخص من داخل أسرتها “قرابة من جهة “الأب” في المعسكر، الأم صمتت على الحالة خوفاً من ردة فعل الأب، والطفلة أصيبت بحالة ناسور بولي، أنا بصفتي أمينة للمرأة تواصلت مع والدة الطفلة، لتلقي العلاج، لكن عندما علم الأب، أخذ الطفلة وهرب بأسرته إلى جهة غير معلومة.. ومازلنا نبحث عن أسرتها لإنقاذ الطفلة وعرضها على اختصاصيين.
أذكر حادثة أخرى حدث اغتصاب لعدد ست فتيات من معسكر زمزم في اتجاه منطقة “كولقي”..وقتل عدد ثمانية شباب، لما سمعت بالحصل ولشدة حزني وانتقامي من ظلم الدنيا والناس أنا جريت حافية القدمين، وما لابسة توب كنا نهرول مع عدد من النسوة ودموعنا لا تتوقف ..هرولنا من زمزم “في الفزعة ” إلى منطقة كولقي ..عشان نحصل أخواتنا المصابات ونسعفهن ..صراحة المرأة النازحة تقوم بدور الرجل، المرأة، والشابة،ولأننا ما لاقين أي جهة تقيف معانا لا حكومة ولا منظمات عشان نجيب حق الفتيات ديل، ولو تحقق القانون وعوقب الجناة لتوقفت هذه الظاهرة، لكن نسبة لعدم المحاسبة وتطبيق العدالة والقانون تتكرر مثل هذه الممارسات.
كم عدد الأسر داخل معسكر زمزم؟
المعسكر يضم حوالي 18 قبيلة أو يزيد ..ولكن آخر إحصائية لعدد الأسر كان في العام 2015 م ولاتوجد إحصائيات جديدة.
النسيج الاجتماعي داخل المعسكر؟
داخل المعسكر قبيلتنا “نازح”، أمنا “نازحة” وأبينا “نازح” لاتوجد فروقات بين هذه المكوِّنات نعيش بصورة مترابطة ومتعايشين، لكن المشكلة أننا نسكن في 10 أمتار، لكل أسرة، بمعنى أن أي أسرة كانت من شخصين إلى 12 أو أكثر شخص مخصص له سكن في حدود 10 أمتار، منزل، وهذا يجعل من السكن في هذه المساحة بمثابة الضرر النفسي للأسرة وجد الأم والأب والأطفال، صبيان، فتيات، في مساحة محدودة ومقيَّدة لاتزيد عن 10 أمتار، والحمامات مشتركة مع عدد من الأسر في حمام واحد.
هل العودة الطوعية هي الحل؟
إذا عدنا إلى ديارنا قد نتعرَّض للموت، وإذا “تعايشنا مع وضعنا قد نعيش بالبسيط، ونحن كنازحي ولاية شمال دارفور تم تصنيفنا من قبل المنظمات الأجنبية والمجتمع المدني بأن هنالك أسر تحمل كروت للدعم الغذائي كرت موسمي، وكروت بيانات غير متطابقة بنسبة 30%، وأخرى خرجت عن الدعم “الإغاثة ” 50%، وبعضها مازال مستمر والأخيرة 5 %فقط من جملة الدعم، وبالتالي الأسر التي تجد الدعم والمعونة بنسب بسيطة جداً.
الـ95%مما لايجد الدعم المادي والإعانة الشهرية..كيف يفي بمتطلبات أسرهم ومعاشهم؟
معظم هؤلاء الرجال من المعيلين للأسر هم في حالة عطالة “عاطل عن العمل” ..يقضي النهار في “النوادي”، يجلسون في رواكيب الأسواق، بينما يخرج أطفالهم للتسوُّل، حتى نسبة الـ5 %ممن يتلقون الإعانة الشهرية، يخصص مبلغ 5 آلاف جنيه للأسرة التي ربما بلغ متوسط عدد أفرادها 7 أفراد، المؤسف أن معظم أطفال النازحين متسوِّلين في الطرقات، يبحثون عن قوت أسرهم وبعضهم يهرب من المنزل، وآخرين يموتون في مناجم الذهب، وبعضهم يعملون في كمائن الطوب، فيما يلقى البعض بنفسه في أتون الهجرة غير الشرعية وربما وجد مصيره غرقاً في البحار أو للموت عطشاً في الصحراء .
الملاحظ أن معظم الأطفال في المعسكرات يتعرضون للعنف الداخلي بصورة أكبر من العنف الخارجي.
وأين الشباب ودورهم في مجتمع المعسكرات؟
في مجمع النازحين هنالك انتشار لتعاطي الكحول والمخدرات وسط بعض الشباب، والمؤسف أن هنالك أطفال يتعاطوا المخدرات بعضهم من أعمار 10 سنوات، وأعزي ذلك لغياب الرقابة الحكومية، هنالك تسرُّب كبير من المدارس “والفاقد التربوي كبير” ربما تجاوز 80%، وصراحة هنالك ضعف كبير للتعليم في المعسكرات ..الأطفال يفكرون في لقمة العيش قبل التعليم، كيف الأسر “تقري” أطفالها وهي ما قادرة توفر ليهم وجبة للغذاء أو ملابس تقيهم الحر والبرد، مثلاً أنا طفلي مابقدر أوفر له رسوم للمدرسة بقول ليهم “ختو الكراس ..ختو الشنطة خشوا السوق عشان تجيبوا لقمة العيش لي الناس الباقين”، لذلك ومن هذا المنبر نناشد حكومة الإقليم توفير مجانية التعليم بالمعسكرات وأن يكون التعليم والإجلاس متوفر لكل طالب في عمر مرحلة الأساس .
وضع المرأة داخل معسكرات زمزم؟
المرأة وضعها سيئ جداً..حيث تمثل الشريحة الأضعف داخل المعسكر والمجتمع، ويلقى على عاتقها دور كسب العيش وتوفير لقمة العيش للأسر من ممارسة المهن الهامشية، (تعمل في كمائن الطوب، تعمل باليومية داخل مدينة الفاشر في النظافة والغسيل، تخرج من الصبح في أعمال صعبة وقاسية بعضهن يعملن “طلبة” مؤنة الطين للبناء حتى تعود آخر المساء وتوفر بوجبة لأطفالها).
لذلك أناشد منظمات المجتمع المدني، والحكومة أن تهتم بشريحة المرأة وتهيئ لها المشروعات الصغيرة، ويخلقوا لهم فرص تحسِّن من وضع المرأة.
لأننا نعيش أوضاعاً صعبة وقاسية، أحياناً بعض الأسر تكتفي بوجبة واحدة (عصيدة وموية فيها ملح، وويكة) والبعض لايجد مايقيه الجوع في يومها.
كما أناشد المنظمات العالمية توظيف أبناء النازحين لأن هذه المنظمات تضع شروط ومؤهلات علمية كبيرة نحن نزحنا البعض لايحمل سوى شهادة سودانية ياريت تنظر هذه المنظمات إلى ظروف أبناء النازحين وتوفر لهم فرص عمل في حدود الإمكانيات.
كيف توفر المرأة احتياجاتها الصحية؟
الحاجات الصحية دي نحن بنسمع بيها منكم..نحن ما لاقين نأكل..عن أي احتياجات صحية تتحدثون..ليس لدينا رعاية صحية كاملة، الكثير من الأمهات يواجهن خطر الموت أثناء المخاض بسبب نقص القابلات، وبعد المسافة لمستشفيات المدينة، هنالك حالات كثيرة لوفيات الأمهات والأطفال حديثي الولادة، كما هنالك حالات كثيرة لسوء التغذية عند الأطفال وعدم اكتمال النموء، الأدوية غير متوفرة .
أين دور الرجال، “رب الأسرة “؟
صراحة..الرجال في المعسكرات مغلوبين على أمرهم ..إذا خرج للبحث عن لقمة العيش خارج المعسكر مثل الزراعة قد يعرِّض نفسه للقتل، ويؤتم أطفاله.. الرجال معظمهم عاطلين عن العمل.
هل لمستم تغييراً بعد التوقيع على اتفاقية سلام جوبا..هل عادت بعد الأسر إلى مناطقهم..ماذا أضاف لكم؟
بعد اتفاقية السلام استشعرنا الأمن والأمان داخل المعسكرات..أصبحت عمليات القتل والاغتصابات تقع بعيدة عن المعسكر، قبل السلام كنا نعيش في قلق، ومستقبل مظلم، حالياً نحن متفائلؤن بأن الاتفاقية تخصص 90%من بنودها لحقوق النازحين واللاجئين، لذلك نحن “مبسوطين” من السلام.
حسينا بارتياح بعد السلام..زمان كأننا كنا داخل (شوال خيش واحد) وحالياً خرجنا منه .
حتى ولو ما بنشرب ما بناكل لكن عندنا حرية التعبير، وهذا أفضل من العيش في قيود..مثلاً اليوم النازحين إذا كان في حاجة ماعجبتهم بخرجوا الشارع ويعبِّروا عن رفضهم ومطالبهم .
لذلك نحن نحرس هذا السلام ونطالب بتأسيس المفوَّضيات البتجيب حقوقنا حتى نخرج من المأذق والذل..رسالتي لحاكم الإقليم..أقول مرحب بالسلام، وإن شاء الله يكون بداية للأمن والتنمية ونعلم أن لكل بداية مشقة..ولكن نحن اختبرنا صعوبات ومشقات أكثر وأكبر..لذلك نحن أكثر حرصاً على سلام جوبا.
كيف تنظرون إلى العودة الطوعية؟
أعتقد أن العودة هي قرار الكل، وليس قرار أفراد، لابد أن نتأكد أولاً من تحقيق الأمن في مناطقنا والقرى، (ولو حاكم الإقليم اتقدمنا نحن حنمش بي وراهو)…لكن كون يقولوا لينا أنتوا ارجعوا..ونحن حنوفر ليكم الأمن وعودة طوعية..مافي نازح حيتحرك ويترك المعسكر .