تلميحات غير مُطَمئنة للمالية.. تعثُّر الموازنة الجديدة
تقرير- الطيب محمد خير
أقر وكيل التخطيط الاقتصادي بوزارة المالية محمد بشار، بالبداية المتعثرة لموازنة العام الجاري وعجزها، وأبان أن الاقتصاد وصل مرحلة التباطوء والكساد، وحذَّر من الوصول لمرحلة الفجوة في سداد الالتزامات الجارية، وتابع: لا أحد يستطيع إنكار ذلك، لافتاً إلى أن ماحدث لإجراءات تحرير سعر الصرف وخفض التضخم، نتائج متوقعة، داعياً لإحداث التوازن حتى لانفقد المكاسب التي تحققت على حد تعبيره.
وأكد بشار في المنتدى الاقتصادي الأول للوزارة التزام المالية بالمضي قدماً في تحرير الاقتصاد ورفع الدعم، وأشار إلى أن الدولة طيلة العامين ظلت تعتمد على الإيرادات الذاتية مع قروض بسيطة من الخارج.
وقال الخبير الاقتصادي د.الفاتح إبراهيم لـ(الصيحة): إن البلاد ليست متجهة للانهيار كما يعتقد العامة وإنما الآن تقترب من مرحلة الشلل الاقتصادي بسبب السياسات النقدية الانكماشية التي تبنتها وزارة المالية وبنك السودان في موازنة العام السابق، وقال: إن تلك السياسة رغم أنها أسهمت في خفض التضخم من 4 إلى حد كبير وحافظت على استقرار سعر الصرف، ولكن هناك إجراءات كان لابد من اتخاذها من قبل بنك السودان والمالية وهي التخلي عن السياسات الانكماشية في موازنة العام الجديد بعد أن أدت غرضها، وأصبح وجودها يمكن أن يكون عكسياً ويتسبب في أضرار .
أضاف معلقاً: الآن وجود تلك السياسات الانكماشية والإصرار على وجودها واضح أنه ماضٍ في اتجاه أن تسبب ضرراً في الاقتصاد السوداني الذي مؤكد أنها ستصيبه بالشلل نتيجة إلى عجز المنتجين عن تسويق إنتاجهم وهذا واضح لدى المزارعين الذي غالبيتهم دخلوا للسجون، لأن الحكومة أصبحت في موقف المتفرِّج بدلاً من تحرُّكها باتجاه إنقاذ المنتجين بشراء سلعهم بسعر تركيز لحمايتهم من الإفلاس أو الهروب من القطاع.
وأشار د.الفاتح إلى أن الشلل في الاقتصاد يعني عدم مقدرة المنتجين على سداد الرسوم والضرائب والجمارك وهذا ينعكس في عجز الحكومة عن سداد تسيير الدولة، وهنا كان على وزارة المالية وبنك السودان أن يضخوا السيولة لدعم المنتجين ودعم الاقتصاد ولو بتمويل التجارة الداخلية, وختم الآن العيب ليس في السياسات وإنما العيب في التمسُّك بالسياسات بعد أن أدت غرضها.
وقال الخبير الاقتصادي د.محمد الناير لـ(الصيحة): إن الاقتصاد السوداني يعاني من حالة ركود تضخمي يعني لايوحد حراك أو نشاط تجاري في السودان في نفس الوقت يوجد ارتفاع الأسعار والملاحظ أن موازنة 2022ـــــ 2023 جاءت متضخمة بصورة يصعب تحقيقها وذلك من خلال عقد مقارنة بين الإيرادات العامة للدولة في العام 2022 كانت في حدود 2.9 ترليون جنيه، فلا يعقل أن توضع إيرادات في العام 2023 بمبلغ 7.3 تريلون جنيه، أي بنسبة زيادة 152% وكذلك الانفاق العام 8.3 تريليون بنسبة زيادة عن العام الماضي 142% وبالتالي نجد أن عجز العام الحالي يبلغ 9 تسعمائة مليار جنيه، بنسبة زيادة عن عجز العام الماضي 80%.
وقطع د. الناير لـ(الصيحة) أن موازنة العام الماضي استنفذت كل الخيارات الممكنة من رفع سعر الدولار الجمركي وزيادة الضرائب وأسعار السلع الاستهلاكية الأساسية، وبالتالي لم تصبح هناك مساحة ميزانية العام 2023 لفرض رسوم وضرائب، وأضاف د. الناير هنا السؤال كيف أن تتحقق موازنة 2023؟ وكان على الدولة أن تعيد النظر في الموازنة ومجمل السياسات الاقتصادية .
وعن حديث وكيل المالية عن مضي الدولة في رفع الدعم قال د.الناير في الأساس لايوجد دعم يذكر قضية الدعم هذه يجب أن تكون فيها شفافية ويجب على الدول أن توضح عبر خبراء ماهو الدعم الذي تقدِّمه وما حجمه؟
وقال د.الناير: إن العام الحالي حتى لاتوجد فيه منح ولا قروض حتى الآن، لكن هناك فهم غلط لمصطلح الاعتماد على الذات ويجب أن يفهم في سياقه العلمي الصحيح، وهو ألا يكون الاعتماد على جيب المواطن وإنما توظيف موارد وإمكانيات السودان بكل تنوعها لمصلحة الاقتصاد، على الدولة أن تنظر من زاوية أكثر عمقاً لتصل للإجابة عن كيف توظف موارد السودان وتستغلها لكن بهذه الموازنة المتضخمة بدون قروض وموارد خارجية، والدولة لم تعدِّل الأجور بعد وهنا إضرابات لقطاعات مهمة وحساسة بسبب الأجور، وأن لم تعد الدولة النظر في مجمل السياسات المتبعة قد تذهب الدولة في اتجاه يصعب الرجوع منه.