محمد وداعة وأحمد ربيع.. صراع “الديكة”!!
ما هكذا تورد الإبل يا قادة الحرية والتغيير? وإلى متى هذا التناقض وصراع الديوك وضياع أحلام الشعب وكل يوم تطعنون أمنيات الثورة وتصيبونها في مقتل??
أمس الثلاثاء 20 أغسطس 2019م اوردت صحيفة (الصيحة) مواجهة غاية الأهمية أجراها الزميل النشط النذير دفع الله طرفها الأول القيادي بتجمع المهنيين والموقع على وثائق الاتفاق عن الحرية والتغيير أحمد ربيع، والثاني عضو إعلان الحرية والتغيير والقيادي بحزب البعث العربي الاشتراكي محمد وداعة، وموضوع المواجهة الرئيسي هو ترشيح المحامي طه عثمان إسحق وما صاحبه من جدل لجهة أنه تم ترشيحه بناء على سحب المرشح والقيادي الشاب بحزب الامة محمد الحسن التعايشي المقبول جماهيرياً داخل مكونات الحرية والتغيير. يحمد لأحمد ربيع أنه اعترف بأن ترشيح طه تم من قبل لجنة الترشيحات المكونة من قبل الحرية والتغيير لكنه نفى أن يكون الترشيح قد تم من تجمع المهنيين، بينما كان حديث محمد وداعة هو الأكثر غرابة ودهشة، حيث قال إن ترشيح طه لم يكن من طرفهم كقوى حرية وتغيير، ولا من جانب تجمع المهنيين، وإنما تم ترشيحه من جهات أخرى، وتم اعتماده من جانب تلك الجهات.
وعندما سأله المحرر: ما هي تلك الجهات الأخرى? تحفظ محمد وداعة عليها، وقال: يجب ألا نتحدث عنها الآن!! انتهى حديثه.
بالله عليكم أي تدليس وتضليل للشعب السوداني أكثر من هذا وأي تناقض في المواقف أكثر من هذا الذي يتم ما بعد الثورة والشعب السوداني كله يعرف أن طه المحامي واحد من قادة الحرية والتغيير بل من مفاوضيها مع المجلس العسكري، وهو أيضاً عضو أساسي ومن الـ (6) في سكرتارية تجمع المهنيين وقبلها فهو من رموز تجمع محامي دارفور.
بالله عليكم رجل بهذه الصفات الاعتبارية والقيادية في الحرية والتغيير هل هو بحاجة إلى أن تأتي جهة مجهولة وتفرض ترشيحه وقبوله عضواً في السيادي دون علم قوى الحرية والتغيير وهو على حصتها.
إن حديث محمد وداعة لا يستقيم عقلاً ولا يتسق موضوعياً ولا أخلاقياً لأنه كان بإمكان الرجل أن يعترف للشعب السوداني كما أقر آخرون غيره بأن قوى الحرية والتغيير قد خرقت الاتفاقات الأخلاقية والمعايير التي وضعتها، والسودانيون أذكياء وشجعان في الاعتذار ويفخرون بكريم شهامتهم ولا يخشون مسامحة من أخطأ في حقهم، لكنهم لا يغفرون مثل هذه المواقف المتناقضة والكذوبة الخادعة، وهي لا تشبه أخلاق رجال ينشدون السلام والخير للبلاد، بل مثل هؤلاء سيجلبون للسودان الويلات والكوارث وهي أخلاقيات بدأت تظهر في مرحلة ما بعد الثورة والتي جلبت حسابات بإمكانها تحويل مسار الثورة السلمية الباردة الى نيران ونيران صديقة ودونكم تصريحات عبد العزيز الحلو لقناة العربية أمس تعليقاً على ترشيح قوى الحرية والتغيير صديق تاور كادر حزب البعث العربي بشعاره المعروف: (أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة)، وهو شعار مستفز لقادة التمرد الذين هددوا بإشعال الحرب حال اعتماده عضواً بالمجلس السيادي.
وعلى ما يبدو أن صراع قوى الحرية والتغيير الداخلي موعود بعاصفة حزم وحراك داخلي عنيف مستفيداً من هشاشة المراحل الانتقالية كما عرفها السودان سيما أن عبد العزيز الحلو رفض المشاركة في المرحلة الانتقالية، وقرر خوض حرب لاسترداد المناطق التي فقدها خلال المراحل السابقة مستفيداً من حالة الإرباك التي تسببت فيها قوى الحرية والتغيير، وشغلت بها المؤسسة العسكرية.
كان عشم أهل السودان بعد الثورة أن يكون السودان دولة ناضجة ونخبها واعية وتمتلك القدرة على تحقيق طموحات شعبها وقراءة أشيائه البعيدة، لكن تبخر الحلم بظهور البعض من قادة الحرية التغيير وكل يغني على ليلاه صادحاً بالانشقاق كاشفاً عن تباينات في الرؤى والمواقف، وهو مظهر صادم، وأضاف حملاً على أحمال الشعب الذي كان يحلم بعد الثورة أن يتفرغ الجميع للبناء والعمل وليس الكذب، لكن ذبحت طموحات لطالما تاق لها بعد الثورة وانتظر كثيراً أن يتفرغ الناس لعلاج أزمات الوطن الداخلية والخارجية، فهي أولى من الافتراق والتلاوم الذي نلحظه الآن.
واضح أن معركة اختيار أعضاء السيادي الـ (5) هي قيدومة لصراع عنيف في جولة اختيار أعضاء الجهاز التنفيذي الـ (21)، أما معركة كسر العظم المنتظرة، فهي في مرحلة اختيار أعضاء المجلس التشريعي الـ (300) الذي يبلغ نصيب قوى الحرية والتغيير فيه مئتي عضو، وهنا ستقتل شرعية المعايير وتشيع إلى مثواها الأخير وتحل محلها المحاصصات وقسمة الغنائم طالما هذا هو شكل الصراع الحالي على أساس المناصب لا المكاسب وأي فرد في الحرية والتغيير بات همه الأكبر وفي أحسن الأحوال استعجال تحصيل (الغنيمة) تحت أي دعاوى وهو بمثابة النزول من جبل الرماة في غزوة أحد ما أفسح المجال للالتفاف على المساعى المبذولة في سبيل تضميد جراح الوطن النازف.
الآن ثم ماذا بعد هذا?? لا شيء في الحقيقة سوى التفرغ لصراع القيادات ولا أقول الزعامات لأنه ليس من بينهم زعيم سوى (الإمام) المقهور .
عذراً الشعب السوداني، نحن اليوم أمام القديم الذي لا يلبث أن يتجدد ما دام عامل (الأنا) هو المسيطر وليس الحكمة ومصالح الوطن ـ (الأنا) هو الجندي المجهول في واقع السودان المستشرف.