اليوم جمعة
أبو الرنتيسي
صوموا تصحوا
رمضان شهر عظيم مبارك، نستل من عظمته مسميات عديدة، فهو شهر الصيام والقيام وتلاوة القرءان، شهر العتق والغفران، شهر الصدقات والإحسان، شهر تفتح فيه أبواب الجنات، وتضاعف فيه الحسنات، وتقال فيه العثرات، تجاب فيه الدعوات، ترفع فيه الدرجات، وتغفر فيه السيئات، من صامه وقامه إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، فيه ليلة خير من ألف شهر.
وقد فرضه الله علينا بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة:183…
وقال (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْءانُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ).
ومثل ما هو شهر للعبادة هو شهر للصحة وصفاء النفس، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم (صوموا تصحوا) وقد اكتشف العلماء في عهودنا الحالية فوائد الصيام الحيوية والتي لا تستمر الحياة السوية والصحة الكاملة بدونها.
قال تعالى (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) في هذه الآية تتضح وتتجلى المعجزة العظيمة التي تتمثل في الصوم، ثبت للعلماء أن أي إنسان أو حيوان إذا لم يصم فإنه معرض للإصابة بالأمراض المختلفة، يقول ماك فادون من علماء الصحة الأمريكيين “إن كل إنسان يحتاج إلى الصوم وإن لم يكن مريضاً، لأن سموم الأغذية تجتمع في الجسم فتجعلـه كالمريض فتثقلـه ويقل نشاطه فإذا صام خف وزنه وتحللت هذه السموم من جسمه وذهبت عنه”.
وللصيام فوائد صحية لا تحصى فهو كالشفاط يقوم بعملية امتصاص “النفايات السامة” الناتجة عن المواد المتبقية في الأمعاء، ويعمل على تحسين وظيفة الـهضم، والامتصاص، الكسيس كاريل، عالم في الطب وحائز على جائزة نوبل عن كتابه “الإنسان ذلك المجهول” يقول إن كثرة وجبات الطعام ووفرتها تسببت في تعطل وظيفة أدت بقاء الأجناس الحيوانية وإن الصوم يعمل على تنظيف وتبدِّيل أنسجتنا”.
ويؤكد البروفيسور نيكولايف بيلوي في كتابه (الجوع من أجل الصحة) على فوائد الصيام وينصح كل إنسان بأن يمارس الصوم بالامتناع عن الطعام لمدة أربعة أسابيع، كل سنة كي يتمتع بالصحة الكاملة طيلة حياته، لأن جسم الإنسان يقوم بتخزين المواد الضرورية من فيتامينات وحوامض أمينية في البدن وهي تفقد حيويتها مع طول مدة التخزين.
ولأن الصيام يمنح الجهاز الـهضمي وسائر الأجهزة الفرصة للتجدُّد، فتعود الوظائف نشطة لذا تعمل على إخراجها من مخازنها واستخدامها قبل أن تفسد، وبذلك يصبح الدم أصفى، وأغنى بكريات الدم الأكثر شبابًا.. إذن فوائد الصيام الآخروية والدنيوية لا تحصى ولا تعد فصومو تصحوا ..
والله من وراء القصد