رغم الإعلان عن قرب تشكيلها.. عراقيل أمام حكومة التسوية
ترقب حَذِر لمآلات المشهد
رغم الإعلان عن قرب تشكيلها.. عراقيل أمام حكومة التسوية
تقرير- صبري جبور
مع قُرب التوصل إلى اتفاق نهائي بين العسكريين وأطراف مدنية، يفضي لتشكيل حكومة خلال الأيام القادمة.. تشهد السياسية السودانية حالة من الشد والجذب بين الأطراف حول الوضع الراهن، باعتبار كل جهة تدافع عن خطوتها بشأن قبولها أو رفضها للحكومة المرتقبة، لكن المشهد يتطلب الجلوس بين المكوِّنات السودانية بغية الوصول إلى توافق حول القضايا الوطنية والخروج بالبلاد إلى بر الأمان، وصولاً إلى مرحلة الانتخابات. الاثنين الماضي، أعلن المتحدث باسم العملية السياسية، خالد عمر، مطلع أبريل المقبل موعداً لتوقيع الاتفاق النهائي مع العسكر، والسادس من الشهر ذاته موعداً لإعلان الدستور الانتقالي .. فيما ترفض الحرية والتغيير انضمام بعض أطراف الكتلة الديموقراطية إلى العملية السياسية، فيما ظلت تكرر الدعوات لحركتي تحرير السودان والعدل والمساواة والحزب الاتحادي الديموقراطي ــ جناح جعفر الميرغني للانخراط في العملية.. وتتمسَّك الكتلة الديموقراطية، التي تضم حركات مسلحة وقوى سياسية، بمشاركتها مكتملة في العملية السياسية .. بينما
تقول بعثة الأمم المتحدة في السودان، إن خلافات الأطراف الفاعلة مع موقعي الاتفاق الإطاري، بما في ذلك حركتي تحرير السودان والعدل والمساواة، ليست حول هياكل الانتقال لكنهم يرغبون في ضمان تمثيلهم الخاص فيها.. في وقت يرى خبراء ومختصون أن تشكيل حكومة مدنية خلال الفترة المقبلة دون مشاركة أطراف فاعلة، لن تحقق الهدف المنشود في السلام والتنمية والاستقرار بالبلاد، لذا من الضروري أن تكون هناك لقاءات مكثفة مع القوى خارج الإطاري، بغية إلحاقها بالعملية السياسية لتكون جزءاً من المشهد والحكومة الجديدة.
تطورات مهمة
( الخميس).. عقدت لجنة صياغة الاتفاق النهائي اجتماعها الأول في القصر الرئاسي..وقال المتحدث باسم العملية السياسية خالد عمر، في بيان ” انعقد بالقصر الجمهوري الاجتماع الأول للجنة صياغة الاتفاق النهائي المكونة من (11) عضواً، من القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الإطاري، وممثل لكل من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع”..وفرغت اللجنة في اجتماعها من وضع مقترح مسودة قضيتي تنفيذ اتفاق جوبا لسلام السودان واستكمال السلام والعدالة والعدالة الانتقالية وفقاً لما جاء في توصيات المؤتمرين..وأوضح أن الاجتماع ناقش هيكل الاتفاق ليتكوَّن من مسودة اتفاق سياسي نهائي تحتوي ذات أبواب الاتفاق الإطاري مع توسيع في شرحها وإضافة ديباجة وباب للأحكام الختامية، إضافة لخمسة بروتوكولات ملحقة تتناول القضايا الخمسة وتستند تماماً على توصيات ورش ومؤتمرات المرحلة النهائية للعملية السياسية.
ضبابية المشهد
يقول المحلِّل السياسي محمد علي عثمان، إن تصريحات قوى إعلان الحرية والتغيير بقرب تشكيل الحكومة الانتقالية والمحدَّد لها (11) أبريل .. أدت إلى كثرت التصريحات المعارضة لتشكيل الحكومة من طرف واحد دون أطراف فاعلة غيرها والتي تنادي بضرورة مشاركة كل أطراف العملية السياسية في حكومه الفترة الانتقالية، ويؤكد عثمان في إفادة لـ(الصيحة) مع تلكم الضبابية الحاصلة الآن وتصريحات قيادات الحرية والتغيير الكتلة الديموقراطيه بعدم إخطارهم للجلوس للمشاركة في الحكومة القادمة، وأضاف: “كذلك قيادات الكفاح المسلح بتسيير تظاهرات بالعاصمة والولايات من شأنها أن تعيق مجمل العملية السياسية الجارية الآن.. وقال محمد علي: ” لو تشكَّلت الحكومة بنفس ذلكم النهج الذي تسير فيه الآن هذا يسمى إعادة الأزمة ماقبل 25 أكتوبر ٢٠٢١م.
خيارات مفتوحة
وفي إطار التطورات حول العملية السياسية، حذَّرت حركة العدل والمساواة، قوى الإطاري والمكوِّن العسكري من مغبة تشكيل حكومة جديدة دون موافقة كافة الأطراف السودانية، ووجهت انتقادات لاذعة لرئيس بعثة الأمم المُتحدة لدعم الانتقال “يونيتامس” فولكر بيرتس.
وقال المُتحدث باسم حركة العدل والمساواة حسن إبراهيم، إن كل الخيارات ستكون مفتوحة حال تشكيل الحكومة الانتقالية الجديدة، ونعتقد بأن العملية السياسية لو سارت بصورتها الحالية ستدخل البلاد في نفق مظلم وصراع مفتوح”..وأشار إلى أن جوهر “الإطاري”هو التنصل من اتفاق جوبا للسلام بعد إعلان بعض القوى الموقعة على الإطاري نيتها صراحة إلغائه وزاد “وبالتالي نحن أمام أعداء حقيقيون”..وحمَّل فضل ما تؤول إليه الأوضاع في البلاد من تدهور حال المضي في هذه الخطوات لقوى الاتفاق الإطاري التي وصفها بالإقصائية.
قفزة في الظلام
فيما قالت مبادرة نداء أهل السودان للوفاق الوطني إن تحديد مواقيت للتوقيع على إعلان سياسي ووثيقة دستورية وإعلان حكومة قفزة نحو الظلام وخطوة يغيب عنها الإدراك المسؤول بأهمية وخطورة المرحلة الانتقالية..واعتبرت المبادرة في بيان صادر عن رئيس اللجنة التنفيذية لنداء أهل السودان هاشم الشيخ الطيب، على أن لعملية السياسية الجارية بلا شرعية حقيقية لجهة أنها إلا القائمين عليها، من قوى حزبية محددة..وأضافت “كل مخرجات هذه العملية الجارية هي مخرجات لن تحقق الاستقرار والسلام، بل ستزيد الصراع، وتهدِّد الأمن القومي، وتبعد الشعب السوداني عن أحلامه في الحياة الكريمة المستقرة”.
وتابعت “التدخل الأجنبي خصوصاً من رئيس بعثة الأمم المتحدة وانحيازه السافر لفئات محدَّدة، وتضليله للرأي العام وإحاطاته المقدَّمة للأمم المتحدة والتي تتسم كذلك بالتضليل، كل ذلك يمثل عقبة حقيقية أمام الحوار السياسي الشامل الذي يحقق الوفاق الضروري للمرحلة الانتقالية”..وشدَّدت على أن العملية السياسية الحالية تمثل تهديداً حقيقياً للبلاد ومستقبلها مضيفة أنها ترفض مخرجاتها وتدعو كافة فئات الشعب السوداني لليقظة التامة تجاه هذه التطورات السياسية.
هيمنة على المشهد
القيادي في ائتلاف الكتلة الديموقراطية مبارك أردول، اتهم قوى إعلان الحرية والتغيير بالسعي للهيمنة على المشهد السياسي.
وقال مبارك أردول، لـ “سودان تربيون”، إن “تنظيمات ائتلاف الحرية والتغيير تسعى إلى الهيمنة على المشهد السياسي”..وأشار إلى أن قيادات الحرية والتغيير يسعون للسيطرة على عملية الانتقال السياسي في البلاد وجعل مؤسسات الدولة المقبلة تعمل حسب اختيارهم.
وقال مبارك أردول: إن الحرية والتغيير تُعطي أولوية للسيطرة على مقاعد الحكم خلال فترة الانتقال وامتلاك القرار السياسي، بما في ذلك التحكم في صناعة ما بعد الانتقال.
حملة تصعيد
في سياق ذي صلة بالوضع الراهن.. أعلنت حركة جيش تحرير السودان، بقيادة منِيّ أركو مناوي، بدء حملة تصعيد ضد العملية السياسية التي وصلت مراحلها النهائية، بإطلاق سلسلة من الاحتجاجات والندوات بالعاصمة والولايات، علاوة على حشد الحلفاء السياسيين لمناهضة الحكومة المقبلة..وتحدث بيان صادر عن الحركة، ممهور بتوقيع متحدثها الصادق النور، الأربعاء، عن تكوين غرفة عمليات مهمتها التعبئة في الشارع للاحتجاج ضد “محاولة مجموعة الإطاري والمكوِّن العسكري للتوقيع على الاتفاق النهائي وإعلان الحكومة”..وكشف البيان الذي أعقب اجتماعاً طارئاً للمكتب التنفيذي للحركة ومكتب ولاية الخرطوم وقطاع المرأة والشباب والطُلاب، بحضور القائد العام الفريق جمعة محمد حقار، عن بدء اتصالات بـ”قوى الثورة الرافضة لاختطاف القرار السياسي” لتأسيس جبهة عريضة لمقاومة الحكومة المقبلة.
إعلان سياسي
في غضون ذلك، أعلن”15″ حزبًا وكيانًا تحت مسمى تنسيقية قوى العودة إلى منصة التأسيس من القوى المؤسسة للحرية والتغيير، الموقّعة عليها قبل 11 أبريل العام 2019م، عن إعلان سياسي في القريب العاجل..وقال المنسق العام للمنصّة محمد وداعة، بحسب الحراك السياسي، إنّ قوى تنسيقية العودة إلى منصة التأسيس تعتزم إعلان سياسي في القريب العاجل.وأوضح وداعة أنّ القوى طالب بالعودة إلى الوثيقة الدستورية العام 2019 تعديل 2020م بجانب استصحاب كلّ وثائق ومرجعيات الثورة التي تشمل أهداف ثورة ديسمبر المجيدة، وثيقة نداء السودان هيكلة الدولة السودانية والبديل الديموقراطي الصادر عن قوى الإجماع، وميثاق قوى إعلان الحرية والتغيير، فضلاً عن الإعلان السياسي واتّفاقية جوبا للسلام والمبادرة الوطنية لحلّ الأزمة السودانية ”مبادرة الميرغني”، والعقد الاجتماعي”حزب الأمة..وأعلن عن تمسّك التنسيقية بالحوار السوداني السوداني عبر منصة سودانية، وأنّ يقتصر دور الثلاثية على تسهيل الحوار فقط.
حل جذري
رئيس الحركة الشعبية ــ شمال عبد العزيز الحلو، قال في تصريح سابق: إن الاتفاق تفادى نقاش جذور الأزمة السودانية ورحلها إلى المستقبل، ومع ذلك يمكنه فتح الباب للحل الجذري.
وقال الحلو، إن الاتفاق الإطاري “تفادى مناقشة القضايا الأساسية وجذور الأزمة السودانية وقام بترحيلها إلى المستقبل، كما يحدث دائمًا”..وأشار إلى أن هذه القضايا تتمثل في علاقة الدين بالدولة وعلاقة الجيش مع المكوِّنات العسكرية الأخرى ومسألة الهوية ومعالجة التشوُّهات في الاقتصاد.
وأفاد بأن العملية السياسية الجارية لن تقود إلى حل جذري للأزمة، لكنها خطوة يمكن أن تفتح الباب نحو الحل في حال البناء على ما يمكن أن يتحقق من مكاسب في التفاوض.
وأبدى الحلو استعدادهم للتفاوض مع الحكومة المدنية المقبلة، حيث أن الحركة تُناضل من أجل قضية عادلة ولا مانع من حلها عبر التفاوض دون الحاجة للحرب..وقلَّل من الخلاف بين الحرية والتغيير والحرية والتغيير ــ الكتلة الديموقراطية، وقال إنه حول قضايا ثانوية بعيدة عن المسائل التي يمكن أن تنقل السودان من خانة الحرب وعدم الاستقرار إلى سودان جديد.
تطورات المشهد
رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال في السودان، فولكر بيرتس، كشف عن توقيع القادة العسكريين والمدنيين على ورقة مشتركة حول مراحل إصلاح قطاع الأمن وجوهره، الخميس الماضي. وأضاف بيرس في إحاطة لمجلس الأمن الدولي، أن الأطراف سمحت للآلية الثلاثية بإطلاق ورشة العمل الأخيرة بحلول نهاية هذا الأسبوع..وأوضح بيرتس أن الورشة ستركز على الخيارات الممكنة لإصلاح قطاع الأمن وإدماج قوات الدعم السريع والحركات المسلحة في جيش وطني محترف واحد. وتابع بيرتس: “يؤمل أن تؤدي إلى خارطة طريق أوّلية لتنفيذ هذه الخطوات في السنوات القادمة”.
وذكر بيرتس لمجلس الأمن أن الأمور تتطور بسرعة في السودان، وأن الموقعين أكدوا التزامهم بالعملية والتحدث حول الخطوات التالية، وأنهم اتفقوا على على بدء عملية صياغة اتفاق سياسي نهائي ودستور انتقالي، وأنشأوا لجنة للتواصل مع الأحزاب والحركات غير الموقعة، ووضعوا جدولًا زمنيًا، للتوصل إلى اتفاق سياسي نهائي والاتفاق على الدستور والبدء في تشكيل حكومة مدنية قبل منتصف أبريل المقبل – بحسب بيرتس، والذي رهن تحقيق ذلك بتوفر الإرادة السياسية اللازمة،
وأشار إلى ضرورة الانتهاء بسرعة من المناقشات حول آلية اختيار رئيس الوزراء، وتشكيل الحكومة، وإلى ضرورة الانخراط في نقاش شفاف مع الجمهور والشباب في الشارع وكذلك مع من لم يشاركوا في العملية السياسية، وذلك لبناء الشرعية للحكومة المستقبلية.
إعادة تجربة
فيما اعتبر تحالف قوى التغيير الجذري العملية السياسية الجارية في البلاد خضوعا للإملاءات الخارجية وتحقيقاً مباشراً لمصالحها على حساب مطالب الثورة السودانية.وقال التحالف: إن الاتفاق النهائي المقرر توقيعه مطلع الشهر المقبل، اتفاق مكرر، ويعيد تجربة اتفاق الوثيقة الدستورية (المنقلب عليها) مع اللجنة الأمنية للنظام السابق» مشدِّداً على أن الاتفاق المرتقب سيكون غير دستوري. وأضاف: “نحن في تحالف قوى التغيير الجذري نعيد التأكيد على أن هذه العملية في الأساس هي تنفيذ حرفي لما يريده المجتمع الدولي وتحقيق مباشر لمصالحه على حساب الخيارات الثورية للشعب..ورأى أن الجداول الزمنية المعلنة لإكمال العملية السياسية والتي تتزامن مع ذكرى إسقاط الثورة..وشدَّد على أن جميع التجارب أثبتت أن كل تآمر ضد الشعب مصيره الفشل.
رفض الحكومة
في غضون ذلك أعلنت حركة «جيش تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي حاكم إقليم دارفور التعبئة للخروج إلى الشارع خلال الأيام المقبلة، رفضاً للتوقيع على الاتفاق السياسي النهائي وتشكيل الحكومة المدنية المرتقبة..وقالت الحركة في بيان: «عقدت حركة جيش تحرير السودان اجتماعاً طارئاً للمكتب التنفيذي، بحضور القائد العام الفريق جمعة محمد حقار، وناقش عدداً من القضايا التي تشغل الساحة السياسية.وأضاف البيان: قرر الاجتماع تكوين غرفة عمليات في العاصمة الخرطوم وبقية الولايات للتعبئة للخروج للشارع خلال الأيام المقبلة لإعلان رفضهم محاولة مجموعة الإطاري (الاتفاق الإطاري) والمكوِّن العسكري للتوقيع على الاتفاق النهائي وإعلان الحكومة.