السفير إسماعيل جوبان اوغلو يكتب: زلزال تركيا– الكارثة التي استقطبت جميع شرائح المجتمع السوداني
السفير إسماعيل جوبان اوغلو يكتب: زلزال تركيا– الكارثة التي استقطبت جميع شرائح المجتمع السوداني
في 6 فبراير من العام الحالي، تعرَّضت دولة تركيا لزلزالين مدمِّرين نتج عنهما عدد غير مسبوق من القتلى، وأضرار لا تعد ولا تحصى في مقاطعاتنا الجنوبية. هبت العديد من الدول لمساعدتنا، إلا أنه ومنذ البداية، كانت السلطات السودانية والشعب السوداني الشقيق على خط المواجهة في جهود الإغاثة والاعمال الإنسانية.
ووفقاً لتعليمات للقيادة السودانية، تم إرسال فريق بحث وإنقاذ مكوَّن من 40 فردًا من قوة الشرطة السودانية بما في ذلك 7 موظفين من الحقل الطبي من قوات الدفاع المدني السوداني إلى تركيا لإجراء عمليات البحث والإنقاذ.
لقد شاهدنا جهودهم المتفانية على الهواء مباشرة على شاشة التلفزيون، محبسين أنفاسنا وهم يتسابقون لإنقاذ الأرواح البريئة تحت الأنقاض مع مواجهة استمرار الهزات الارتدادية ودرجات الحرارة المتجمدة، ونحن نؤمن بأن من أحيا روحاً بريئة فكأنما أحيا الناس جميعاً. سنكون ممتنين للأبد للفريق السوداني الذي خاطر بحياته لإنقاذ مواطنينا الأعزاء.
لقد قدَّمت السلطات السودانية مساعدات إنسانية سخية، بما في ذلك 2000 خيمة و20000 بطانية، لتلبية الاحتياجات العاجلة للناجين من الزلزال. وحسب تقديري فقد وفرت هذه الخيام مأوى ل 18 إلى 20 ألف ناجٍ في ظروف شتوية قاسية.
كذلك هرع أخواننا وأخواتنا السودانيون إلى سفارتنا الموقرة لتقديم تعازيهم والتبرُّع بمدخراتهم الشخصية أو إمداداتهم المادية مثل الطعام والملابس الدافئة للمتضررين من الزلزال. خلعت امرأة سودانية خاتم زواجها وعرضته علينا. واقترح رجل سوداني التبرُّع بسيارته الشخصية لسفارتنا، وطلب منا بيعها وإرسال الأموال لمساعدة الناجين من الزلزال. كما قدَّمت شبكات الهاتف المحمول خصومات خاصة لمواطنينا الذين يعيشون في السودان للتواصل مع عائلاتهم وأقاربهم في تركيا بأسعار أقل بكثير. وتطوَّعت شركات النقل الجوي السودانية لنقل المواد الإنسانية إلى بلدنا مجانًا. نظمت المدارس والجامعات حملات إغاثة للتبرُّع بينما عرض زعماء القبائل التبرُّع بمواشيهم ومحاصيلهم الزراعية.
وأود أن أغتنم هذه السانحة لأشكر مرة أخرى قادة السودان وشعبه على دعمهم السخي وتضامنهم القوي معنا في ظل هذه الكارثة التي المت بدولتنا.
قبل شهرين من الكارثة، وأثناء خطابي أمام جمهور مختلط (سوداني تركي) ذكرت ” أن تركيا تواصل تقديم المساعدات الإنسانية والإنمائية للسودان، لأن الشعب السوداني الشقيق في الوقت الحالي بحاجة إلى مساعدتنا، وأنا متأكد من أنه إذا كان الشعب التركي في وقت الحاجة فسيكون الشعب السوداني أول من يهرع لمساعدتنا”. على الرغم من أنني لم أكن لأتوقع مثل هذه الكارثة، إلا أن توقعي قد تحقق بالفعل.
تركيا بلد قوي وسنتعافى بالتأكيد من هذه الكارثة، وسنعيد بناء مدننا وسنوفر الراحة لشعبنا. لكننا لن ننسى أبدًا الدعم الهائل الذي تلقيناه من جميع شرائح المجتمع السوداني في أشد ساعات حاجتنا.
وفقًا لاعتقاد سائد في السودان، إذا زار أجنبي السودان وشرب من نهر النيل ولو لمرة واحدة، فإنه سيُعاود زيارته لا محال. هناك جالية تركية كبيرة في السودان وهم يعيشون في هذا البلد منذ عقود. أحياناً أمزح بشأنهم، يقولون إنهم شربوا الكثير من النيل لدرجة أنهم لا يستطيعون المغادرة، لكن بالطبع، نهر النيل الجميل لا علاقة له بذلك. الجواب الحقيقي يكمن في عاطفة الشعب السوداني وكرم ضيافته وسحره واحتضانه الدافئ.
إنه لشرف عظيم لي أن أعيش وأعمل في هذا البلد الأكثر ترحيبًا وودًا في العالم. آمل وأدعو الله أن ينقذ بلدانا من مثل هذه الكوارث في المستقبل حتى نتمكَّن من التركيز على مشاريعنا المشتركة التي تهدف إلى زيادة تعزيز شراكتنا الثنائية بما يعود بالمنفعة المتبادلة على بلدينا العظيمين.
وأغتنم هذه الفرصة لأتمنى لجميع إخواننا وأخواتنا السودانيين شهر رمضان ميمون ومبارك. رمضان كريم.
* سفير جمهورية تركيا بالخرطوم