الجشع والغلاء.. رسالة لكل تاجر
الجشع والغلاء.. رسالة لكل تاجر
عبد الرازق مأمون
إن الغلاء المستفحل في السوق الكائن في السودان له أكثر من قصة وأكثر من حديث ورواية، أما الشخص الذي لديه دراية في الشأن العام وخبرة في دروب الحياة ويعرف البيع والشراء فلننتظر ردود فعله فماذا يقول . ونترك التحليل للقارئ ربما يكون من بينهم خبراء وأصحاب رأي صائب .
السوق في السودان لا يخضع إلى مبدأ الربح والخسارة المتعارف عليه في التجارة وهو أمر معلوم منذ أمد بعيد حتى لو عدنا إلى عهد التجارة البكماء . المبدأ الذي يتعامل به أهل التجارة عموماً في السودان الربح الكثير و” الربح الاستباقي” الذي يؤخذ من ظهر الغلاء الفاحش ولو يؤدي هذا الفعل إلى إضعاف القوة الشرائية وبوار المعروض .
إن السلع والبضائع لها ما يحكمها عند العرض والطلب منها ما يتعلق بالمواصفات والمقاييس العلمية والعالمية وفي هذا الصدد حفظ لحقوق الآخرين حتى لا يلحق بهم ضرر أو موت بسبب استعمال سلعة تالفة أو انهيار مبنى وغير ذلك من المخالفات إذا كانت السلع تحكمها مقاييس -أيضاً- تلحق بها مواصفات منها انتهاء الصلاحية ولا علاج لهذه الحالة إلا الإدانة والمصادرة للإبادة ثم العقوبة التي تنتهي بصاحب البضاعة (التاجر) إلى السجن أو الغرامة أو الاثنين معاً وذلك حسب مادة القانون التي نصت على العقوبة . يمكن للتاجر أن يجتنب كل ذلك بالقناعة والرجوع إلى أصول التجارة وثقافة العلاقة بين التاجر والزبون منها (بين التاجر والمشتري يفتح الله ويستر الله) . أما الأصول في حالة الكساد وضعف القوة الشرائية عادة (زمان) تنزل الأسعار وذلك لسببين ترغيب المشتري لدفع المال والذي بدوره يؤدي إلى استمرار دورة رأس المال وتنشيط حركة السوق وزيادة استهلاك السلع والبضائع التي لا تتحمَّل التخزين وبعضها قابل للتلف بانتهاء الصلاحية . قد تلاحظ في الآونة الأخيرة وجود غلاء مع الكساد والناس تتحدث عن الكساد وكثرة المعروضات مازالت الأسعار عالية، وهذا الفعل لا يخضع إلى منطق أو لا يمت لأصول التجارة بصلة . البعض يعتبر هذا التصرف خطأ لدرجة الحماقة فلا يعقل في ظل الكساد مع كثرة المعروض وقلة المطلوب أن تظل الأسعار كما هي مرتفعة وإن أدى ذلك لتلفها وانتهاء مدة الصلاحية. تظل الأسعار مرتفعة وإن كانت هناك عقوبات، وإن كانت هناك فرصة للخروج بـ(المال تلتو…) فهذا خير لك من تفقد كل المال والجهد والوقت وخير لك أن تبتعد عن تلك العقوبات فهل يظل الجشع والغلاء إلى أن يصل الأمر حد الحماقة.
أيها البائع أرجع إلى أصول التجارة وأعلم أن هناك ربح وخسارة عند ممارسة التجارة. وهناك الكثير من القوانين التي تنظم حركة التجارة، هذه المهنة الشريفة، فلا تكن ذاك الذي قيل عليه أحمق ومن الحماقة أن تخسر كل رأس مالك وقد ربحت من قبل فهذه فرصة لأن تحتفظ بنصف مالك أو الثلث كما قال المثل الشعبى السوداني .
وحقيقة أن التجارة لم تكن كما كانت من قبل فهناك ثقافة وقيم وقناعة منها “إن اتعشيت فك”، بين البائع والمشتري “يفتح الله ويستر الله” أيضاً تجد” المشتري يطلب من البائع البركة فيوافق ويبارك ” أعلاه ثقافة كانت سائدة الآن أصبحت مفقودة .
والمتابع لحركة السوق كثيراً ما يقرأ الناس أو يشاهد البعض إبادة السلع والبضائع بعد أن أمرت المحكمة بذلك وربما يكون صاحب البضاعة حكم عليه بالسجن.
وعلى التاجر ألا ينسى المثل (المال تلتو ولا كتلتو) ومن الحماقة أن تخرج من السوق بدون ثقافة أو معرفة وقد خسرت كل رأس مالك.