محمد رابح محمداني يكتب: الشَنْتارة
محمد رابح محمداني يكتب: الشَنْتارة
أذكر في صغري كان هناك ليبي يدعى البرعصي من مدينة الكُفره الليبية، هو صديق عمي، كلما جاء إلى مدينة مليط بسيارته التي نُطلق عليها (عشرين ليبيا) هكذا لا أعرف سبب التسمية..! ولكنها سُميت بذلك ربما أنّ حمولتها تزن 20 طن، أو غير ذلك لا أعلم؛ هي من نوع سيارات المرسيدس، بعد أن يُفرغ شُحنتها في جمارك مليط؛ يذهب بها إلى منزل عمي الذي كان يفصله شارع عن منزلنا.
في صندوق العربة الخلفي نجد الحلوى الماكنتوش ولبان الرامبا، وبسكويت السامبا، وبعض من الفراولة، وعُلب حليب الكارنيشن، وحليب الزهرات، لأوّل مرة تذوقنا طعم الببسي في تلك الليلة؛ أنا وابن عمي بعد أن قمنا بفتح إحدى الزجاجات، كانت الغازات في قمة فورانها..! لذلك تبللت وجوهنا جراء ذلك؛ ثم بعد أن ارتشفنا منها شَعرتُ أنّ الغازات تكاد أن تخرج بانفي، كان شعوراً قلقاً للغاية ومخيفاً بعض الشىء، أبناء الحي أصحابنا في تلك السن اليافعة عندما تتحرك السيارة يقومون بملاحقتها ثم يتسلقونها من الخلف! كانوا يستمتعون بذلك.
هذه المرة السيارة في طريقها إلى وادي كدكون، مكان تجمع الماشية، الإبل والأغنام.. الليبيون بعد أن يُفْرِغوا شُحناتهم المُحْمّلة بالتموين والملابس التي تغذي المدينة يقومون بشحن الماشية، وكان على رأس مكان تجمع الماشية أعمامنا أذكر منهم البارزين والخبراء في ذلك المجال/ جابك الله وموسى أبو أم خميس عليهم رحمة الله، أذكر ذلك جيداً رغم صغر سني في ذلك الوقت، يُطلق على مكان التجمع اسم “الشنتارة” وهي عبارة عن مرتفع لجرف الوادي الغربي، حيث يكون باب الشاحنة الخلفي ملتصقاً مع الجرف لتسهيل دخول الماشية في صندق العربة، يعرف هذا الاسم جيداً الذين عاصروا تلك الفترة، كنا لا نعرف كثيراً عن الخرطوم غير أنّها عاصمة السودان، معظم ثقافتنا من شمال وغرب أفريقيا، لذلك من هنا أناشد أبناء مليط وحكومة السودان أن تعير هذا الجمارك اهتمام، أولاً أن تقوم بتشييده وتزويده بأحدث الأجهزة والكوادر المؤهلة لذلك، وافتتاحه كقناة رسمية كما كان سابقاً قبل ظهور التمرد في دارفور، لأنه هو الشريان الوحيد الذي ينبض منه قلب المدينة، للاستفادة من السلع المتبادلة مع جارتنا دولة ليبيا الشقيقة.
وصلة:
من وداي مكربت في ربوعها يجول
للكفرة وصحاريها العِجاف الهول
في غروبك ربوع خصبة وتبر مبهول
ووديان من عقيق مغسول مطر وسيول
فاصل:
جن باريت صعيد وادي أم عشوش للريح
عملن ضجة حِس أجراس ورش تصليح
ضهر أم قُجة،،،، دام للرحولة مريح
في وداعة الله من غير تذكرة وتسريح