بعد عام ونصف: الحكومة المرتقبة.. كيف هي ملامحها؟
بعد عام ونصف: الحكومة المرتقبة.. كيف هي ملامحها؟
تقرير- مريم أبَّشر
تشهد البلاد مرحلة جديدة من مراحل انتقاله السياسي، حيث يترقب السودانيون باختلاف تصنيفاتهم الرافضة والمؤيدة التوقيع على الاتفاق “الإطاري” في نسخته الأخيرة وفق الجدول الزمني المضروب في الأول من أبريل القادم، ففي حين توعدت القوى الممانعة بنسف الاتفاق وعدم ترك البلاد لقوى حزبية قليلة كما يقولون، أكدت قوى الإطاري بشقيها المدني والعسكري أن قطار الإطاري ماضٍ بقوة ثابتة نحو النهايات المفضية لتشكيل حكومة انتقالية تضع حداً لحالة السيولة الأمنية والسياسية والاقتصادية، كان المتضرر الوحيد منها المواطن السوداني.
وأكدت قوى الإطاري أن الأوضاع التي تعيشها البلاد باتت لا تحتمل انتظار أكثر من ذلك لاستصحاب القوى الممانعة و لكنها أشارت إلى أن الأبواب ستكون مفتوحة ومشرعة لمن يرغب في اللحاق بالركب .
وقال القيادي بقوى الحرية والتغيير ياسر عرمان أن العملية السياسية وصلت إلى نقطة اللاعودة، وأضاف عرمان قبيل انطلاقة الورشة الختامية لملفات الإطاري (الترتيبات الأمنية والعسكرية) في تغريدة له (توصلنا) لإكمال المسودة النهائية للاتفاق السياسي بين المدنيين والعسكريين لفتح الطريق أمام تكوين الحكومة المدنية، وتابع: الدعم الإقليمي والعالمي بالغ الأهمية، وقال عرمان: الاتفاق السياسي النهائي إنجاز من إنجازات الشعب السوداني وثورة ديسمبر المجيدة، وزاد: اليوم سيتم تسليم مسودة الاتفاق للأطراف وعلينا جميعاً الدفاع عن الحكم المدني القادم في وجه مؤامرات الفلول.
فلاش باك
وكانت بعض قوى الحرية والتغيير المعارضة الرئيسة وقادة الجيش وقعوا في الخامس ديسمبر العام الماضي، على مسودة اتفاق مبدئي لبدء مرحلة يقودها مدنيون تنتهي بإجراء انتخابات. حيث وقع نحو أربعين حزباً ونقابات مهنية على الاتفاق، من بينها قوى الحرية والتغيير مجموعة المجلس المركزي وفصائل مسلحة وأحزاب سياسية ذات توجهات مختلفة.
بينما وقع عن المكوِّن العسكري قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو.
وأعلن الناطق باسم العملية السياسية خالد عمر يوسف، قبل أيام أن أطراف الاتفاق الإطاري اتفقت على توقيع الاتفاق النهائي في الأول من أبريل.
وأضاف يوسف، أيضاً أن الأطراف اتفقت على تشكيل لجنة لصياغة دستور جديد من 11 شخصاً، تضم 9 من أعضاء الجماعات المدنية وواحداً من الجيش وآخر من قوات الدعم السريع، ويكون 40% من أعضاء اللجنة من النساء.
كما قال إن الأطراف اتفقوا -أيضاً- على توقيع الدستور الانتقالي في السادس من أبريل القادم، وتشكيل مؤسسات السلطة الانتقالية (الحكومة الجديدة) في 11 من الشهر نفسه.
ملامح مهمة
ومع اقتراب الموعد المحدَّد للتوقيع على الاتفاق الإطاري بشكله النهائي والالتزام بالجدول الزمني المضروب لتشكيل الحكومة المدنية وهياكل السلطة الانتقالية لإدارة ما تبقى من العمر المحدَّد للفترة الانتقالية برز سؤال مهم للمواطن السوداني بدرجة كبيرة، نظراً للكلفة الباهظة التي دفعها جراء تشاكس شقيّ الحكومة من السياسيين والعسكريين وهو أن الحكومة المرتقبة كيف هي ملامحها وممن ستشكل وما هي مواصفات شاغلي المناصب في الجهاز التنفيذي المرتقب.
الابتعاد عن هؤلاء
خبير دبلوماسي مخضَّرم – فضَّل حجب اسمه- (رغم عدم تفاؤله)، بإكمال العملية السياسية وخوفه من حدوث انقلاب في أي لحظة بجانب أنه حتى الآن لم يصدر عن المعنيين ما يشير لمعايير الاختيار, إلا أنه شدَّد على أن التركيز في المقام الأول في الحكومة التنفيذية يجب أن ينصب باتجاه اختيار رئيس الوزراء القادم.
وقال: يجب أن يتم اختياره بعناية وأن يترك له كذلك بعد التوافق عليه أن يختار مساعديه ومعاونيه بنفسه وأن يتم تجاوز كل السلبيات التي صاحبت التجربة الماضية، خاصة دخول أولئك الذين كانوا يرفضون الانصياع لرئيس الوزراء المستقيل الدكتور عبد الله حمدوك (جابنا حزبنا أو جابتنا اتفاقية) ويرى الخبير الدبلوماسي أن دخول مثل هؤلاء كان أحد الأسباب الرئيسة في إفشال الفترة السابقة، أضف إلى ذلك يرى الخبير الدبلوماسي يجب أن يتم وضع برنامج واضح و مفصَّل للحكومة التنفيذية المرتقبة وأن يكون البرنامج محدَّد المهام والواجبات بشكل دقيق لإكمال مهام الفترة الانتقالية وأن يقوم رئيس الوزراء باختيار طاقمه الوزاري وفق شروط محددة والتزام صارم بتنفيذ ما يؤكل لكل وزير من مهام وأن يكون الاختيار للوزراء من التكنوقراط أصحاب الخبرة والمهنية العالية وأن يكون الوزير يحمل مؤهلاً في المجال المعني في الوزارة المعنية وطالب الخبير بإبعاد السياسيين وتلافي تعيينات المحاصصات.
وتابع حتى أن تم الاستعانة بكوادر من الأحزاب أو الحركات المسلحة يجب أن تكون العناصر مؤهله تأهيلاً علمياً و عملياً كاملاً حتى لا نقع في أخطاء الماضي بالمجاملات والتعيينات العشوائية وتبارى الوزراء الناشطين في المعارك الإسفيرية والإعلامية غير ذات الجدوى .
وتابع حتى مهمة رئيس الوزراء المرتقب يجب أن تقيَّد بالبرنامج الحكومي التنفيذي المحدَّد بعيداً عن الاجتهادات الشخصية.
وشدَّد وفوق هذا وذاك يجب أن يكون طاقمة المساعد على درجة عالية من المسؤولية والاحترافية والمهنية بوضع البلد وهمومه فوق كل الاعتبارات .
الجوازات المزدوجة
حكومة تكنوقراط وخبراء سودانيين محترمين لديهم أفق واسع وتجارب ولا يحملون جوازات سفر مزدوجة هم أصلح وأفيد من يدير الفترة الانتقالية لحكومة الاتفاق الإطاري الانتقالية المرتقبة حال التوصل لنهايات، كما حدث إبان حكومة سر الختم الخليفة، هذا ما يعتقد السفير والخبير الدبلوماسي الطريفي كرمنو، أنه يمكن أن يدفع بالفترة الانتقالية نحو النهايات المرجوة.
وأضاف: لا ينبغى وضع وزراء كواجهات خارجية، ويضيف قائلاً أفضل ناس ممكن أن يديرون الفترة الانتقالية هم غير المنضويين تحت لافتات الأحزاب.
ويرى أن الفترة الانتقالية لها مهام محدَّدة وزاد: يجب أن تركز على الملفات المرتبطة بهموم المواطن وقضايا البلد ومشكلاته الراهنة المرتبطة بالمال الاقتصاد وتلك التي تهم المواطن والوضع السياسي الراهن والسعي للاستفادة من الموارد التي تسخر بها البلاد خاصة الزراعية وتحريك دولاب العمل بالشكل المطلوب وإعادة الهيبة لمسار الحكم التنفيذي المدني.
وقال: يجب التركيز كذلك على العلاقات الخارجية التي تراعي مصالح السودان خاصه المالية والاقتصادية في ظروفه الراهنة وذلك بتحسين العلاقات مع الدول الكبرى ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن والدول الغنية المؤسسات المالية الإقليمية والدولية.
وعلى تلك الدول بالمقابل مراعاة الواقع الذي يعيشه السودان وتقديم مساعدات تعيين الحكومة على تخطى الفترة الحرجة التى يمر بها السودان الآن.
وشدَّد على أهمية الابتعاد عن الملفات التي تأتي من صميم عمل الحكومة المنتخبة من قبل الشعب للتقرير بشأنها كملف التطبيع مع إسرائيل.