ما حكم الصوم عن الميت؟
الصوم عن الميت اختلف فيه الفقهاء، فإذا أفطر الصائم بعذر واستمر العذر إلى الموت فقد اتفق الفقهاء على أنه لا يصام عنه ولا فدية عليه لعدم تقصيره ولا يلحقه إثم، لأنَّه فرض لم يتمكَّن من فعله إلى الموت فسقط حكمه، أمَّا إذا زال العذر وتمكَّن من القضاء ولكنه لم يقضِ حتَّى مات فللفقهاء فيه قولان: فالجمهور من الحنفية والمالكية والجديد من مذهب الشافعية يرون أنه لا يُصام عنه بعد مماته بل يُطعَم عنه عن كل يوم مدٌّ، لأن الصوم لا تدخله النيابة في الحياة، فكذلك بعد الوفاة، كالصلاة .
وذهب أصحاب الحديث وجماعة من السلف كطاؤوس والحسن البصري والزهري وقتادة وأبو ثور، والإمام الشَّافعي في القديم، وهو معتمد المذهب الشافعي والمختار عند الإمام النَّووي، وقول أبي الخطَّاب من الحنابلة: إلى أنَّه يجوز لوليِّه أن يصوم عنه، زاد الشَّافعيَّة : ويجزئه ذلك عن الإطعام، وتبرأ به ذمَّة الميِّت، ولا يلزم الوليَّ الصَّومُ بل هو اختياره وإن كان أَولَى من الإطعام، لِمَا رواه البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها عن النَّبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم: مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ، وروي -أيضًا- من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا ؟ فَقَالَ: لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكَ دَيْنٌ أَكُنْتَ قَاضِيَهُ عَنْهَا ؟ قَالَ: نَعَمْ ، قَالَ: فَدَيْنُ اللهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى .
أما الإمام أحمد والليث وإسحاق وأبو عبيد فقالوا: لا يُصام عن الميت إلا النذر فقط حملًا للعموم في حديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها على خصوص حديث ابن عباس رضي الله عنهما الذي بيَّنت رواياتُه أنه صوم نذر .
والمراد بالولي الذي له أن يصوم عن الميت : القريب مطلَقًا، ويجوز للأجنبي عن الميت أن يصوم عنه بإذن وَلِيِّه .
والله أعلم.