بالمنطق
صلاح الدين عووضة
لا أبالي !
رمضان كريم..
وشخصي يُصنَّف عدواً لهذا… أو ذاك…أو تلك..
ربفأنا دوماً في حالة تصنيف..
دوماً مُصنَّف، فهل هذا قدرٌ من أقدار حياتي؟..
أم تقديرات خاطئة من الذين يطلقون على شخصي التصنيفات هذه..
أياً كان الأمر فلست أبالي..
وعدم المبالاة هذه ربما هي قدرٌ أيضاً من أقدار حياتي..
أو من صنع نفسي…مع سبق الإصرار والمبالاة..
وهذه الأيام يجري تصنيفي كعدوٍّ للثورة…لا لشيء إلا لأنني فقط ضد قحت..
فهل قحت هي الثورة؟… شيء غريب..
بل هي من سرقت الثورة… وخانتها… وغدرت بها… وتنكرت لها..
ولكن العداوة التي تعنيني هنا هي عداوة المرأة..
وتعبت من هذا التصنيف؛ ولكن لا أبالي… فقط أشرح أكثر لمن شاء أن يفهم..
أو لمن شاءت أن تفهم..
فمن أبى – أو أبت – فهذا شأنه… وشأنها..
وقبل فترة شنَّت عليَّ ابنة أحد زعماء السياسة – بوطني – هجوماً ذا انفعال..
والسبب: تصنيفها إياي عدواً لبنات جنسها..
فقلت لها – حين لم يُجد الشرح نفعاً – كيف أكون عدواً لهن ولي أكثر من تجربة؟..
وأقصد – طبعاً – تجربة زواج..
فجاء ردها بانفعالٍ أشد، وقالت إن هذا وحده أكبر دليلٍ على عداوتي للمرأة..
فقلت لها ببرود ألهب أعصابها: إذن أبوك عدوٌّ لها أيضاً..
فهو ذو زوجة ثانية بخلاف أمها…أم أن أباها هذا حالة استثنائية خاصة يا ترى؟..
المهم، من صُنَّفوا أعداءً للمرأة كثرٌ..
سواءً في مجال الصحافة…أو الفكر…أو القصة…أو الفلسفة..
ومنهم – على سبيل المثال – عباس العقاد…وتوفيق الحكيم…وأنيس منصور..
وفي مجال الفلسفة نيتشة…وشوبنهور…وسورين..
ولكن عند دراسة حالة كل واحد من هؤلاء – بتجرُّد – نجد أنهم أبرياء..
أبرياء من تهمة معاداة المرأة لمجرَّد كونها أنثى..
ونستثنى قلة على رأسها الفيلسوف شوبنهور جراء عقدة نفسية تسببت فيها أمه..
فما من رجل – عاقل – يمكن أن يكون عدواً للمرأة..
وأبو الفلسفة الوجودية – سورين هذا – لم يُرد أن يظلم خطيبته معه..
فهو إما أن أكون أب الوجودية…أو أب أبنائه منها..
فإن اختار الأبوة الثانية فسيظلمها…ويظلم أبناءه…ويظلم نفسه…ويظلم الفلسفة..
فلما اختار الأبوة الأولى صُنِّف عدواً للمرأة..
وعباس العقاد ظل وفياً لذكرى من كان يُفترض أن تكون زوجته فلم يتزوَّج..
لم يفعل رغم إنها فعلت ما لم يكن يرغب فيه..
فقد خيَّرها بين أحضان الزوجية وأحضان الممثلين…فاختارت الثانية..
وأنيس منصور كانت زوجته الوحيدة زوجةً لرجل قبله..
وحين مرضت – وظن أنها ستموت – كاد أن يموت هو هماً…وغماً… وحزناً..
ومات – فعلياً – قبلها بسبب هذا الاعتلال النفسي؛ ربما..
وتوفيق الحكيم يكفي أن نقول إنه لا يمكن أن يكره المرأة…ويحب الحمار..
فالأحكام الانطباعية – إذن – هي سبب مثل هذه التهم..
وهي أحكام مستمدة من كتابات يُنظر إلى ظاهرها…دون باطنها..
فأحمد رجب – مثلاً – كان ينتقد المرأة بغرض التقويم..
كان يريد منها ترك كثرة الكلام كيلا يُصاب زوجها بمرض قلة الكلام..
أو ما كان يسميه في كتاباته الساخرة خرس الأزواج..
وفي المقابل قد نكتشف أن من يطلقون هذه الاتهامات هم أعداء المرأة الحقيقيون..
ونعني دعاة التحرر الأنثوي…دونما ضوابط..
الذين يشجعون المرأة على كل الذي لا يرضونه لأمهاتهم…وأخواتهم… وبناتهم..
وما دعاني لهذه الكلمة أنني وجدت نفسي متهماً أيضاً..
وجدت نفسي كذلك رغم الفارق المهول بيني وبين المشهورين هؤلاء..
أو هذا ما علمته من زميلٍ موتسب…بما أنني لا واتس لي..
فقد أخبرني الزميل هذا أن التهمة المذكورة متداولة في أحد القروبات..
فعجبت كيف أكون كذلك وأنا ضد ختان الإناث؟..
وضد تسليع المرأة – واستغلالها جسدياً – كما في الإعلانات؟..
وضد تغييب إرادة الفتاة عند عقد زواجها؟..
أما إن كان المقصود أنني ضد التحرر – من قيود الأخلاق – فأنا كذلك..
وكعادتي لا أبالي..
بل ولا أبالي بتصنيفٍ آخر – قد يُضاف إلى تصنيفاتي – وأنا أورد هذه الملاحظة..
وقد سبقني إليها العقاد…وأنيس…والحكيم..
ومفادها: لماذا نجد الأشد صراخاً بقضية المرأة أشد بعداً عن أنوثة المرأة؟..
ولا انتظر إجابة بالطبع…بل صراخاً..
فليكن، فأنا عدوٌّ للمرأة…بقدر عداوتي للغباء الذي يحول دون صحيح الفهم..
ولا أبالي.