عادات وثقافات: أجواء خاصة.. رمضان في البلد
عادات وثقافات: أجواء خاصة.. رمضان في البلد
الخرطوم- الصيحة
رمضان في البلد له طابع خاص وفريد، كما أن هناك ارتباط قوي بين رمضان والبلد منذ القدم، فهو بمثابة مرحلة مهمة ينتظرها أهل البلد يمارسون فيها عاداتهم الإسلامية الخاصة ويجتمعون لقراءة القرآن والدعاء وإحياء المساجد بالصلاة والذكر، كما يمتاز أهل البلد بأكلاتهم ومشروباتهم الشعبية ذات النكهة الخاصة والتي يتنافسون في إعدادها وتبادلها بين بعضهم لتجسيد صورة من المشاركة والألفة فيما بينهم .
تحدثت لـ(الصيحة) الحاجة شامة عن أجواء رمضان في البلد وعادات أهل البلد في رمضان قائلة: تبدأ أجواء رمضان في البلد قبل فترة من حلول الشهر الكريم، حيث تبدأ النساء بعمل الحلو المر (الآبري)، وتقطيع البصل لتجفيفه، وتقطيع اللحوم لعمل (الشرموط)، وطحن الويكة والدقيق (الذرة والقمح والدخن)، وسابقاً كان الدقيق يطحن عن طريق المرحاكة، حيث تسمع أصوات المرحاكة من البيوت كدلالة على اقتراب الشهر الكريم وكذلك رائحة البصل والحلو مر تملأ الأجواء .
واصلت حاجة شامة حديثها عن تجهيز البيوت ودور العبادة لشهر رمضان قائلة : يبدأ النساء -أيضاً- بتجهيز المنازل لشهر رمضان من نظافة وشراء أواني، وقديماً كان هناك نوع خاص من الأواني التى يشتريها النساء في شهر رمضان مصنوعة من الألمنيوم وعليها رسوم فوانيس وكلمات تبريكات خاصة برمضان، البعض كان يفضَّل شراء الفخار والقرع لشرب الماء والعصير حيث أنهم يحسون أن طعمة يكون أجمل من الأواني العادية خاصة الأطفال، يبدأ الرجال -أيضاً- بتجهيز المساجد وتجديد الفرش في المساجد، حيث يشترك جميع أهل الحي في شراء الفرش الجديد والمصاحف ويقوم الأطفال –أيضاً- بتنظيف الشوارع ورسم الزوايا بالطوب لأداء الصلاة فيها بعد الإفطار .
هناك بعض الأطباق الشعبية التي نجدها في البلد ولا نجدها في المدينة، تقول الحاجة شامة: البليلة من الأطباق المهمة في المائدة الرمضانية في البلد وهناك أنواع لا نجدها إلا في البلد مثل: (المديد) وهي نوع من (البليلة) كانت تصنع من الذرة (العيش)، ونوع آخر يسمى بـ (الحنيطير) و(اللوبا العفن)، واحد الأطباق التي لا تخلو موائد البلد منها هي (أم جنقر) المصنوعة من الدخن والروب وبعض البهارات الخاصة، وعصير الدخن وهو عبارة عن دقيق الدخن ينقع في الماء لفترة ويصفى ويضاف له السكر .
من العادات التكافلية في البلد عادة الضرا والتي تصفها الحاجة شامة بأنها كثيرة جداً في البلد -أحياناً- حتى النساء يجتمعن بين فترة وأخرى لتناول وجبة الإفطار مع بعضهن، وهناك عادة أخرى مميَّزة جداً هي (الرحمتات) وتقام عدة مرات في رمضان من قبل أعيان البلد بهدف الصدقة لروح موتاهم، في يوم الرحمتات يتم تنبيه أهل البلد بأن لا يطبخوا طعام فصاحب الوليمة هو من سيفطر أهل القرية، أما طعام الرحمتات فالبعض يذبح خروف أو عجل ولكن الوجبة الأساسية للرحمتات كانت العصيدة والكسرة بالمِلحات المختلفة: (التقلية الويكية النعيمية والروب وأم رقيقة) وأيضاً تصنع فتة (الشوربة) في صحون كبيرة وتوضع من فوقها اللحوم المحمرة والأرز، ويجتمع عليها جميع أهل القرية الرجال والأطفال في موائد والنساء في موائد أخرى، وبعد انتهاء الوجبة يجتمع الناس على الدعاء والذكر وبعضهم ينشدون المدائح الدينية، فتكون كالاحتفال في ذلك اليوم حيث تضفى جو من البهجة والسرور لاهل القرية خاصة الأطفال .
رمضان بلاشك يجسِّد صورة القرية من حيث العادات والتقاليد التي لازال سكانها يتمسَّكون بها خصوصاً في هذا الشهر الفضيل، فجمال القرية يفوق جمال المدينة من حيث الألفة والاجتماع والمشاركة في حضور المناسبات وتبقى العادات والتقاليد حاضرة في القرى بتمسُّك أهلها بمورثهم الشعبي العريق والتي لابد أن تبقى دون تغيير، ويبقى للمدينة طابعها الخاص -أيضاً- فالارتباط هنا موجود، ولكن يبقى موروثنا الشعبي في العادات والتقاليد هو الأهم .